بعد أن بدأت الترتيبات لمرحلة ما بعد كورونا.. هل بات التعايش مع الوباء حتميا في الجزائر؟
بعد أن بدأت الترتيبات لمرحلة ما بعد كورونا.. هل بات التعايش مع الوباء حتميا في الجزائر؟ بعد أن بدأت الترتيبات لمرحلة ما بعد كورونا.. هل بات التعايش مع الوباء حتميا في الجزائر؟
أخبار

بعد أن بدأت الترتيبات لمرحلة ما بعد كورونا.. هل بات التعايش مع الوباء حتميا في الجزائر؟

بلال العبويني

بدأت السلطات الجزائرية في الاستعداد لمرحلة ما بعد كورونا، بالتزامن مع أوامر وجهها الرئيس عبدالمجيد تبون لأعضاء المجلس القومي للأمن في البلاد (عقد السبت الماضي)، تقضي بالشروع في إعداد مخطط عمل يُراعي مختلف الأبعاد الصحية والاقتصادية والاجتماعية، كما ذكر بيان للرئاسة.

وقال مراقبون؛ إن هذا القرار يعد مؤشرا على قرب رفع إجراءات الحجر الصحي السارية حتى 29 أيار/ مايو الحالي، وما عزّز هذه القراءة، هو رفض المجلس مقترح اللجنة الحكومية لمتابعة الوباء بفرض حظر التجوال الشامل في البلاد يومي عيد الفطر، مع استمرار تسجيل إصابات بفيروس كورونا تقارب الـ 200 حالة يوميًا خلال الأيام الماضية.

وبشكل متسارع، أعلنت عدد من القطاعات الحكومية مثل السياحة والنقل العمومي والتجارة وشؤون الدين والأوقاف تدابير وقائية في الإدارات التابعة لها والمغلقة منذ شهرين بسبب جائحة كورونا، على غرار المساجد ومحطات نقل المترو والجامعات التي طالتها حملات تعقيم واسعة.

"الكمامة".. سلاح التعايش

إلى ذلك، صرح عضو اللجنة العلمية الحكومية لرصد ومتابعة وباء كورونا البروفسور محمد بقاط بركاني للإذاعة الجزائرية؛ أن الوضعيىة الوبائية في بلاده مستقرة بالرغم من إرتفاع معدل الإصابات، مبرزًا أنه لا بد من تعايش المواطنين مع الفيروس شريطة التزام كل درجات الحيطة واليقظة لمحاصرة الفيروس.

وتتجه الحكومة الجزائرية لفرض إلزامية ارتداء الكمامة، حيث تسابق السلطات العليا الزمن لتوفيرها بالعدد الكافي، مع إمكانية فرض غرامات مالية على رافضي ارتدائها، وفي مقدمتهم التجار.

وبحسب تقديرات حكومية كشف عنها رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد، فإن فرض الكمامة يتطلب توفير 7 ملايين وحدة أسبوعيًا حتى يتمكن المواطنون من استعمالها إلى غاية تجاوز الأزمة الصحية.

وتبنت الجزائر في 23 أذار/ مارس بروتوكول علاج المصابين بفيروس كورونا، يتمثل في دواء "كلوروكين"، وتقول السلطات إنه أثبت نجاعته بدليل ارتفاع معدلات الشفاء مقابل انخفاض في أعداد الوفيات.



أضرار اقتصادية واجتماعية

يعتقد الدكتور  والباحث في علم الاجتماع نور الدين بكيس،أن "المجتمع الجزائري تضرر كثيرًا من فيروس كورونا وبالتالي فإنه سيكون جاهز نسبيًا للتعايش مع هذا الوباء مستقبلًا في ظل غياب خيار آخر".

وأوضح بكيس في تصريحات لـ"إرم نيوز"؛ أن "الأيام أثبت صعوبة تطبيق إجراءات الحجر الصحي في الجزائر بالنظر إلى غياب الموارد المالية الكافية لتعويض المتضررين من الفيروس، بالإضافة إلى عدم توفر الحكومة على أدوات إحصاء دقيقة للمجتمع بكل تفاصيله الاقتصادية والتجارية وغيرها".

وأبرز المتحدث؛ أن "تخفيف آثار الحجر الصحي باتت حتمية لأنه من غير المستبعد أن نكتشف أن عدد الوفيات جراء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية (التباعد) ستكون أكبر من فيروس كورونا"، مستدلًا بتصريحات أحد أعضاء اللجنة الحكومية لمتابعة وباء كوفيد 19، قال فيها إن 20 ألف جزائري يموتون سنويًا متأثرين بالأمراض المزمنة.

واعتبر بكيس، أن فترة التعايش مع كورونا ستسمح للمواطن بمراجعة سلوكياته بينما يتعين على السلطة مراجعة أدائها، داعيًا لـ"عدم إغفال نقطة مهمة وهي أن معظم الدول وبنسب متفاوتة تبنت أزمة كورونا لإعادة ترتيب البيت الداخلي وتطبيق مشاريعها الخاصة".

وبحسب الباحث؛ فإن جائحة كورونا منحت للنظام السياسي في الجزائر فرصة التخلص من الضغط المجتمعي سواء ذلك الناتج عن الحراك الشعبي المنطلق منذ 22 شباط/ فبراير 2019، والمعلق بعد ظهور الفيروس، أو الناجم عن الأزمة الاقتصادية.

وعليه لا يستبعد المتحدث؛ أن يبقى هاجس كورونا على مستوى إرادة السلطة، ورقة الحكومات للمزايدة وتسيير مجتمعاتها، لأنها تعلم جيدًا أنها غير قادرة على تسييرها بشكل طبيعي.

وتابع "في النهاية أعتقد أن كورونا هي أداة للأنظمة من أجل تثبيت سلطتها على الشعوب، وفي الوقت نفسه هي فرصة للمجتمعات من أجل افتكاك هامش محترم من الأنظمة لتحسين أدوارها".



وتشكل عائدات البترول والغاز قرابة 94% من مداخيل الجزائر، ومع هبوط أسعار النفط الخام دون 30 دولارا للبرميل منذ آذار/ مارس الماضي، أعلنت عن خطة تقشفية ترتكز على تقليص نفقات الدولة إلى 50%، مع تجميد أغلب المشاريع الحكومية باستثناء التعليم والصحة، وخفض فاتورة الواردات بواقع 10 مليارات دولار، مقارنة بالعام الماضي حيث بلغت 41 مليار دولار.

وفي مقابل ذلك، تتوقع الجزائر( أكبر بلد في إفريقيا من حيث المساحة) تراجع احتياطاتها من العملة الصعبة ( اليورو والدولار) إلى 44 مليار دولار بنهاية 2019 .

التالي