"نهج إنجلترا" في تونس.. "كنز أدبي" يصارع من أجل البقاء
"نهج إنجلترا" في تونس.. "كنز أدبي" يصارع من أجل البقاء"نهج إنجلترا" في تونس.. "كنز أدبي" يصارع من أجل البقاء

"نهج إنجلترا" في تونس.. "كنز أدبي" يصارع من أجل البقاء

تمثّل مكتبة "نهج إنجلترا" في العاصمة التونسية إحدى الوجهات المفضلة لمئات المثقفين والمولعين بعالم الكتاب.

وتعد المكتبة بمثابة "متحف" يزخر بإرث أدبي كبير، لكنها تواجه اليوم، صعوبات وتصارع من أجل البقاء في ظل الطفرة التكنولوجية التي أضعفت الكتاب وأطفأت بريقه.



ووسط ممر ضيّق يمتد على نحو عشرين مترا تتراصّ الكتب على اليمين وعلى الشّمال عند مدخل المكتبة التي يصفها البعض بـ"الكهف" الذي يختزن دررا من الكتب النادرة، يتوارثها القائمون عليها جيلا بعد جيل.

"لكن العزائم بدأت تضعف والمهمة تزداد صعوبة"، وفق ما يؤكد فوزي الهذيلي، وهو صاحب مكتبة "نهج إنجلترا".

ويقول الهذيلي لـ"إرم نيوز" إنه "قضى 53 عاما في هذه المكتبة التي ورثها عن والده، وأمضى أكثر من نصف قرن في تعهّد هذا الإرث من الضياع".

ويشير إلى أن "فكرة بيع الكتب القديمة في تونس تعود إلى شخص يهودي اسمه فيكتور دياز وكان ذلك في أواسط أربعينيات القرن الماضي، إبان الحرب العالمية الثانية".

ويضيف أن "هذا اليهودي أسس مكتبة لبيع الكتب القديمة، وكان يوفر لقرائه الكتب الناطقة بالفرنسية والإنجليزية، إلى أن تطورت المكتبة وتوفرت بها كتب بالعربية".

وقد تولى بوراوي الهذيلي، اقتناء المكتبة بكامل محنوياتها من هذا اليهودي التونسي، وتولى العناية بها والإشراف عليها إلى سنة 1967، حيث سلمها لنجله فوزي الهذلي الذي يشرف عليها اليوم.

وتمثّل المكتبة المنتصبة في أحد شوارع وسط مدينة تونس، فضاء ثقافيا يرتاده المثقفون الذين يبحثون عن أمهات الكتب وعن مصادر قد يحتاجونها في بحوثهم ودراساتهم، لا تتوفر بمكتبات أخرى.

ويؤكد الهذيلي أن "هناك أيضا وزراء تونسيين عملوا منذ عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، يقبلون على المكتبة منذ عقود".

ويتابع: "دأب على زيارة هذه المكتبة الوزير الأسبق الشهير الباهي لدغم والسياسي الفرنسي فريديريك ميتران، الذي أمضى أربع سنوات في تونس في تسعينيات القرن الماضي، وكان يغرق لساعات في الكتب المعروضة في المكتبة".

ويردف: "وضع ميتران، دليلا كاملا لتشجيع الفرنسيين على زيارة المكتبة وأسهم في إشعاع المكتبة التي أصبحت تستقطب السياح الفرنسيين، لا سيما أنّ موقعها قريب من وسط المدينة ومن محطات النقل، ويطغى على الشارع الذي تنتصب فيه المكتبة المعمارُ الفرنسي".

ويقدم الهذيلي شهادته عن المكتبة قائلا: "كنت مغرما بالكتاب وأرتاد المنازل لاقتناء الكتب القديمة وذهبت إلى فرنسا أيضا لهذا الغرض".

ويبين أن "في المكتبة عناوين لا تجدها في مكتبات أخرى، وكنت أسعى دائما إلى أن تتوفّر بمكتبتي عناوين لا أجدها في أيّ من المكتبات".

وكشف أن "دولا عربية أبدت رغبتها في اقتناء المكتبة برمتها، دون أن يوضخ موقفه من هذا الأمر".

ويقول إنه "تعب بعد 53 عاما من خدمة الكتاب"، مضيفا "هرمت وخار عزمي" موجها نداء للحفاظ على هذا الإرث الأدبي.

ويشير الهذيلي، بشيء من المرارة، إلى أن "العادات تغيرت، حيث كان الآباء في السابق يرافقون أبناءهم إلى هذه المكتبة ويختارون لهم من الكتب أجودها ويحثّونهم على المطالعة، ولكن تراجعت هذه العادات الجميلة اليوم أمام طغيان الوسائل التكنولوجية".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com