حين ينفد الأوكسجين ..
كيف يتسبب الإهمال في موت غواصين تحت الماء؟

حين ينفد الأوكسجين .. كيف يتسبب الإهمال في موت غواصين تحت الماء؟

في صباح يوم مشمس، خلال شهر نيسان/ أبريل من عام 2013، استقر الغواص علام رمضان (22 عاما) رفقة زملائه على متن قارب صغير في نهر النيل، واقتضت مهمتهم الغوص إلى القاع، لتطهير أحد خزانات النيل من الرواسب في محافظة الدقهلية.

ظل القارب يشق مياه النيل 4 ساعات كاملة حتى ظهر موقع الخزان. هدأ هدير المحرك، وبدأ "علام" وزملاؤه في تجهيز معداتهم والاستعداد للغطس، ولكن خفير وزارة الري حذّرهم من وجود عطل في إحدى بوابات الخزان، سدها جذع شجرة وحال دون غلقها.

تجاهل المشرف على المهمة التحذير وأصرّ أن يغوض "علام" ورفاقه، ومباشرة أعمال التنظيف فورًا.

والد علام رمضان مازال يحتفظ ببدلة غوص نجله المتوفى
والد علام رمضان مازال يحتفظ ببدلة غوص نجله المتوفى

أذعن "علام" إلى طلب المشرف، وغاص إلى قاع النيل، وقبل أن ينتهي من عمله جرفته المياه تجاه البوابة المعطلة، وعلق بها حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

تلك كانت الرواية التي نقلها الغواصون إلى والد "علام" أثناء تلقيه العزاء، والتي وثقها هذا التحقيق، من شهادة أحد الغواصين المشاركين في المهمة.

حالة علام واحدة من 5 حالات وثقها التحقيق، تكشف معاناة مئات الغواصين في مصر، بسبب عدم التزام شركات الأعمال الهندسية البحرية باشتراطات وتعليمات الأمن والسلامة، ما يعرض هؤلاء الغواصين لمخاطر الإصابة والعجز والموت أحيانًا.

الغوص التجاري: جميع أعمال الغوص تحت الماء، لتنفيذ أعمال هندسية وفنية وإنشائية، مثل القطع واللحام وإصلاح السفن العملاقة، داخل المياه الإقليمية أو المناطق الاقتصادية الخالصة أو الأعمال النهرية، أو أي من المسطحات المائية.

تعريف الغوص التجاري بحسب الكود المصري

الغواص محمد أبو عرب أثناء تقييم المخاطر قبل بداية رحلة جديدة للعمل تحت الماء
الغواص محمد أبو عرب أثناء تقييم المخاطر قبل بداية رحلة جديدة للعمل تحت الماء

تقييم المخاطر

تجاهُل مشرف مهمة تنظيف خزان نهر النيل، للتحذير من البوابة المعطلة، أودى بحياة الغواص علام رمضان، وعرّض حياة بقية زملائه للخطر، بعدما أغفل المشرف إحدى أهم وسائل الأمن والسلامة، وهي تقييم المخاطر.

محسن الجوهري، عضو سابق باللجنة الدائمة للتراخيص في قطاع النقل البحري -المختصة بإعطاء التراخيص لشركات الهندسة البحرية العاملة في الغوص التجاري- يقول إن مشرف أي مهمة غوص تجاري ملزم بإجراء عملية تقييم شاملة للأوضاع قبل نزول الغواص إلى المياه.

وتشمل عملية التقييم -بحسب الجوهري- دراسة البيئة المحيطة فوق الماء، وأخطار المهمة نفسها تحت الماء، وتحديد طرق وكيفية مواجهتها، أو إلغاء المهمة إذا كانت تلك المخاطر قد تعرض حياة الغواصين للخطر.

ويقول محمد الإسكندراني، وهو واحد من الغواصين المشاركين في المهمة رفقة علام، وشاهد عيان عما حدث: "لم يكن هناك التزام بأي من عوامل الأمن والسلامة في موقع الحادث".

ويؤكد أن المشرف لم يلتفت إلى عطل إحدى بوابات الخزان، والذي كان سببا في وفاة علام"، قائلا: "كان خلاص بيقفل شغله، ومرة واحدة التيار سحبه ناحية البوابة العطلانة، أنا وقتها كنت فوق، لبست ونزلت بسرعة عشان أساعده، بس رجلي أنا كمان اتسحبت وكنت هموت.. ربنا سترها معايا بس ملحقتش أنقذه".

