الجيش السوداني يخسر أبرز معاقله أمام تقدم "الدعم السريع" (إنفوغراف)
الجيش السوداني يخسر أبرز معاقله أمام تقدم "الدعم السريع" (إنفوغراف)إرم نيوز

الجيش السوداني يخسر أبرز معاقله أمام تقدم "الدعم السريع"

دخلت الحرب السودانية شهرها التاسع، وسط معارك تتأرجح ضراوتها، دون أن يتمكن أي طرف من كسر شوكة الآخر، رغم التقدم الميداني لقوات الدعم السريع على حساب الجيش السوداني.

وحين انطلقت الرصاصة الأولى للحرب السودانية، في صبيحة 15 أبريل/ نيسان العام 2023، كانت المؤشرات ترجح كفّة الجيش السوداني المتفوق في العتاد العسكري لامتلاكه سلاح الجو والمدرعات والمهندسين..

لكن الكفة تبدو، اليوم، راجحة لصالح قوات الدعم السريع التي تتفوق بعدد المشاة على الأرض، والدعم الشعبي.

مناطق السيطرة الميدانية

وطبقًا لمتابعات ورصد "إرم نيوز" للتطورات العسكرية في السودان، فإن مساحة سيطرة الجيش السوداني تراجعت بشكل ملحوظ بعد دخول الحرب شهرها التاسع، حيث خسر، مؤخرًا، ولاية الجزيرة وسط السودان، إضافة إلى إقليم دارفور كله، عدا عن مقر قيادته داخل مدينة الفاشر، وأجزاء كبيرة من كردفان، كما تمتلك قوات "الدعم السريع" اليد الطولى في العاصمة الخرطوم.

ويحتفظ الجيش ببعض مقاره في منطقة "الشجرة العسكرية"، حيث سلاح الذخيرة، بينما فقد جزئيًا سلاح المدرعات، كما يسيطر على جزء من مقر "القيادة العامة" في مدينة الخرطوم، ويسيطر على مقر سلاح الإشارة بكافوري، وسلاح الأسلحة بمنطقة الكدرو شمال الخرطوم بحري، وعلى سلاح المهندسين ومنطقة كرري العسكرية في أم درمان.

جنود من الجيش السوداني يسيرون قرب عربات مدرعة متمركزة جنوب الخرطوم
جنود من الجيش السوداني يسيرون قرب عربات مدرعة متمركزة جنوب الخرطومأ ف ب

وفي المقابل، تنتشر قوات الدعم السريع في بقية أنحاء العاصمة السودانية بمدنها الثلاث، وتقيم ارتكازاتها على شوارع هذه المدن، وتفصل مقار الجيش عن بعضها البعض.

كما تتحكم بمداخل ومخارج العاصمة الخرطوم، عدا عن الاتجاه الشمالي لمدينة أم درمان مع ولاية نهر النيل، فهو بيد الجيش الذي يسيطر على هذه المنطقة.

وأهم المواقع العسكرية داخل العاصمة السودانية، التي سيطرت عليها قوات "الدعم السريع" بعد معارك عنيفة مع الجيش، هي: "القصر الجمهوري، قيادة منطقة الخرطوم العسكرية، المنطقة الإستراتيجية، مجمع اليرموك لصناعة الأسلحة، القيادة الجوية، قيادة قوات شرطة الاحتياطي المركزي، منطقة جبل أولياء العسكرية".

كذلك تسيطر قوات الدعم السريع على جسور "المنشية، سوبا، جبل أولياء" سيطرة كاملة، وتتقاسم السيطرة مع الجيش السوداني على 4 جسور، بينما فقدت جسر شمبات الرابط بين أم درمان وبحري، عقب تدميره، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد أن كانت تسيطر عليه كليًا منذ بداية الحرب.

وكان الجيش السوداني، إلى وقت قريب، يحتفظ بسيطرته على مداخل مدينة الخرطوم الجنوبية مع ولايتي "النيل الأبيض والجزيرة"، قبل أن يفقدهما، في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بعدما تقدمت قوات الدعم السريع واستولت على مقر قيادة الجيش في الفرقة الأولى في مدينة ودمدني، كما تقدمت بالتزامن من الخرطوم جنوبًا باتجاه النيل الأبيض وسيطرت على مدينة "القطينة"، وأصبحت، اليوم، على تخوم ولاية سنار المحاددة لـ"الجزيرة" من الجهة الجنوبية.

دخان متصاعد من سوق في أم درمان بفعل الحرب
دخان متصاعد من سوق في أم درمان بفعل الحربرويترز

ومنذ سيطرت قوات "الدعم السريع" على ولاية الجزيرة، اضطربت الأوضاع في الولايات المجاورة لها، وهي: "القضارف، سنار، النيل الأبيض"، ما أدى لإغلاق جزئي للأسواق والمؤسسات الحكومية، وسط تخوفات بوصول الصراع العسكري إلى هذه المناطق.

فيما تبقت ولايات "كسلا، البحر الأحمر، نهر النيل، الشمالية" الخاضعة لسيطرة الجيش، بعيدة نسبيًا عن الصراع العسكري.

أبرز القيادات

ويقود الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، في منصب القائد العام، وينوب عنه في القيادة الفريق أول شمس الدين كباشي، فيما يشغل الجنرالان إبراهيم جابر وياسر العطا، منصب مساعد القائد العام للجيش.

وكان هؤلاء الجنرالات يشغلون مناصب أعضاء مجلس السيادة الانتقالي في الحكومة الانتقالية المشكلة عقب سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير، ممثلين للمكون العسكري، ومعهم قائد الدعم السريع، بجانب 6 أعضاء آخرين يمثلون المكون المدني، إضافة لـ3 يمثلون أطراف السلام.

