الجوائز الأدبية.. هل تعد تقييما حقيقيا للكتاب؟
الجوائز الأدبية.. هل تعد تقييما حقيقيا للكتاب؟الجوائز الأدبية.. هل تعد تقييما حقيقيا للكتاب؟

الجوائز الأدبية.. هل تعد تقييما حقيقيا للكتاب؟

مع تزايد الاهتمام بالجوائز الأدبية في المشهد الأدبي العربي، وازدياد عدد الجهات المانحة للجوائز، طفا على السطح الكثير من الكتاب العرب، سعيا للتتويج بجائزة ما، أو الوصول إلى القائمة النهائية فيها، وصار نيل لقب الجائزة هدفا من أهداف الكاتب العربي بل وفي العالم.

ويرجع ذلك إلى الزخم الذي يناله الكاتب إعلاميا، وما يتبعه من تسليط الضوء على منشوره، بالإضافة إلى تهافت دور النشر على اسمه، لطباعة منتجه القادم، لكن هل تعتبر الجائزة الأدبية تقييما حقيقيا للمنتج الأدبي للكاتب؟ وهل من فائدة فنية تعود بالنفع على الإرث الأدبي؟ وهل هي نافعة أكثر مما هي ضارة؟

ربما تكون الإجابات هنا مثار جدل حول جدوى الجائزة الأدبية، ومدى أثرها في مسيرة الكاتب حقيقة، وفي تطوير المشهد الأدبي برمته.

فكرة الجائزة الأدبية تبدو حديثة في الوطن العربي بعض الشيء، لكنها موجودة في العالم منذ قرون طويلة، فكان "الإغريق" أول من منحوا للكاتب جائزة لزيادة التنافس بين المبدعين، وفي إنجلترا كانت جائزة "جيمس تيت بلاك" أول جائزة أدبية، حيث انطلقت في 1919، وحازها الشاعر آدم فوكس.

بريد إلكتروني ممتلئ

تعددت الجوائز العربية الممنوحة في الآونة الأخيرة، وتزايد أعداد الكتاب المترشحين لها، ففي بعضها يتخطى عدد المتقدمين خمسة آلاف كاتب، بهدف الحصول على المقابل المادي الذي بالطبع ينتشل الكاتب العربي من الفقر، ويساهم في إيجاد جودة لحياته، كما أن الفوز سيضمن له شهرة من الصعب الوصول إليها في الوضع الطبيعي، والفائدة الأكثر جدوى لديه هي أن لا مشقة فيما بعد في البحث عن دار نشر جيدة لطباعة منتجه القادم، بل بالعكس، سيكون بإمكانه المفاضلة بين عروض دور النشر التي ستتهافت على بريده الإلكتروني، إنه سيكون في مرحلة عكس مسيرة الدائرة، فعلى قاعدة أن تبيع الكثير من الكتب تصل إلى القمة، وبعد عكس حركة الدائرة يمكن القول أن تصل إلى القمة فتبيع الكثير من الكتب.

ومن الفوائد التي تعود على الكاتب بعد الفوز بالجائزة، ترجمة منشوره للغات مختلفة، واحتكاكه بالعديد من المؤلفين من دول مختلفة، خلال الندوات المنظمة بعد الجائزة.



أبرز الجوائز

وقد تعددت الجوائز العربية المدشنة خلال العقدين الأخيرين، فلمع العديد من الجوائز في الوطن العربي، منها جائزة البوكر، وجائزة كتارا، وجائزة حمد بن راشد الشرقي، وجائزة الشارقة، وجائزة الشيخ زايد، وجائزة الملتقى للقصة، وجائزة نجيب محفوظ، وجائزة الطيب صالح، وغيرها.

وفي هذا العصر تعتبر جائزة مان بوكر العالمية أشهر الجوائز في العالم، وقد صعدت إلى منصة تتويجها مؤخرا الكاتبة العمانية جوخة الحارثي عن رواية "سيدات القمر".

