رحلة في كوكب مدمر.. توم هانكس يتألق في فيلمه الجديد "Finch"
رحلة في كوكب مدمر.. توم هانكس يتألق في فيلمه الجديد "Finch"رحلة في كوكب مدمر.. توم هانكس يتألق في فيلمه الجديد "Finch"

رحلة في كوكب مدمر.. توم هانكس يتألق في فيلمه الجديد "Finch"

نجح النجم توم هانكس مرة أخرى في تعزيز حضوره في المشهد السينمائي العالمي، بدور بطولة فردية في الفيلم الأمريكي "Finch" الصادر مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ويصور نهاية الحياة البشرية على كوكب الأرض إثر حدث كوني قاتل.

وتدور أحداث العمل في المستقبل القريب، إذ يتسبب انفجار شمسي في القضاء على الحياة في كوكب الأرض، بعد تمزق طبقة الأوزون والارتفاع المفرط لنسبة الأشعة فوق البنفسجية.



أنسنة الأشياء

ويتكئ الفيلم بالكامل على قدرات هانكس الفنية وموهبته المتأصلة في جذب المشاهد وقدرته على خلق رابط للتعلق بالشخصية الوحيدة في العمل، وما تعانيه من وحدة مفرطة بعد فناء البشرية.

ويبدو أن المخرج لجأ إلى قدرة الفنان على أداء هذا النوع من الشخصيات الجدلية، بعد نجاح فيلم "Cast Away" الصادر عام 2000، الذي أجاد هانكس في أداء بطولته الفردية بتجسيد دور مفقود على جزيرة معزولة.

وعلى غرار فيلم "Cast Away" يعمد بطل فيلم "Finch" إلى درء شبح الوحدة وكسر ضغط العزلة المفرطة، من خلال أنسنة الأشياء وخلق حوارات فلسفية وجودية معها وكأنها كائنات حية.

والجديد في فيلم "Finch" التواصل مع روبوت بشري، يصنعه في اللحظات الأخيرة بجهد كبير، ليصبح مؤنسا له في وحدته، ويساعده في رعاية كلبه جوديير.



إنسانية

يركز الفيلم على الجانب الإنساني، من خلال خوف البطل المفرط على مستقبل كلبه، إذ يعاني البطل من أعراض مرضية مميتة بسبب تعرضه للإشعاع الشمسي.

ويظهر الجانب الإنساني في الفيلم أيضا من خلال منح الروبوت جيف مشاعر إنسانية، تخوله التفاعل مع الكلب، لتتطور خوارزمياته إلى عواطف خاصة تبني شخصيته، من خلال التعلم العميق للآلات.

التعلم العميق

ويبدو الروبوت جيف كطفل فضولي شغوف بالمعرفة ومفعم بالحياة، لا يكف عن طرح التساؤلات؛ والمتعلقة منها بالجوانب العاطفية بشكل خاص.

ويحتاج التعليم العميق للآلات كمية كبيرة من البيانات وقدرات حسابية هائلة، توسع قدرات الذكاء الاصطناعي للوصول إلى التفكير المنطقي، ويكمن ذلك في البرنامج ذاته؛ فهو يشبه كثيرا عقل طفل صغير غير مكتمل، ولكن مرونته لا حدود لها.



الثقة

وتتمحور الفكرة الأساسية للفيلم حول بناء الثقة، ويسعى البطل إلى زرع تلك القيمة في الروبوت، فهو لا يستطيع رعاية الكلب بعد وفاة البطل، إلا إذا تمكن من تشييد دائرة متينة من الثقة مع الحيوان الأليف.

وأمام إصرار الروبوت على مد جسور الثقة مع الكلب، ينجح أخيرا في تحقيق هدفه محققا قفزة في وعيه، تلامس المشاعر الإنسانية، ولكن هل يصل إلى ذلك بعد فوات الأوان؟.

كوميديا

ويركز العمل على العلاقة الودية بين الثلاثي فينش وجيف والكلب المدلل، وتخللت المشاهد لمحات كوميدية درامية لطيفة وحوارات ممتعة تترك أثرا جميلا.