حاول والد "علام" مقاضاة الشركة، إلا أن تقرير الوفاة لم يساعده في ذلك، حيث تم تسجيل الوفاة على أنها نتيجة حادثة غرق.

يقول محمد الإسكندراني إن الشركة أصرت على تسجيل الوفاة على أنها نتيجة حادث غرق طبيعي، للتهرب من المسؤولية.

ويعبر والد علام عن ذلك بقوله: "ماعرفتش آخد حق ابني، واستعوضت ربنا فيه.. بس كل اللي كان نفسي فيه وبتمناه إن الناس اللي جاية بعد كده حقهم مايروحش هم كمان".

تواصل معدو التحقيق مع الشركة التي كان يعمل "علام" لصالحها للرد على شهادة زميله في المهمة واتهام والده، وتم الاتصال بمالك الشركة، إلا أنه رفض التعليق على الواقعة، واكتفى بالقول إن الشركة توقفت عن العمل في مجال الأعمال الهندسية البحرية منذ عدة سنوات.

حقٌ ضائع.. وعمل بدون عقود

ليست شهادة الوفاة وحدها التي أضاعت حقوق "علام" وأسرته، ولكن أيضا عدم توقيع الشركة أي عقود عمل معه، أضعف من موقف والده القانوني في مواجهة الشركة.

تعتمد شركات الأعمال الهندسية البحرية على تعيين غواصين بأجرٍ ثابت، ولكن بين الحين والآخر تلجأ إلى عدد آخر من الغواصين من الخارج للمشاركة في تنفيذ المهمات، وعادة لا تُبرم الشركات عقودا مع هؤلاء الغواصين التجاريين -من الخارج- تضمن حقوقهم، وخاصة في حالات الإصابات والوفاة أثناء العمل.

"علاج إصابات الغوص التجاري غالِ ومكلف، عشان كده الشركات متبوقعش أي عقود معانا، وبتتخلي عنا في حالة الإصابة أو الوفاة"، يقول محمد عبدالعزيز أبو عرب، الذي يمتهن الغوص التجاري منذ سنوات طويلة.

محمد أبو عرب أثناء التجهيز لإحدى مهمات الغوص التجاري
محمد أبو عرب أثناء التجهيز لإحدى مهمات الغوص التجاري

ويرجع محمد ذلك إلى "غياب القوانين الناظمة بشكل كامل لهذه المهنة، فضلا عن عدم وجود نقابة مهنية تدافع عن حقوقهم، ما ينتج عنه العديد من الثغرات التي يمكن لأصحاب هذه الشركات استغلالها للهروب من المسؤولية في حال وقوع أي حادث".

ويقول المحامي حاتم البياع، إن "القانون المصري لم يشرّع عقوبات رادعة على أصحاب العمل الذين لا يحرروا عقودا للعاملين.. فقط عقوبات مالية وغرامات زهيدة للغاية، لا تسبب أي عبء على هذه الشركات".

وتعاقب المادة رقم 246 من قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003، صاحب العمل الذي لا يحرر عقودًا مع العاملين، بغرامة لا تقل عن 50 جنيهًا (2.5 دولار) ولا تتجاوز 100 جنيه (5 دولارات).

وتتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت فى شأنهم الجريمة، وتُضاعف الغرامة فى حالة العودة.

ولا يوجد توثيق لعدد العاملين في قطاع الغوص التجاري. وفي حين يتخرج المئات من مدراس تدريب الغوص التجاري -المرخصة وغير المرخصة- سنويا، لا يمتلك منهم سوى 70 غواصًا فقط ترخيصًا بمزاولة المهنة، بحسب هيئة السلامة البحرية التابعة لوزارة النقل.

هذا العدد القليل من التراخيص، لا يعبر عن الأعداد الحقيقية لممارسي مهنة الغوص التجاري في مصر، ومدرسة واحدة من بين المدارس الثلاث المعتمدة في مصر، (المدرسة الدولية للغوص التجاري) تخرج فيها في الفترة من 2014 وحتى منتصف العام الحالي 2022، 270 غواصًا مصريًا.

