"الحجارة علّمتني بهاء الفعل".. النحاتة العالمية منى السعودي تفارق الحياة
"الحجارة علّمتني بهاء الفعل".. النحاتة العالمية منى السعودي تفارق الحياة"الحجارة علّمتني بهاء الفعل".. النحاتة العالمية منى السعودي تفارق الحياة

"الحجارة علّمتني بهاء الفعل".. النحاتة العالمية منى السعودي تفارق الحياة

توفيت، مساء الأربعاء، النحاتة والشاعرة الأردنية منى السعودي عن عمر ناهز 77 عاما، بعد صراع مع المرض.

واعتبرت النحاتة الراحلة، التي توفيت في العاصمة اللبنانية بيروت، خلال العقود الماضية، رائدة النحت التجريدي المعاصر في الوطن العربي.

ورأت السعودي الحياة من جانب مغاير، بالغوص بين الصخور وتحدي الصعاب، لكي تصنع من المادة الخام في الطبيعة عالما موازيا، باحثة عن المعنى المتجدد للوجود.

واحترفت الفن لتعيد تجسيد أفكارها وتقدم خيالها بارزا للعالم.

وشكلّت من خلال مشوار تطويع الصخر رحلة من الإبداع، لا يمكن المرور عنها دون تأمل.

ونحتت منى السعودي المادة الصخرية الجامدة، والرخام الملون، لتصوغ فلسفتها الخاصة، وأفكارها عن الحياة والإنسان، والأرض والكون بأكمله.

وتأثرت بشكلانية الأرض وتفاصيلها، واستخرجت منها صوتا جديدا للفن، من خلال تحرير مادتها، باستخدام الأدوات القاسية، الإزميل والمطرقة وأدوات النحت الأخرى.

وخلال ما يزيد عن خمسين عاما من الإبداع، كانت الراحلة باحثة دائمة عن ذاتها وكينونتها من خلال التشكيل الصخري، الذي يحمل مدى قساوة الحياة التي خاضتها.



منحوتات ملهمة

وتأثرت الفنانة الراحلة بالتنقل ما بين مسقط رأسها الأردن ولبنان، وقدّمت الكثير من المنحوتات الملهمة، التي اشتغلت عليها في محترفها النحتي بحي كليمنصو ببيروت.

ومن أبرزها :"قمر مكتمل" وصنعتها من حجر الترافيرتين، ومنحوتات "أمزجة الأرض" و "كسوف القمر" و "المتشرد" ونحتتها من حجر اليشم الأخضر المتماوج.

كما قدّمت منحوتة "المرأة النهر" من مادة الجرانيت الأخضر الزمردي.

وفي كل مرة كانت السعودي تقدم عملا، كانت تعبر عن عشقها وانغماسها في تفاصيل الأرض، مقدمة هوية جديدة لهذه التفاصيل عبر إبداعها.

وخلال رحلتها، شهدت أعمالها المزيد من الألق والاهتمام المحلي والدولي بفنها، حيث عرضت منحوتاتها في المعرض الوطني للفنون الجميلة في الأردن، وكذلك المتحف البريطاني، ومتحف سرسق في بيروت، منذ العام 1993 حتى 2011.

كما قدّمت أعمالها في معرض بينالي القاهرة الدولي 2003، ومعرض الفن الدولي لفلسطين ببيروت 1979، ومتحف الوادية في المغرب 1999، ومؤسسة عبد المحسن القطان في لندن 2010، ومتحف غوغنهايم في إسبانيا، وساحة العالم العربي، ومتحف رودان في فرنسا، والمتحف المشرقي في موسكو 1979، وغيرها.



ولدت منى السعودي في الأردن العام 1945، وتخرجت من كلية الفنون الجميلة بباريس العام 1969، وأقامت في بيروت، فهنالك كان بيتها ومختبرها النحتي، كما وتنقلت خلال حياتها ما بين الأردن ولبنان.

وكانت للراحلة بالإضافة للفن، نشاطات ثقافية متعددة، عبرت عن روح اجتماعية ومؤسسية متجددة، وامتلكت الشغف لصناعة مشهد ثقافي في لبنان والأردن، مع أدونيس وعباس بيضون وأنسي الحاج ومحمود درويش وغيرهم.

وتسببت نشأتها في منطقة جبلية بالأردن بتشكيل فريد لهويتها الفنية، حيث عاشت طفولتها في بيت هو جزء من الموقع الأثري المسمى" سبيل الحوريات" في المدرج الروماني في عمّان.

وفي شبابها بدأت رحلتها في المدرسة العليا للفنون الجميلة في باريس العام 1964.

وأكملت رحلة التأمل مع مادة أرضية بمواصفات جديدة، لاستنباط معانٍ جديدة، وأسست لصوت إبداعي مختلف، ومتعدد الرؤى.

وفي جانب الشعر، كانت للراحلة تجارب مختلفة في بدايتها، فقدمت المجموعة الشعرية "رؤيا أولى" العام 1970، ومجموعة أخرى بعنوان "محيط الحلم" في العام 1993.

وكانت كتاباتها مستلهمة أيضًا من صوت الحجارة وطريقة تشكلها، والزوايا والأدوات والمعاني، التي يمكن تطويعها لاكتشاف الحجر، وما تهديه الأرض للإنسان من معنى وخيرات.

ومما كتبت الراحلة منى السعودي

"لحجارة نرفع منها محيط الحلم، لحجارة تسكن فيها بدايات ونهايات، لحجارة حبلى بشوق التجلي، لحجارة أنسج منها ضوء الفرح، لحجارة علّمتني بهاء الفعل، أستند عليها كلما مسنّي التعب، أو طرق بابي اليأس".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com