تعز
تعزأ ف ب

اليمن.. "سباق يومي" ضحيته الأطفال لتأمين ماء نظيف

"تؤلمني يداي وظهري بسبب حمل الغالونات الممتلئة بالماء كل يوم"، بهذه الكلمات يُعبّر الفتى اليمني سليم محمد، عن معاناته في جلب الماء لعائلته المكونة من 9 أفراد.

"سليم" البالغ من العمر 14 عامًا يغادر كل فجر مع والده وأشقائه الثلاثة، لتحصيل الماء من صهريج يبعد عن المنزل نحو كيلو متر ، ليقف مع آخرين في طوابير لساعات عديدة.

يأمل الفتى المنحدر من مدينة تعز جنوب غرب اليمن، في العودة قبل بدء دوام مدرسته، بعد تأمين الماء في أحد أفقر بلدان دول شبه الجزيرة العربية التي أنهكتها حرب طاحنة لأكثر من 8 سنوات.

ويضيف في حديث لوكالة "فرانس برس": "نستيقظ صباحًا ونخرج حتى في الليل لجلب القليل من الماء للحمام، نقف في طابور مع الناس، حتى مياه الشرب نقف في طابور للحصول عليها".

وخلال 8 سنوات من الحرب أصبح اليمنيون في سباق يومي للحصول على ماء نظيف، ويقطعون لأجله مسافات طويلة في رحلة لا تخلو من المخاطر، وغدا الحمل الأكبر على الأطفال في هذه المهمة؛ ما يعيقهم عن الذهاب إلى المدرسة.

وتسبب التغير المناخي والحرب بين الحكومة اليمنية والحوثيين، في تفاقم أزمة المياه في البلاد، خصوصًا أن كثيرًا من المنشآت تعرضت للتدمير جراء النزاع، بحسب خبراء ومنظمات إغاثية.

الأطفال معرّضون للخطر بشكل خاص، ومع هذا النقص الحاد بالمياه، يحتاج الكثير من الأهالي مساعدة أبنائهم لتأمينها
رالف وهبة

ووفق منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، فإن المياه الجوفية في اليمن تُستنفد بمعدل ضعف معدل تجدّدها، وعلى هذه الوتيرة الحالية، يمكن أن تنفد في غضون عشرين عامًا، مشيرة إلى أن "أكثر من 14 مليون شخص يمثلون نصف السكان لا يتمكنون من الحصول على مياه شرب نظيفة".

"نصحو كل صباح في سباق على الماء"، تعبّر أم مجاهد  (35 عامًا) بحرقة عن معاناتها في هذا الجانب، بينما يملأ أطفالها غالونات مياه من أحد الصهاريج الموزّعة في أنحاء المدينة.

وتضيف أنهم "يقفون في طابور طويل ويحصلون عادةً على 20 ليترًا بعد عناء طويل"، وتتابع: "أحيانًا نحصل على مياه وفي أحيان أخرى لا نحصل على شيء".

هربت العائلة من المعارك في مدينة الحُديدة المطلّة على البحر الأحمر، ونزحت إلى تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة والتي يحاصرها الحوثيون منذ سنوات.

جلب الماء بدل الدراسة

من جهته، يقول نائب رئيس بعثة اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر في اليمن رالف وهبة، إن "شبكة أنابيب المياه في البلاد تصل إلى أقلّ من 30% من اليمنيين؛ ما يضطر الملايين إلى الاعتماد على الشركات الخاصة أو الآبار غير الآمنة".

ويتابع وهبة حديثه للوكالة من صنعاء: "الأطفال معرّضون للخطر بشكل خاص، ومع هذا النقص الحاد بالمياه، يحتاج الكثير من الأهل إلى مساعدة أبنائهم لتأمينها".

ويشير إلى أن الأطفال "مرغمون على تمضية ساعات لجلب المياه إلى عائلاتهم، بدلًا من الذهاب إلى المدرسة"، معتبرًا ذلك "نتيجة مأسوية لأزمة المياه".

ويؤكد أن "مشكلة المياه في اليمن تتجاوز مسألة الحرب والسلام، ستستمر حتى لو عاد السلام إلى البلاد".

داخل  تعز لا تتجاوز حصة الفرد من المياه في اليوم 0,7 ليتر. مناطق كثيرة تصل نسبتها إلى 60% من المدينة، لم تصلها قطرة ماء واحدة خلال ثماني سنوات من الحرب
سمير عبد الواحد

كانت فتاة قتلت طعنًا على يد جارها في صنعاء أثناء شجار بسبب أولوية الحصول على ماء من أحد الصهاريج، وفق ما أظهره مقطع  فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي الشهر الماضي.

فيما قتلت نساء وأطفال بعدما دهسهم صهريج مياه عندما كانوا ينتظرون دورهم للتزود بالمياه، في مدينة تعز أخيرًا، بحسب الإعلام المحلي.

وباتت مهمّة الحصول على المياه جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية في هذه المدينة، حيث غالبًا ما يشاهَدُ فتيان وفتيات يحملون غالونات يبلغ طولها نحو نصف طولهم، وما إنْ يملؤونها بالماء حتى يغدو ثِقلها أكبر من قدرتهم على حملها.

من جانبه، يشير المدير العام لمؤسسة المياه بتعز سمير عبد الواحد، إلى أن المدينة تعتمد في تغذيتها بالمياه حاليًّا على 21 بئرًا فقط، مقارنة بـ90 بئرًا قبل الحرب.

ويقول عبد الواحد، إنه "داخل  تعز لا تتجاوز حصة الفرد من المياه في اليوم 0,7 ليتر. مناطق كثيرة تصل نسبتها إلى 60% من المدينة، لم تصلها قطرة ماء واحدة خلال ثماني سنوات من الحرب، وتعتمد بشكل أساس على جلب المياه"، مؤكدًا أن "الأطفال هم الضحايا المباشرون لهذه الأزمة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com