هذا بخلاف خريجي مدارس الغوص غير المعتمدة، فبالرغم من وجود مئات المدارس المتخصصة في تدريب الغواصين التجاريين، لم تحصل سوى 3 مدارس على الاعتماد الرسمي من الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية.

محسن الجوهري، يدير أيضا المدرسة المصرية الدولية للغوص -إحدى المدارس المعتمدة- ويقول إن عددا من المدارس -غير مرخصة- تستغل حاجة الراغبين في امتهان الغوص التجاري وتوهمهم أن شهادتها معتمدة وتفتح لهم أبواب المهنة، ولكن بعد التدريب يكتشفون أن شهادتها غير معتمدة ولا تسمح بمزاولة المهنة، فيعلموا في الخفاء وبدون عقود.

حين ينفد الأكسجين

بعد 4 أشهر فقط من وفاة "علام"، وتحديدًا في آب/ أغسطس 2013، توجه الغواص شريف سعيد (40 عامًا) إلى منطقة سيدي كرير غرب محافظة الإسكندرية، لتقطيع إحدى المراكب الغارقة، وهي مهمة سبق ونفذها مئات المرات، فهو متخصص في القطع واللحام تحت الماء، ولكن تلك المرة عاد منها مصابا بشلل نصفي، وانقلبت حياته رأسًا على عقب.

شريف سعيد ضحية لإهمال عوامل السلامة والأمان خلال مهمات الغوص التجاري
شريف سعيد ضحية لإهمال عوامل السلامة والأمان خلال مهمات الغوص التجاري

أُسندت هذه المهمة إلى شريف عبر "مقاول غوص تجاري" وهو وسيط آخر، تُوكل إليه مهمات تنفيذ بعض الأعمال الهندسية البحرية الصغيرة، نظرًا لقلة إمكاناته مقارنة بالشركات الكبرى.

وينص الكود المصري على ضرورة حصول المقاول أيضا على ترخيص من اللجنة الدائمة للتراخيص بقطاع النقل البحري، ويعرفه بأنه "الشخص الذي يعمل مشغلًا للغواص أو الغواصين المشاركين في مشروع الغوص".

يصف شريف عمليات التقطيع واللحام بالمهمة السهلة، إلا أن الظروف المحيطة حولتها إلى مهمة انتحارية، بعدما أجبره "المقاول" أن يغطس بطريقة التنفس الذاتي مستعينا بأسطوانات الأكسجين تحت الماء، وهو ما يعرف بـ"Scuba" بدلا من التنفس بطريقة "الإمداد السطحي" من خارج المياه، وهي الطريقة الواجب اتباعها في أي مهمة غوص تجاري.

يقول الدكتور حسام الجبالي، استشاري طب الأعماق، إن هناك فرقا كبيرا بين الغوص بطريقة «Scuba» والغوص بطريقة الإمداد السطحي، فالأولى خاصة بالغوص الترفيهي فقط في المناطق السياحية، وتمنع إجراءات السلامة استخدامها في مهمات الغوص التجاري.

أما الغوص السطحي -بحسب الجبالي- يسمح بالتحكم في مصدر الهواء، وعدم انقطاعه عن الغواص، ويتيح مساعدة الغواص إذا ما طرأت أي مشكلة خلال عمله، فضلا عن توفيره وسيلة تواصل مع الغواص تحت الماء، على عكس "Scuba" التي لا تتيح كل ذلك.

أذعن شريف لطلب المقاول، ونفذ خلال تلك المهمة أكثر من غطسة بأمان، ولكن في غطسته الأخيرة، بينما كان في منتصف طريقه إلى سطح الماء، فرغت أسطوانة الأكسجين، فاضطر إلى استكمال الصعود بدونها، وقال: "لما وصلت سطح المياه كان عندي ألم في كتفي اليمين، وأول ما طلعت المركب قُلتلهم إني مصاب".

وتجبر بعض الشركات والمقاولين الغواصين على تنفيذ المهمات باستخدام أنبوبة الأكسجين، بدلا من الغوص السطحي، نظرًا للتكلفة المادية المرتفعة للغوص بطريقة الإمداد السطحي، إذ تحتاج إلى توفير معدات كثيرة وباهظة الثمن، بحسب حديث "الجبالي".

