ماذا يعني قرار الجيش السوداني نشر قوات الشرطة في الخرطوم؟
بدأ الجيش السوداني نشر قوات من الشرطة على الأرض في العاصمة الخرطوم، قائلا إن الأمر يأتي ضمن "خطة لحفظ الأمن"، في وقت حذرت فيه قوات "الدعم السريع" من إدخال الشرطة كطرف في القتال، ما يجعلها تتصرف معها كـ"عدو".
ونتيجة لذلك اشتبكت عناصر تابعة لـ"الدعم السريع" يوم الأربعاء، مع قوات من شرطة الاحتياطي المركزي، في منطقة السوق العربي وشارع القصر الجمهوري، مما أسفر عن مقتل 5 أفراد من الشرطة، وجرح 4 آخرين وأسر واحد، طبقًا لبيان المتحدث الرسمي باسم الجيش، الذي وصف الأمر بأنه "اعتداء من قبل الدعم السريع على دورية للشرطة".
فيما قالت "الدعم السريع" إنها تصدت لاعتداء من قوات بزي شرطة الاحتياطي المركزي، حاولت الهجوم على مواقع تمركزها، في منطقة وسط الخرطوم بالقرب من موقف شروني.
الحد من السرقات
ويؤكد الخبير الأمني الفاتح عثمان محجوب، أن "قرار القيادة نشر قوات الشرطة السودانية قصد به الحد من عمليات النهب، التي بدأت تعم الأسواق والأحياء السكنية والتجارية والمناطق الصناعية".
وقال محجوب لـ"إرم نيوز"، إن "قوات الشرطة بحكم تسليحها المحدود غير مؤهلة لقيادة عملية تمشيط الخرطوم من قوات الدعم السريع، ما يجعل دورها يقتصر على تمشيط الأسواق والأحياء من عصابات النهب بعد إكمال الجيش لعملية طرد قوات الدعم السريع خارج تلك المناطق".
وأشار إلى أن مواجهات يوم الأربعاء بين الشرطة وقوات الدعم السريع، أكدت "عدم جاهزية الشرطة للتعامل مع الخلل الأمني الذي نتج عن القتال بين الجيش والدعم السريع".
وتابع: "لكن الحاجة ماسة الآن لدور الشرطة لإيقاف عمليات النهب بشرط ابتعادها عن مناطق القتال بين الجيش والدعم السريع".
ونوه الخبير الأمني إلى أن "عودة الشرطة للعمل تعد بمثابة إعلان عن قرب عودة الحياة إلى وضعها الطبيعي في الأحياء السكنية والأسواق، وربما المناطق الصناعية لاحقًا"، على حد قوله.
حفظ الأمن
بدوره يؤكد الخبير العسكري، الضابط المتقاعد علي ميرغني، أن "قرار نشر قوات الشرطة يمنح الجيش فرصة لاستخدام كل قواته في العمليات القتالية، ويخفف الضغط عنها".
وقال لـ"إرم نيوز"، إن "قوات شرطة الاحتياطي المركزي، تلقت (لدرجة ما) تدريبا قتاليا، وإن تسليحها يشمل الرشاشات المتوسطة الدوشكا 12.7 ملم، لذلك يمكن الاستعانة بها لتنفيذ مهام حفظ الأمن حتى تتفرغ القوات المسلحة للعمليات القتالية".
وأضاف: "أعتقد أنه ما زال هناك وقت للوصول لمرحلة حسم الحرب. الجيش يعتمد على أسلوب استنزاف العدو بأقل مجهود وتفادي التعرض لخسائر بشرية، وأعتقد أن منتصف الأسبوع المقبل سيكون النقطة الفارقة التي تحدد مصير الحرب"، وفق تعبيره.
نقص الأفراد
من جهته، يرى المحلل العسكري مقدم معاش عمر أرباب، أن الاستعانة بقوات الشرطة تأتي من أجل تأمين المواقع التي ينظفها الجيش من "الدعم السريع".
وقال أرباب لـ"إرم نيوز": "من الواضح أن الجيش يعاني مشكلة في نقص الأفراد على الأرض، لذا فإنه يحتاج لقوات تقوم بالتأمين والتمركز في المناطق التي يقوم بطرد المليشيات منها حتى يتمكن من تمشيط مناطق جديدة".
وبالعودة للخبير الأمني محجوب، فهو يتفق مع أرباب في هذه النقطة، ويقول إن "الدعم السريع تتمتع بأفضلية من حيث عدد الجنود وقدراتهم، وأيضًا من حيث عدد المركبات القتالية، وهو ما يجعل خطة الجيش تقوم على إنهاك قوات الدعم السريع بالقصف الجوي لتدمير المركبات وإنقاص عدد الجنود تمهيدا للدخول معهم في المعركة الفاصلة جنوب صالحة وجنوب الخرطوم وشرق النيل".
وأشار محجوب إلى أنه "بشكل عام مالت الكفة حاليًا لصالح الجيش وبدأ الدعم السريع يفقد مواقعه، ما يعني أن من مصلحته الدخول في تفاوض مع الجيش للحصول على صفقة تحفظ ماء وجه قيادته وتمهد الطريق لدمج الدعم السريع في الجيش السوداني، وفق قانون الجيش"، على حد قوله.