وعمد المخرج إلى تحسين صورة الروبوت وارتقائه إلى منزلة البشر من خلال انفعالات معينة تبدو على وجه الروبوت جيف وكأنه متعاطف مع معاناة فينش، وما يرويه من أحداث وقصص عن عالم البشر.

ونجح الروبوت جيف بتجسيده شخصية طفل صغير، يكتسب المعرفة تدريجيا، ويتصرف كشخص حقيقي يتمتع بمخاوف، ويقوم بسلوكيات مؤذية ويطرح أسئلة غريبة، ويواجه نوبات غضب ويتفاعل بطريقة غير متوقعة.

ويعكس الكلب في حركاته صورة جمالية عن الحب والإخلاص تجاه فينش، ودعم ذلك مشاهد الغيرة من جيف والريبة منه.



إسقاطات

يحاكي الفيلم العملاق النائم داخل كل شخص، وكيف يمكن للإنسان النجاة من خلال إيمانه بنفسه وقدراته.

ونشهد في العمل إيمان الروبوت جيف بنفسه، رغم تأكيده الدائم بأنه مطيع لصانعه ويعتبره مثله الأعلى، ولكن محبته المفرطة لذاته تدفعه إلى خوض التجربة الحقيقية ليكسب علامة التفوق والنجاح، كأي بشري يبحث عن معنى لوجوده.

وأعطت المؤثرات البصرية والصوتية للمشاهد شعورا لامس الواقع، مع تركيز المخرج على التفاصيل الصغيرة، وتصوير تعابير وجه فينش وتبدل ملامحه وردات فعله.

إضافة إلى إتقان هانكس للغة الجسد وقدرته على مواءمة أدائه الصوتي مع المشهد، ونجاحه في تقمص الشخصية وإقناع المُشاهد بدوره.

نهاية متوقعة

ويِندرج العمل تحت خط درامي عائلي والخيال العلمي الممزوج بكوميديا لطيفة، على الرغم من النهاية المتوقعة وغياب عنصر المفاجأة.

وشاب الفيلم لقطات إطالة لم تركز على تقديم فكرة أو حوار يخدم العمل، بل هدفت بالدرجة الأولى إلى اللعب على عواطف المشاهد.



نقد سينمائي

وأشار الناقد الإسباني بيساي غارسيا بينتز إلى أن "الفيلم يرتكز على الديناميكية اللطيفة بين العائلة الثلاثية المكونة من بشري وروبوت وكلب، وتكمن رسالته في جوهره العاطفي".

وقال بينتز إن "الفيلم يخلو من المفاجآت، ولم يطرح قضايا مثيرة للجدل أو الاهتمام؛ مثل التشويق أو الجريمة والعنف، وكان من السهل التنبؤ بأحداثه كافة"؛ وفقا لموقع "إلي سبولير" الإسباني.

ورأى الناقد سيباستيان جروس أن "الفيلم يقدم طرحا مؤثرا يحاكي الإنسانية، وعلى الرغم من مبالغة المخرج في تركيزه على المشاعر، عوض هانكس عن ذلك بتمثيله اللافت ودوره المتوازن".

وأوضح أن "العمل لا يدور حول فكرة الصراع من أجل البقاء، ولا السجال عن إيجابيات الذكاء الاصطناعي وسلبياته، أو المخاوف المتعلقة بالمستقبل والتقنيات الحديثة، بل هو فيلم مختلف بفكرة جديدة وعائلة لطيفة تعكس صورا وجدانية وتذكرنا بمعنى الإنسانية"؛ وفقا لموقع "موفي بريك" الألماني.

في المقابل، وصف الكاتب والناقد كريس بارسانتي، عضو مؤسسة شيكاغو لنقاد السينما، الروبوت "بالأخرق والمزاجي والمتشوق للتنفيذ والإرضاء، وكانت مشاهد المشاعر والفكاهة مبتذلة جدا، وأخذ فينش المُشاهد في رحلة مزعجة ما بعد نهاية العالم"؛ وفقا لمجلة "سلانت" الأمريكية.

العمل من إخراج مايكل سابوجنيك، وشارك في بطولته كيلب لاندري جونز، وسميرة وايلي، ولورا هارير، وسكيت أولريك.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com