كما لم يوفر "المقاول" في موقع العمل "غرفة تعديل الضغط"، الملزم بتوفيرها ضمن أدوات الأمن والسلامة. الأمر الذي أدى إلى مضاعفات خطيرة في إصابة شريف، الذي قال: "نقلوني مستشفى في إسكندرية عشان فيها غرفة تعديل ضغط".

نجَم عن الحادث إصابة "شريف" بشلل نصفي من الدرجة الثانية، وظل طريح الفراش عامين كاملين يتلقى العلاج، ورغم أنه عاود الحركة مرة أخرى ولكن بصورة غير طبيعية، ومنعت الإصابة عودته إلى العمل في الغوص بشكل نهائي.

تهرّب "المقاول" من مسؤوليته تجاه "شريف"، ولم يعطه أيا من حقوقه، فقط في الأشهر الأولى من الإصابة كان إلى جواره يساعده في بعض النفقات، ولكن سرعان ما اختفى وتهرب من تحمل نفقات العلاج.

وقال شريف: "وقف جنبي 3 شهور، وبعد كده سنتين كاملين كنت عايش على المساعدات، لحد ما قدرت بعد كده أشتغل في بيع بدل الغطس المستعملة أونلاين عشان أصرف على بيتي".

استخدام الغوص الذاتي تسبب في الإصابة، وعدم وجود "غرفة تعديل الضغط" فاقمها، إذ تعد سرعة علاج إصابات الغوص واحدة من أهم الخطوات الأساسية في رحلة العلاج، وهو الأمر الذي أكد عليه الدكتور حسام الجبالي، أستاذ طب الأعماق، مشيرًا إلى أن عدم تدارك الإصابة في بدايتها يؤدي إلى جلطات دائمة لا يمكن علاجها فيما بعد.

كما أشار الجبالي إلى أن العلاج المباشر فور الخروج من المياه، من خلال غرفة تقليل الضغط، الواجب توافرها في مكان المهمة، يعد أمرًا ضروريًا، لأنه يمنع حدوث أي مضاعفات، وينقذ حياة الغواص.

كود الغوص التجاري

حتى وفاة "علام" وإصابة "شريف"، لم تكن هناك أية قوانين محلية تنظم العمل في مجال الغوص التجاري، بالرغم من مطالبة قدامى هذه المهنة منذ التسعينات، بسن قوانين وتشريعات تحميهم وتنظم عملهم وعلاقتهم بالشركات.

في عام 2018 تبدل الحال، فبعد نحو 25 عاما من المطالبة بوجود أي صيغة قانونية تحكم العمل في المهنة، أصدر الدكتور هشام عرفات، وزير النقل حينها، «الكود المصري للغوص التجاري»، وفقا للقرار رقم 466 لسنة 2018، بشأن أحكام تراخيص الغوص التجاري المصري والأكواد المرافقة.

جاء هذا "الكود" منظمًا لكافة الأمور التي تخص مهنة الغوص التجاري، ومحددا لكافة عوامل الأمن والسلامة التي يجب الالتزام بها، فضلا عن تحديده للاشتراطات الواجب توافرها في كل عناصر المهنة، سواء كانت مدرسة تعليمية أو شركة.

حبر على ورق

تخضع أنشطة الغوص التجاري لرقابة حكومية من الهيئة المصرية لسلامة الملاحة البحرية، التابعة لوزارة النقل، وبمخاطبتها أوردت لنا في خطاب رسمي أنها "اتخذت جميع الإجراءات التنفيذية لتفعيل الكود المصري".

وأشارت الهيئة إلى إنشاء قسم متخصص لإصدار تراخيص الغوص التجاري، ووضع مقترح للشكل النهائي لترخيص الغوص التجاري وبياناته، بجانب وضع مقترح للشكل النهائي لترخيص اعتماد مدارس ومعاهد الغوص لتأهيل وتدريب الغواصين التجاريين.

كما لفتت إلى التنسيق مع المستشفى المعتمد لدى الهيئة لتحديد معايير اللياقة الطبية للمتقدمين لاستخراج أو تجديد ترخيص الغوص التجاري طبقا لكود الغوص التجاري المصري.

ويقول غواصون إن "الكود المصري للغوص أصبح مجرد حبرا على ورق، لدى بعض الشركات، فالإصابات مستمرة، وعدم توفير عوامل السلامة والأمان مازال أمرًا قائمًا".

وبالرغم من مرور ما يقرب من 4 أعوام على إصداره، إلا أنه لا يطبق بشكل كامل.. ويقول محسن الجوهري: "فضلنا نحارب عشانه 25 سنة ورغم كده لم يطبق حتى اليوم سوى على الورق فقط".

والجوهري عضو سابق في لجنة النقل البحري التي من مهامها أن تقنن أوضاع شركات الهندسة البحرية العاملة في مجال الغوص التجاري وإصدار تقارير دورية عن مدى التزامها باللوائح، وفقا لما ينص عليه الكود.

إلا أن الجوهري تفاجأ بصعوبة تطبيق قواعد الكود المصري على أرض الواقع، قائلا: "طلبت إننا نشوف الشركات ديه بقى بشكل فعلي بحيث نشوف هل تنطبق عليها الشروط ولا لأ، إلا أن ذلك لم ينفذ» وبرر ذلك «لقلة الموارد" بحسب تعبيره.

ضحايا جدد للغوص التجاري رغم إقرار الكود المصري
ضحايا جدد للغوص التجاري رغم إقرار الكود المصري

علاج متأخر

أُقر الكود المصري، ولكن نزيف الدماء لم يتوقف، وفي نهاية العام الماضي وقعت ضحية جديدة لعدم الالتزام بالأمن والسلامة.

الغواص أحمد فتحي -اسم مستعار- (24 عاما) كان في مهمة بقاع البحر الأحمر بمنطقة أبو رديس التابعة لمحافظة جنوب سيناء، ولكن في نهايتها تحول إلى ضحية أخرى.

كانت ظروف المهمة من البداية تحتم على المشرف تأجيلها، فإلى جانب عدم وجود "إمداد سطحي" والاعتماد على الغطس بالتنفس الذاتي تحت الماء (Scuba)، كان هناك تيار شديد داخل المياه يصعب معه إنجاز المهمة بسلام.

ورغم ذلك، نفذ أحمد المهمة، وبعد الانتهاء منها بصعوبة بسبب التيار، بدأ في الاستعداد للعودة مرة أخرى إلى السطح، إلا أنه تفاجأ بتوقف تدفق الهواء من أسطوانة الأكسجين، واضطر إلى التنفس من خلال أسطوانة زميله، وأخذا سويًا طريق العودة مرة أخرى إلى السطح.

تسلل الخوف إلى أحمد في هذه اللحظات، وبالرغم من عودة تدفق الهواء من أسطوانة الأكسجين قبل بلوغ السطح، إلا أن شيئا غريبًا بدأ يشعر به. قال عن ذلك: "على عمق 15 متر بدأتُ أحس بضغط على بطني من آخر ضلع لأول الحوض، ومكونتش فاهم فيه إيه".

وصل أحمد إلى المركب وتبدو عليه مؤشرات الإصابة، ورغم توافر "غرفة تعديل ضغط على المركب"، إلا أنه لم يأخذ فيها البرنامج العلاجي الكامل الواجب توفيره لمثل حالته.

وقررت الشركة إعادته إلى محل سكنه، حيث المقر الرئيسي للشركة أيضا، وقال: "دخلوني غرفة تعديل الضغط 6 ساعات وبعد كده قالوا لي هنرجعك إسكندرية.. أخدت بعدها 12 ساعة سفر، رغم وجود مستشفى طب أعماق في شرم الشيخ أقرب لموقع المهمة من إسكندرية".

نقل الغواص المصاب، لمسافات بعيدة يعد أمرًا خطيرًا، بحسب قول الدكتور حسام الجبالي، أستاذ طب الأعماق، وهذا الأمر قد يزيد من الآثار المترتبة على الإصابة، خاصة إذا تمت عملية النقل بطريقة خاطئة أو كانت لمسافة ساعات طويلة، مؤكدا على ضرورة العلاج في أقرب نقطة علاج ممكنة.

استخدام التنفس الذاتي عبر أنبوبة الأكسجين في المهمة بدلًا من الغوص السطحي، تسبب في إصابة أحمد، وتأخر علاجه وسفره ساعات طويلة وهو مصاب، ضاعف ذلك من الإصابة إلى شلل نصفي من الدرجة الثانية، وفقد معه القدرة على الحركة، وفقد مصدر رزقه الذي كان ينفق منه على نفسه و والدته.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com