تشهد استقالات غير مسبوقة…الصراعات تهدد بسقوط المجالس المحلية في تونس
تشهد استقالات غير مسبوقة…الصراعات تهدد بسقوط المجالس المحلية في تونس تشهد استقالات غير مسبوقة…الصراعات تهدد بسقوط المجالس المحلية في تونس
المغرب العربي

تشهد استقالات غير مسبوقة…الصراعات تهدد بسقوط المجالس المحلية في تونس

Loai Bahran

تشهد مجالس الحكم المحليّة في تونس هذه الأيام موجة استقالات غير مسبوقة، بعد سنة واحدة من انتخابها، وسط صراعات متصاعدة، وتذمّر من ضعف إمكاناتها وأدائها، وبات يهدّد بـ"سقوطها"، وفق مراقبين.

وقدّم أعضاء المجلس المحلي في منطقة باردو من محافظة تونس العاصمة استقالتهم احتجاجًا على ما اعتبروه سوء تصرّف من رئيسة المجلس، وتقدم 15 عضوًا من المجلس المحلي في نعسان جنوب العاصمة تونس باستقالة جماعية إلى محافظ المنطقة، متهمين رئيسة المجلس بالانفراد بالرأي وتهميش أعضاء المجلس.

وشملت الاستقالات كذلك 7 أعضاء من جملة 12 عضوًا في بلدية بهرة من محافظة الكاف، شمال غرب تونس وهي بلدية تم إحداثها قبيل الانتخابات المحلية العام الماضي، كما سجل مجلس محلي سُكرة في محافظة أريانة، شمال تونس العاصمة استقالة 20 عضوًا، وكذلك الشأن في جبنيانة في محافظة صفاقس، جنوب البلاد حيث تقدّم 15 عضوًا من المجلس المحلي باستقالاتهم.

وشهد المجلس المحلي ببوفيشة من محافظة سوسة الساحلية أمس تهديدًا بحلّه، على خلفية احتجاج الأعضاء المنتسبين إلى حركة "النهضة" الإسلامية على أداء رئيس المجلس.

و طرحت هذه الاستقالات -حسب مراقبين- جدلًا بشأن تجربة الحكم المحلي في تونس ومدى قدرة الدولة التونسية على تطبيقه، خاصة أنّها ملزمة به دستوريًا، وقد تم تخصيص باب كامل للحكم المحلي في الدستور التونسي المصادق عليه سنة 2014.

وقال الخبير في القانون الدستوري محمد محفوظ إنّ الحكم المحلي مسار كامل يتطلب سنوات طويلة من العمل من أجل إرسائه، مستدلًا بالتجارب الغربية في هذا الباب، التي استمرت لعقود قبل أن يستقرّ أمرها.

واعتبر محفوظ في حديث لـ"إرم نيوز" أنّ هذه الاستقالات المتكررة تنذر بسقوط المجالس المحلية، مشيرًا إلى أنّها في معظمها مجالس "فسيفسائية" تضم عائلات سياسية غير متجانية ومتنافرة، وهو ما يعسّر عملية التواصل بين أعضائها، فتتدنّى لغة الحوار وتتفاقم الخصومات والخلافات، وينتهي الأمر بالاستقالات التي تهدّد بحلّ هذه المجالس والعودة إلى النقطة الصفر.

من جانيه، رأى المحلل السياسي احمد بن يونس أنّه بالإضافة إلى التركيبة غير المتجانسة للمجالس المحلية فإنّ هناك معضلة أخرى كبرى، وهي ضعف الإمكانات الذاتية لهذه المجالس، موضحًا أنّ الحكم المحلي يقوم على مبدأ "التدبير الحر" أي على هامش كبير من الاستقلالية في اتخاذ القرارات بعيدًا عن السلطة المركزية، وهذا يتطلب كفاءة في إدارة المجالس وأيضًا موارد مالية مهمة تغني المجلس المحلي عن دعم الدولة، وهو ما لا يتوفّر في معظم المجالس المحلية، حسب تأكيده.

وأضاف بن يونس لـ "إرم نيوز" أنه "بالإضافة إلى هذه الصراعات السياسية، تعاني جلّ المجالس المحلية، خاصة تلك التي تمّ إحداثها، من صعوبات جمّة في تدبير شؤون المواطنين وتنفيذ الوعود الانتخابية الكبيرة التي أطلقها المترشحون إبّان حملاتهم الانتخابية للظفر بمقاعد داخل هذه المجالس.

واعتبرت "الكونفدرالية التونسية لرؤساء البلديات" وهي هيكل جامع لرؤساء المجالس المحلية، أن الاستقالات الجماعية الأخيرة في المجالس المحلية "تهدف إلى الإطاحة برؤساء البلديات"، مشيرة في بيان لها، إلى أن "غياب نص قانوني يحمي مؤسسة رئيس البلدية صلب الأزمة، من التجاذبات السياسية بين الكتل المكونة للمجلس البلدي من شأنه أن يؤثر سلبًا على استقرار أداء الإدارة البلدية وتنفيذ البرامج التي تم تضمينها صلب الميزانية."

وحذرت الكونفدرالية في بيانها من "ضرب استقرار منظومة الحكم المحلي، وقالت إنها ستتوجه إلى القضاء الإداري لرفع قضايا في كل التجاوزات القانونية لوزارة الشؤون المحلية والبيئة، محذرة من "خطورة محاولة الالتفاف على أحكام الباب السابع من الدستور وعرقلة عملية إرساء حكم محلي فعلي وعدم احترام إرادة الناخبين"، حسب البيان.

وعلّق محفوظ بأنّ هناك معضلة تشريعية في تطبيق الباب السابع من الدستور، الذي ينصّ على تولّي الجماعات المحلية تسيير شؤونها عبر المجالس المحلية المنتخبة، ووفق مبدأ التشاركية بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني والمواطنين، وهو ما يعكس الورطة التي وجدت فيها هذه المجالس نفسها بعد أقل من سنة على تنصيبها.

التالي