وبعد انقلاب المكون العسكري على الحكومة المدنية، في 25 أكتوبر/ تشرين الأول العام 2021، أطاح البرهان بجميع أعضاء مجلس السيادة تباعًا، ولم يُبقِ إلا على نائبه شمس الدين كباشي، ومساعديه ياسر العطا وإبراهيم جابر، ومالك عقار، الذي تحالف مع الجيش ضد الدعم السريع.

قائد الجيش السوداني يزور قاعدة فلامنغو البحرية في بورتسودان
قائد الجيش السوداني يزور قاعدة فلامنغو البحرية في بورتسودانأ ف ب

في المقابل يقود قوات "الدعم السريع" الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بـ"حميدتي"، وينوب عنه في القيادة شقيقه الفريق عبدالرحيم حمدان دقلو، بينما يقود هيئة العمليات اللواء عثمان محمد حامد الشهير بـ"عثمان عمليات"، ولم يظهر طوال هذه الحرب إلا مرة واحدة، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بمنطقة جبل أولياء العسكرية بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها عقب معارك ضارية مع الجيش السوداني استمرت 10 أيام متتالية.

وبحسب مصادر عسكرية تحدثت لـ"إرم نيوز"، فإن قوات "الدعم السريع" تعتمد القيادة الأفقية لقواتها المنتشرة التي تقف على رأسها قيادات عسكرية وأخرى عشائرية متحالفة مع قوات الدعم السريع.

ومن أبرز القيادات العسكرية بصفوف قوات الدعم السريع، والتي حسمت الصراع لصالحها حتى الآن في إقليم دارفور والجزيرة وسط السودان، قائد قطاع جنوب دارفور صالح الفوتي، وقائد قطاع وسط دارفور اللواء علي يعقوب، وقائد قطاع غرب دارفور اللواء عبدالرحمن جمعة، وقائد قطاع شرق دارفور العميد حسن صالح نهار، إضافة إلى قائد منطقة الجزيرة وسط السودان الجنرال أبوعاقلة كيكل.

يشار إلى أن قوات الدعم السريع عقب سيطرتها على مقار قيادة الجيش في تلك المناطق غيرت أرقام الفرق العسكرية، حيث غيرت مسمّى الفرقة 16 في نيالا، إلى الفرقة الأولى، والـ21 في زالنجي إلى الثانية، والـ15 بالجنينة إلى الثالثة، والـ22 بالضعين إلى الرابعة، والأولى بمدني إلى الخامسة.

الأطراف المتحالفة

ويتحالف مع الجيش السوداني عسكريًا في هذه الحرب ضد قوات الدعم السريع، قيادات حركات مسلحة موقعة على اتفاقية السلام، أبرزها قائد الحركة الشعبية الموقعة على السلام الجنرال مالك عقار، الذي ضمن له هذا التحالف الاحتفاظ بمنصبه في عضوية مجلس السيادة، حيث انخرطت قواته منذ البداية في القتال إلى جانب الجيش ضد الدعم السريع.

كما يتحالف مع الجيش، حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان، ووزير المالية جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، اللذان يتواجدان في العاصمة البديلة بورتسودان، بينما لم تنخرط قواتهما في القتال مع الجيش لوجودها ضمن القوات المشتركة المشكلة من جميع حركات دارفور الموقعة على السلام، والتي أعلنت منذ البداية الحياد في هذه الحرب.

وبالرغم من إعلان "مناوي وجبريل"، مؤخرًا، الخروج عن الحياد والانحياز لجانب الجيش، إلا أن قواتهما لم تدخل الصراع بعد، لتعقيدات اتخاذ القرار داخل قيادة القوات المشتركة المكونة من عدة حركات لا يزال بعضها يتمسك بموقف الحياد، بحسب متابعات "إرم نيوز".

في المقابل، لا توجد تنظيمات بارزة أعلنت تحالفها مع قوات "الدعم السريع" سوى مجموعات منشقة من حركات مسلحة مثل "تمازج، والتحالف السوداني"، وهي حركات مسلحة موقعة على اتفاق جوبا، انقسمت ما بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكن هنالك فرقًا قبلية عديدة مسلحة في كردفان ودارفور أعلنت مساندتها لقوات الدعم السريع.

قائد قوات الدعم السريع يحيي أنصارًا له
قائد قوات الدعم السريع يحيي أنصارًا له أ ف ب

وعلى الرغم من أن هنالك قوى مسلحة متحالفة سياسيًا مع قوات الدعم السريع، إلا أنها لم تعلن رسميًا تحالفها معها عسكريًا، من أبرزها تجمع قوى تحرير السودان بقيادة الطاهر حجر، وتحرير السودان - المجلس الانتقالي بقيادة الهادي إدريس، والعدل والمساواة بقيادة سليمان صندل، حيث توجد هذه الحركات المسلحة ضمن "تنسيقية القوى الديمقراطية" التي يقودها رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك، والتي وقعت، في مطلع يناير/ كانون الثاني الجاري، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا إعلانًا سياسيًا مشتركًا مع قوات الدعم السريع.

وتوجد قوات هذه الحركات بعتادها العسكري في إقليم دارفور ضمن القوى المشتركة لحركات دارفور الموقعة على السلام.

ودخلت الحرب بين الجيش و"الدعم السريع" شهرها التاسع، وسط توسيع قوات "الدعم السريع" لسيطرتها على ولايات السودان، فيما برزت دعوات من قوات الجيش للمدنيين بحمل السلاح، ما يهدد بدخول البلاد في حرب أهلية.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com