مسلسل "مدرسة الروابي للبنات".. صراع درامي حول التنمر والانتقام
مسلسل "مدرسة الروابي للبنات".. صراع درامي حول التنمر والانتقاممسلسل "مدرسة الروابي للبنات".. صراع درامي حول التنمر والانتقام

مسلسل "مدرسة الروابي للبنات".. صراع درامي حول التنمر والانتقام

بعد فترة قصيرة من إطلاق مسلسل "جن"، أطلقت "نتفليكس" مؤخرًا المسلسل الدرامي "مدرسة الروابي للبنات"، للمخرجة الأردنية تيما الشوملي، حيث أثار ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة لدى الأردنيين، لما يحمله المسلسل من أفكار يعتبرها المجتمع الأردني دخيلة، وغير واقعية، واعتبر الكثيرون أن هذا المسلسل يساهم بتشويه صورة المجتمع الأردني، فهل كان هذا واقعيًا؟

من الواضح أن "روابي" المكون من 6 حلقات، يحاول تخطي النمط المهتم بالحياة البدوية التي تمثل التراث الجوهري للشعب الأردني، إضافة إلى إطار الكوميديا السائد في الدراما الأردنية على مدار عقود، إذ يأتي العرض بمساحات مختلفة عن حياة المراهقة لدى الطالبات، ويكشف عن أفكارهن، وعواطفهن، والهاجس والرؤية الحداثية للحياة، بما في ذلك الصراع الأزلي بين الخير والشر داخل الإنسان.

مراهقة

تدور بؤرة المسلسل حول حياة المراهقة لدى المرأة، وما يتخللها من تغيرات في الأفكار، وتسلط الضوء على قضايا هذا الجيل بشكل يميل إلى الصراحة، ويتجنب المواربة عن إشكاليات اجتماعية، تحت نطاق المسكوت عنه في المجتمعات العربية بشكل عام.



مسلسل "روابي" يدمج بين الأحداث الواقعية، والدراما بما فيها من خيال، من أجل معالجة ظاهرتي التنمر والانتقام داخل المدرسة المتواجدتين بالفعل في كافة المجتمعات، لكن هذا العرض يتيح المجال أمام مجتمع الطالبات الإفصاح عن أفكار منتقدة اجتماعيًا في الوسط العربي.

وتروي قصة المسلسل، تعرض إحدى الطالبات داخل المدرسة للتنمر من قبل طالبات أخريات، فتبدأ تلك الطالبة مع مجموعة من المهمشات بإعداد خطة للرد والانتقام على "شلة" المتنمرات، والغريب أنها شملت في خطتها، الانتقام من المعلمة عبير "ريم سعادة" لأنها لم تعطها حقها في حادثة التنمر، ووقفت موقفًا باردًا.

قضايا

في المسلسل هنالك صوت صارخ يحمل وجهة واحدة، لإظهار العيوب الكامنة في مجتمع المدرسة الضيق، وهذا ينسحب على المجتمع الأردني بشكل عام، فتبرز قضايا التنمر والسب والشتم، والانتقام، والكراهية، كما يتم التطرق إلى الحالة النفسية لدى الطلاب، ودوافع الانتحار، وعدم قدرة الأهل على احتواء الأبناء في مرحلة المراهقة.

كما ظهر جانب سلبي آخر متمثل بالتحرش، وما تتعرض له الفتيات من ألفاظ وحركات تسيء للمجتمع، وتشكل ضغطًا على الحالة النفسية للفتاة، فيما يظهر في المسلسل انتقاد موارب للأنظمة الحاكمة، من خلال إظهار قدرتها على التحكم في المؤسسات الخاصة، وتوجيهها لما يخدم المصلحة الضيقة.

شخصيات مركبة

وتقوم الفكرة الدرامية الصراعية بين البطلات على القطبية في الأفكار، إذ إن هنالك شخصيات مركبة في كم التناقضات الذاتية الموضوعة في الشخصية، ومتراكبة أيضًا من خلال تطور الصراع الدرامي إلى ذروته لحظة الانتقام، وتقوم بالبطولة: "نور طاهر بدور ليان، جوانا عريضة بدور رانيا، ركين سعد بدور نوف، يارا مصطفى بدور دينا، فارس البحري بدور أحمد، سميرة الأسير بدور سمية، وأندريا طايع بدور مريم، وبسيناريو من تيما الشوملي.

وينتقل المسلسل إلى مرحلة الكشف عن تاريخ الشخصية المتنمرة بهدف معالجتها، حيث يكشف عن أبٍ لتلك الشخصية غير مبالٍ يقوم بأفعال غير أخلاقية بمعيار المجتمع العربي، ومقموعة في بيتها، فيما تبدو الفتاة الطيبة من عائلة متوسطة الطبقة الاجتماعية، وتعيش حياة نمطية.



توازن

ويقدم المسلسل شخصية نوف "ركين سعد" التي تحمل صفات التوازن، وتقوم بفعل الخير من خلال أدوات تعد شريرة، حيث تخترق النظام المدرسي، لتعمم الامتحانات للطلبة قبل ميعادها، وتواجه الصعاب من أجل فعل ذلك، وهذه الشخصية المركبة الخيرة، تعرض نمطًا اجتماعيًا قد يلقى القبول لدى البعض، وربما هو متواجد فعلًا في الواقع، لكن هذا لا ينطوي على فلسفة أخلاقية صحيحة، وربما نالت "نوف" بالكاريزما المتناسقة استحسان الجمهور، لكن تكوينها الذاتي يحمل عاصفة مغايرة عما حملته بقية البطلات.

وتبقى هذه النوعية من الأطروحات في الدراما العربية تشكل صدمة لدى المشاهدين في ظل نظام اجتماعي يلعب دور النافذة التي تمنع دخول الهواء بمجرد إغلاقها، حيث يكون تهميش القضايا هو السبيل لمنع خلخلة السلم الاجتماعي، لكن هل هذا يكون على الدوام حلًا مناسبًا؟

ومن الطبيعي القول إن مسلسل "روابي" لا يمثل واقع المجتمع الأردني أو العربي، لكن هذا الطرح يمثل رسالة الفن، في التقاط الخامة الواقعية وتحويلها إلى دراما بهدف العرض والتحليل، والمعالجة، فهل من المنطقي القول إن "روابي" تخطّى الخطوط الحمراء في تناول المسكوت عنه؟.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com