لماذا كان معرض إيران الأول للفن العربي المعاصر مهمًا؟
لماذا كان معرض إيران الأول للفن العربي المعاصر مهمًا؟ لماذا كان معرض إيران الأول للفن العربي المعاصر مهمًا؟
منوعات

لماذا كان معرض إيران الأول للفن العربي المعاصر مهمًا؟

Nermeen El-lamadany

وسط زحام السيارات، زادت المصورة والمخرجة السينمائية، أروى النعيمي، من السرعة، وقامت بتوجيه سيارتها الكهربائية بيدها اليسرى وأمسكت الكاميرا التي كانت تخفيها بيدها اليمنى، وركزت عدستها على النساء الأخريات اللاتي ركبن السيارات من حولها، واللاتي يرتدين براقع سوداء.

وبدلاً من تحاشي اصطدام سياراتهن الكهربائية ببعضها، بدا أن هؤلاء النسوة السعوديات يتحركن بلا مبالاة لتحقيق متعة بسيطة من قيادة هذه السيارات، ولكن هذه اللحظات العابرة، التي التقطتها النعيمي بعدستها، هي أكثر عجباً من البهجة التي تمتعت بها تلك النساء.

وقالت النعيمي، لمجلة فايس عبر سكايب من المملكة العربية السعودية، إن "النساء لا تحب الاصطدام ببعضهن"، وأضافت "إنهن يرغبن فقط في قيادة السيارة، ويقلن لك، ابتعد عندما تصطدم بسيارة إحداهن".

بهذه المشاهد التي تقدم صورة مقلقة عن الحياة في السعودية، تم افتتاح معرض للفن في إيران، يعد الأول من نوعه، يقوم بعرض أعمال لفنانين عرب معاصرين.

وأكدت مجلة " فايس" الأمريكية أهمية معرض إيران الأول للفن العربي المعاصر، ودوره في تحقيق الحوار بين إيران والدول العربية.

ولم يضم معرض " أوساط التأثير" رموز وسلوكيات عبر هيكلة المناظر الطبيعية"، الذي تم تنظيمه خلال شهري أبريل ومايو في جاليري محسن بطهران، أية أعمال لفنانين إيرانيين. وبدلا من ذلك جاءت الأعمال من دول مجاورة، مثل الكويت والمملكة العربية السعودية والعراق والإمارات العربية المتحدة.

وإلى جانب العمل الفني للنعيمي، كانت هناك أعمال للفنان السعودي أحمد مطر والفنان الكويتي طارق الغصين، والمصورة الإماراتية لمياء قرقاش والفنانة العراقية الأمريكية وفاء بلال.

وقدم المعرض في جوهره نافذة عن كيفية تكوين الثقافات العربية، باستخدام رموز اجتماعية وهياكل مادية، مع تسليط الضوء على كيف يمكن للأشخاص والفنانين أن يحرصوا على تغيير سلوكهم في سياقات منظمة.

وقالت ليلى نظيميان، الإيرانية المولد، والمشرفة على معرض أوساط التأثير، والتي تعيش حالياً في نيويورك، إن "الفن هو جزء من الثقافة الإيرانية، وخلال عملية البحث في هذا المعرض كان الشيء الصادم بالنسبة لي أنه في العصر الحديث لم يكن هناك أعمال معروضة لفنانين من الدول المجاورة لنا.. هذا جنون".

ويشهد مجال الفن المعاصر في إيران، ازدهاراً كبيراً، فالبلد لديه تاريخ طويل من معارض الفن الغربي. ولكن حتى لو ادعت نظيميان عدم معرفتها بالضبط، سبب تردد البلاد في الاطلاع على الأعمال الثقافية للدول المجاورة، إلا أنها تظن أنها قد تضطر إلى القيام به مع الفن الغربي الذي ألقى بظلاله طويلاً على العالم الإسلامي.

وأضافت أن "الهيمنة الثقافية التي فرضها عالم الفن في الغرب أنشأت نظاماً هرمياً يعتبر الفن الغربي معياراً للذوق السليم، معظم أوساط الفنون الدولية على دراية تامة بالفن الغربي بسبب هذا، وبالتالي تشير إليه باعتباره المعيار الذي يسعى الجميع لتحقيقه، وقد أردت أن أبعد الفن الغربي خارج الصورة".

وتحدث طارق الغصين، وهو فنان تشكيلي كويتي من أصل فلسطيني، عن المعرض عبر الهاتف من بيروت قائلاً: "كان حدثاً رائعاً، لقد اكتظ المعرض بالناس، لم يكن أحد يعتقد أن الأعمال ستباع، ولكن تم شراء الكثير من الأعمال الفنية".

وبطبيعة الحال، لا يمكن أن ينتاب المرء العجب، إذا أدت طبيعة الجغرافيا السياسية المهلهلة في المنطقة إلى فعل شيء مع التأخر في وصول الفن العربي المعاصر للبلاد.

وأكد الكثير من الفنانين، أن الظهور الأول للمعرض، الإيراني جاء في لحظة متوترة.

وقال كريم سجادبور، خبير السياسة الخارجية الإيرانية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في واشنطن العاصمة، عبر البريد الإلكتروني، إن "الشوفينية الثقافية الفارسية تجاه العرب تبلورت على مدى قرون، وقد تفاقمت وعلى الأرجح بسبب التوتر الجيوسياسي الحاصل في الآونة الأخيرة،" وأضاف: "عندما يفكر الإيرانيون في الفن والثقافة العالية والتاريخ فهم عادة ما ينظرون إلى أوروبا وأمريكا والشرق الأقصى، وليس إلى جيرانهم العرب".

ووفقاً لسجادبور، فإن التركيز الكبير على الحوار بين الشرق والغرب، بدلاً من الحوار بين الشرق والشرق، ترك فراغًا إقليميا في مجال التواصل، وربما يكون السبب الأساس في الغياب العجيب للفن العربي المعاصر عن إيران.

وأوضح أنه "من الشائع للغاية مقابلة عرب وإيرانيين يتحدثون الإنجليزية بطلاقة.. ومن النادر لقاء إيراني يتحدث العربية بطلاقة أو عربي يتحدث اللغة الفارسية بطلاقة، إن التفاهم القائم بين الشرق والغرب يفوق كثيراً ذلك التفاهم بين الشرق والشرق"، وبالنسبة للسيدة نظيميان، المشرفة، كان هذا هو المنطلق لبدء الحوار.

وقالت "يوجد مثل هذا التركيز على الغرب والشرق وأوروبا والولايات المتحدة والشرق الأوسط، وأعتقد أن هذا هو الوقت لبدء الحوار مع الجيران".

ومع ذلك يجب على الفنانين الإيرانيين التنقل باستمرار واختبار حدود حرياتهم الفنية، وغالبا ما يفرضون رقابة ذاتية على أنفسهم حتى لا يثيرون غضب المؤسسة الدينية القوية في البلاد خوفاً من الاعتقال والجلد والسجن.

وإذا كان المعرض يمثل تحولاً في ديناميكية الثقافية الإقليمية إلا أنه لم يكن تحولاً ثورياً تاماً، ووفقًا لكريستيان غروبر، الخبير في الفن الإسلامي في جامعة ميشيغان، فإن بعض موضوعات المعرض تتفق تمامًا مع موقف إيران الحاسم تقليديا تجاه جيرانها العرب.

من جانبها، كانت المصورة السعودية النعيمي أقل اهتماماً باختلافات الجغرافيا السياسية، التي شكلت جزءاً من المعرض، وركزت أكثر على الاحتفال بوجودها فيه.

وقالت "المعرض يحاول الجمع بيننا".

التالي