"متحدون في التنوع".. معرض فني عن التشارك الاجتماعي في غزة
"متحدون في التنوع".. معرض فني عن التشارك الاجتماعي في غزة"متحدون في التنوع".. معرض فني عن التشارك الاجتماعي في غزة

"متحدون في التنوع".. معرض فني عن التشارك الاجتماعي في غزة

انطلق في مدينة غزة، مساء أمس الأربعاء، المعرض الفني "متحدون في التنوع"، بمشاركة محترف شبابيك، وبرنامج الفنون المعاصرة- التقاء، وأتيليه غزة للفن التشكيلي، ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، وذلك على هامش زيارة وفد رؤساء البعثات الأوروبية، وأعضاء الاتحاد الأوروبي للقطاع.

واحتضن الحدث المعهد الفرنسي في غزة، بحضور حشد جماهيري من مدراء المؤسسات الأهلية، والأدباء والفنانين، والصحفيين.



وتأتي رؤية المعرض ضمن جهود المبدعين في غزة، بالتشارك مع المؤسسات الدولية، من أجل تحوير فكرة التشارك المجتمعي رغم الاختلاف والتباين في معظم التفاصيل، والقدرة على صناعة الحياة للجميع.

وتم من خلال اللوحات نقل الإبداع الفلسطيني، وتجسيد هوية الذات الفلسطينية، وكذلك نقل قدرة هذا المجتمع المنهك على التماسك والاتحاد، رغم التغيرات الفكرية التي تطرأ عليه بفعل الحرب والحصار، وبما تشتمله الطبيعة الإنسانية من اختلاف وتنوع.

وتنوعت الأشكال الفنية المقدمة خلال المعرض، ما بين اللوحات التجريدية والأعمال التركيبية واللوحات المصنعة بواسطة التصوير الإلكتروني والدمج عبر التركيب.

وشارك في المعرض العديد من الفنانين الفلسطينيين الشباب؛ في محاولة لنقل معاناة الفنان الفلسطيني، وصورة من هواجسه، وتغيرات ذاته خلال فترة الحروب المتكررة على قطاع غزة.



حبل الحياة

وتقدم الفنانة التشكيلية مرام صقر ذات المرأة الفلسطينية المعرضة للطمس والتشويه، عبر فقدان التفاصيل الصغيرة، ومحو الملامح في الوجه، من خلال لوحات فلسفية تجريدية، تحاكي من خلالها العين الإنسانية، والوعي عن تجربة المرأة القاسية عبر سنوات طويلة من الحصار والحروب لهذه البقعة الضيقة.

فنجد الدوائر الكثيرة في لوحات صقر، والتي تلتف داخل الجسد وحول الوجه، لتعبر عن القيود والمتاهة والحيرة في ملامسة الواقع، والتيه في اكتشاف الهوية الإنسانية.



كما نجد الجنين الضعيف المتمسك بالحياة داخل رحم الأم، في مشهد فني تعبيري يجسد واقع الإنسان الفلسطيني داخل رحم الأم الكبيرة فلسطين.

أما الحبل المنطلق برفعه وضعفه وسط كل الطرق الشائكة يمضي نحو الحياة بانحناءاته، وتكوره، كنوع من الحماية.. هذه الكتلة الصغيرة، هي السر في استمرار الحياة على هذه الأرض الممتلئة بالتعب.

الجيوكاندا والكوفية

أما الفنانة أسماء الجعيثني فتستطيع عبر اللوحات القائمة على التصوير والدمج، من نقل الموناليزا للحالة الفلسطينية عبر لوحاتها المتعددة، التي قدمت فيها رمزية الموناليزا العالمية، بارتدائها الكوفية، التي تعتبر رمز الكفاح الفلسطيني منذ ثلاثينيات القرن الماضي.



وهذا الدمج يحمل إسقاطات الوعي عبر نظرة الجيوكاندا ثنائية الأبعاد التي تجعل من النظر إليها من أي اتجاه، يحمل نفس الأثر، وكأن الفنانة أرادت أن تفترض نفس الرؤية للقضية الفلسطينية، بأن العين أينما نظرت، ستجد فلسطين أمامها محتفظة بنفس النظرة المكلومة للعالم.

هذا التجسير الجمالي لنقل الهوية الفلسطينية، وتعميمها بالرمز العالمي للموناليزا، هو مهمة المبدع الفلسطيني، في التحاكي مع الإنسان في العالم كله.

جدارية مكعبة

وفيما احتضنت ساحة المعهد الفرنسي كلمات الافتتاح، كان الجزء الأيمن من الحديقة يحتضن جدارية مكعبة تم رسمها مباشرة أمام الحضور، بمشاركة الفنانات والفنانين، فداء الحسنات، حازم الزمر، أيمن الحصري، وشيماء حسنين.



فاللوحات الملتفة على جميع الاتجاهات، حملت رؤية مشتركة لنقل فكرة جماعية من خلال الفنانين المشاركين.

فنرى تعدد الوجوه المكثفة بالملامح المتباينة، والألوان البيضاء والسمراء لها، ونجد المرأة والرجل والطفل والكاهل، كلهم اتحدوا ليصنعوا المشهد الواحد، بتباين الصفات والتركيبات بينهم.

وبالرغم من اختلاف الأفكار في الجداريات الأربع، إلا أن الرابط اللغوي وزخرفة الفن الجرافيكي عبر اللغة العربية، كان خيط الحوار والربط بين جميع اللوحات.

وتقول الفنانة التشكيلية فداء الحسنات لـ "إرم نيوز": "لقد تبنينا فلسفة الربط بين المفاهيم والأشكال والرموز الفنية، عبر خيط التواصل اللغوي، واللغة هي أساس الحوارات الإنسانية القادرة على ردم الفجوات، والاتحاد المجتمعي برغم كل الاختلافات".

وتضيف الحسنات: "حتى في لوحاتنا اعتمدنا التشارك من خلال وضع كل فنان لمساته على لوحة الآخر، بهدف الترميز لقدرة التشارك المجتمعي رغم التباين والاختلاف على صناعة المشهد الجميل والشبكة الاجتماعية الموحدة".



عالم مكتظ بالألوان

وفي عملها جسدت الفنانة التشكيلية عطاف النجيلي عبر ورق الكرتون المقوى والألوان المختلفة، التمايز بين المكونات الاجتماعية والمباني، مقدمة تكوينًا فنيًا كثيف التفاصيل، عبر المكعبات الفنية والمربعات والثقوب، لكن هذا المحتوى الممتلئ بالاختلاف، يجمعه مشهد واحد، لربما لو نظرنا إليه من بعيد، سنجد وجه إنسان بملامح مبهجة، كترميز متقصد من الفنانة بأن الاختلاف يمكنه أن يضيف المزيد من الجمال عبر الحوار والتقارب، ليتحقق بذلك الاتحاد الاجتماعي في أبهى صورة له.



تقول عطاف النجيلي: "لطالما كانت مهمة الفن ردم الفجوات والثقوب الاجتماعية والذاتية، لذا استخدمت هذا التكوين الكرتوني، بهدف إعادة تدوير التفاصيل من الطبيعة، وهذا ينطبق أيضًا على الأفكار من أجل تحقيق الاتحاد الجمعي".

وتضيف النجيلي: "العالم ليس بمجدٍ دون ألوان، وهذا التعدد في البعد اللوني، يمنح العالم العمق الأكثر والقدرة على التقدم والاستمرار، فاللون الواحد طريق بلا تفاصيل أو جدوى، وأخيرًا، سيأخذ المشهد إلى الموت الحتمي".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com