فبعد نقاش بين بوكر وجمعية الناشرين البريطانيين وقتها، كان الاتفاق على انطلاق هذه الجائزة في عام 1968، بهدف حماية المصلحة العامة للكاتب، وخلق روح للتنافس، ومكافأة الجدارة، والأهم هو زيادة الترويج للمنتج الأدبي، ومضاعفة مبيعاته.

وفي عام 2007، انطلقت الجائزة العالمية للرواية العربية، وتعد من أهم الجوائز الأدبية في العالم العربي. وتهدف الجائزة إلى مكافأة التميز في الأدب العربي المعاصر، ورفع مستوى الإقبال على قراءة هذا الأدب عالميا من خلال ترجمة الروايات الفائزة المتأهلة إلى القائمة القصيرة إلى لغات متعددة أخرى ونشرها.

وفي ظل العائد المادي الممنوح من قبل منظمي الجوائز بشكل عام، كيف يمكن أن تبقى الفائدة الفنية على مستقبل منتج الكاتب في أطرها الصحيحة؟ وهل ينحرف مسار الهدف المنشود من الجائزة بسبب التداخل ما بين التجارة والأدب؟ أفكار كثيرة تدور ما بين طموح الكاتب في حياة أفضل ماديا - وهذا حق أصيل - وما بين شغف القارئ لمطبوعات إبداعية تكون على نفس القدر من الزخم الذي منحته الجائزة لمنتج الكاتب.



لجان التحكيم والإخفاقات

وفي حال تعمقنا أكثر، فإنه ليس من الضروري أن يكون تقييم لجنة من خمسة أعضاء متطابقا مع الذائقة العامة، وهذا يأخذنا إلى أن ليس كل فائز جماهيريا، ولربما تمثل قضية المنتج الأدبي أهمية سياسية لدى مانح الجائزة فيعطيها الأولوية، إذن فالأمر يخضع لعدة معايير ليس من أولها الجانب الفني والأفكار، وهذا يحبط الكثير من قيمة وجدوى هذه الجائزة.

وهذا ما حدث في جائزة 2019، حين خرج أحد أعضاء لجنة جائزة البوكر العربي ليعلن للجمهور الفائزة باللقب قبل الموعد المحدد، وكانت الفائزة الكاتبة اللبنانية هدى بركات، وذلك لقطع الطريق على عضو آخر في اللجنة، كان يميل لإعطائها لإنعام كجه جي العراقية، التي بدورها قاطعت الحفل الختامي لاعتراضها على النتيجة.

وفي عام 2019، منحت لجنة البوكر مارغريت آتود وبرناردين إيفاريستو اللقب مناصفة، في مشهد مضحك، وفيه خرق لقوانين الجائزة التي يجب أن ينالها كاتب واحد فقط. مثل هذا القرار يلمح إلى مقدرة اللجنة على التلاعب بمعايير النتيجة، وإضافة مكون جديد إلى الطبق، لا يهم أن يفسد الطعم أم لا. لقد تحولت الجائزة حينها إلى جائزة ترضية لا جدارة.

ولقد طفا على السطح في عام 2018، فضائح جنسية متعلقة بلجنة جائزة نوبل للأدب، أظهرت الوجه البشع الذي يتخفى في بعض لجان الجوائز، وأدت إلى حجب الجائزة حينها، ودمجها مع لقب 2019، في فضيحة مدوية لجائزة تعتبر الأقدم في العصر الحديث حيث انطلقت في 1901.

لقد أصابت مثل هذه الإخفاقات والفضائح في هيكل الجوائز الممنوحة العديد من الكتاب بالإحباط، ومنهم من اتجه للمقاطعة، واتجه لاستعراض تقييم الجمهور حول كتابه على موقع "جود ريدز"، الذي ينشط عليه القراء والنقاد أيضا، ويوجد عليه طرح فني حول الكتب، يحقق الراجع الأكثر جدوى من الجائزة للكاتب.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com