إعلام فلسطيني: إصابات في قصف إسرائيلي على مسجد في جنوب خان يونس

logo
أرشيف

شبح البريكس يحوم فوق الشرق

شبح البريكس يحوم فوق الشرق
13 سبتمبر 2015، 1:38 ص

موفق محادين

إذا أردنا مقاربة الاحتمالات السياسية لمستقبل ومصائر دول المنطقة وموقع البريكس فيها، وجدنا أن قسما كبيرا منها أمام احتمالات قوية بتعزيز علاقاته مع البريكس، وذلك في ضوء تقاليدها وخبرتها ومكوناتها الاجتماعية - الاقتصادية الأساسية كما في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية من حولها .

وتتوزع الدول المذكورة على الدول العميقة التي تحتفظ برواسب شمولية، أو مرت بتجارب ديموقراطية من نوع ما.

وهناك الدول الريعية، والدول الوظيفية، والقليل من الدول التي يمكن تصنيفها كدول (ديموقراطية) من زاوية تداول السلطة بين حزبين كبيرين :

أولا، الدول العميقة التي تحتفظ برواسب شمولية، وأبرزها مصر وسوريا والعراق، وجميعها في حالة استنزاف مفتوحة مبرمجة لمنعها من الإمساك بزمام المبادرة والوقوف على قدميها.

وتلعب العصابات والجماعات التكفيرية والطائفية دورا أساسيا في حرب الاستنزاف المذكورة.

وعلى الأرجح وبسبب الاستراتيجية الأمريكية التي ركزت وما تزال على الإخوان المسلمين وجماعات الإسلام السياسي كبديل لهذه الدول، فإنها ستأخذ خطوات متسارعة أكثر فأكثر نحو مجموعة البريكس (روسيا – الصين-الهند)

ثانيا، الدول العميقة التي مرت أو تمر بتجارب ديموقراطية، وأبرزها تركيا والباكستان والتي أظهرت التجربة فيها أن ابتعاد أو إبعاد العسكر عن الحكم المباشر لا يعني إخراجهم من الدوائر الأساسية للعبة السلطة والصراع عليها.

ومن المرجح أيضا لأسباب عديدة كما سنرى أن تتجه نحو دول البريكس أيضا (روسيا- الصين- الهند):

1. فالبنسبة للباكستان وبالرغم من النفوذ الأطلسي السعودي فيها إلا أن النخب العسكرية فيها تتوزع بين النفوذ السابق وبين التقاليد التي تركها علي جناح وحزب بوتو (الشعب) وهما من الأقلية الشيعية والإسماعيلية الحيوية.

كما تلعب الأقلية المذكورة دورا أكبر بكثير من حجمها داخل البرجوازية الباكستانية التي يسيل لعابها منذ سنوات على أسواق البريكس ونفط إيران.

ومما يغذي هذا الاحتمال العلاقة الوطيدة التي كرستها الباكستان مع الصين في مواجهة الهند.

2. أما بالنسبة لتركيا، فغالبية المؤشرات تقودها إلى البريكس أيضا في ضوء حسابات برجوازية الاناضول، والتدخل العقيم في سوريا والعراق وإغلاق (النادي الأوروبي أمامها) ومزايا التسوية على خط جيهان مع روسيا وإيران (النفط والغاز)، ومن العناصر الضاغطة الأخرى التكاليف الباهظة للحرب مع الأكراد، والتقاليد العلمانية القوية في أوساط تركية نافذة.

ثالثا، الدول التي قطعت شوطا في الديموقراطية ولعلها واحدة فقط، هي الهند المرشحة لأن تكون قوة كبرى من قوى البريكس إذا ما طورت دبلوماسية خارجية جديدة.

رابعا، دول (الديموقراطية الجرمانية ) مثل إيران ودولة العدو الصهيوني، وتأخذ الديموقراطية فيهما طابعا خاصا يسمح بتداول داخلي بين مراكز السلطة النافذة في البلدين.

وتراهن إيران على مجموعة عناصر محلية وإقليمية، منها الاحتياطات الضخمة للغاز والنفط ومجمعات الصناعة البتروكيماوية والقوة العسكرية والملف النووي مؤخرا، والمجالات الحيوية لها في آسيا الوسطى استنادا إلى الأرومات الإيرانية القومية أو المذهبية، فضلا عن علاقاتها الوثيقة مع البريكس، التي تعزز مكانتها كلاعب إقليمي أساسي.

أما دولة العدو الصهيوني، وبالإضافة لامتدادها العضوي للمنظومة الرأسمالية الدولية فتسعى منذ سنوات لتوسيع علاقاتها مع الصين وروسيا والهند وخاصة في قطاع التكنولوجيا المتطورة.

خامسا، دول البافر ستيت مثل الأردن وأفغانستان (تعتبر بلجيكا في أوروبا كذلك) وتستمد أهميتها من التوافقات الإقليمية والدولية حولها بالإضافة إلى بعد وظيفي آخر للأردن هو ( المخزن البشري) لأزمات المنطقة (فلسطين ، سوريا ، العراق) وهو ما يجعل الأردن ضمن توافقات الأطلسي والبريكس معا للغايات المذكورة.

سادسا، الدول الريعية ، التي تتمتع بوفرات مالية ضخمة ناجمة عن النفط والغاز والمجمعات البتروكيماوية والمالية.

وتتوزع على أنماط مثل الإمارات والكويت وقطر (دمج الكتل السكانية المحدودة في هذه التدفقات) ومثل السعودية التي تنطوي على تشكيلات اجتماعية متفاوتة.

ويتوقف مستقبل هذه البلدان فيما يخص العلاقات مع البريكس على عدد من المكونات والحيثيات الخاصة بكل بلد منها أكثر ما يتوقف على نزوع جماعي، ومن ذلك:

صدام التقاليد الديموقراطية المبكرة والقوى الحديثة في الكويت مع تنامي الظاهرة السلفية المعادية بطبيعتها لثقافة وبيئة البريكس.

– الرواسب الوهابية القوية في السعودية والطابع المذهبي للمنافسة مع إيران والذي ما يزال يحد من (صعود ) موجة الأجيال الحديثة.

- شطط قطر واستعجالها لدور إقليمي عبر الجماعات الإسلامية (الإخوانية وجذورها في وزارة التربية) وأقسام من( القاعدة) في سوريا وليبيا والعراق، مما يحد من الأجيال الحديثة ومحاولات الانفتاح على إيران والبريكس.

وما تزال سلطنة عمان، حالة مختلفة ، من تعايش أكثرية إباضية معتدلة مع غيرها، ومن الانفتاح على كل القوى الإقليمية والدولية.

أما الإمارات، فتتميز بحساسية مبكرة إزاء كل التشكيلات السلفية وتتطلع إلى دور إقليمي أكبر عبر سياسات مزدوجة بين البريكس والمعسكر الغربي

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC