رحَّالة الصيف: عادات المالطيين
رحَّالة الصيف: عادات المالطيينرحَّالة الصيف: عادات المالطيين

رحَّالة الصيف: عادات المالطيين

سمير عطا الله

عن مالطة وأهلها كتب أحمد فارس: ... أما أهل القرى، فإن الرجال منهم يثقبون آذانهم ويتقرطون بأقراط من الذهب. ويرخون سوالف مجعدة من أفوادهم إلى طلاهم، وهاتان صفتان من صفات الإناث، ويلبسون طرابيش مختلفة الألوان مسدلة على أكتافهم، وهي شبيهة بالأجرية، ويمشون حفاة، ويتحزمون بأحزمة. ومنهم من يتختّم بعدة خواتم من ذهب، ويجعل إزار صدريته منه أو من الفضة. ويحمل سترته على كتفه، ويمشي حافيًا مشية المفراح البطر، وإن الجرار منهم، أو الخمار ونحوهما، ليخرج في الأعياد وفي أصابعه عشرة خواتم من الذهب، ومثلها في سلسلة ساعته، وفي صدريته أزرار كثيرة من الذهب أو الفضة. أما النساء فإن من كان لها حذاء لا تلبسه إلا إذا جاءت المدينة، وهي معجبة به، حتى إذا خرجت منها تأبطته. وجميع الأعيان في مالطة يخرجون في الصيف من دون أردية تستر أدبارهم. خلافًا لعادة الإفرنج في أوروبا، والمتكيس الغيساني منهم، هو الذي يزنق سراويله على فخذيه وإليتيه حتى لا يعود يمكنه التقاط شيء من الأرض. وأكثرهم يفخِّم فخذيه ومؤخره بحشو في السراويل. ويستر كل عظم ناتئ في بدنه. ويبدي ما ينبغي أن يستر. فإذا مشى أحدهم على هذه الصفة، نظر إلى عطفيه كالزوزك، وإلى سراويله وحذائه معجبا بما لديه. وللنساء زهو وعجب إذا مشين أكثر من زهو الرجال. فترى المرأة تخطو كالعروس المزفوفة إلى بعلها. وهي ممسكة بطرف الوشاح باليد اليسرى، وبطرف غطاء رأسها باليمنى، فتكون على هذه الحالة أشغل من ذات النحيين، فمتى أوين إلى بيوتهن، لبسن أخلق ما عندهن من الثياب، وسواء في ذلك الفقراء والأغنياء والرجال والنساء. وهذا هو أحد الأسباب التي حببت إلى المالطيين تجنب المعاشرة والمخالطة. وربما عدَّت المرأة التي تبقى في منزلها بلباس حسن من المتبرجات، وإذا زرت أحدهم فلا يستحي أن يقول مهلاً فإن زوجتي تبدل ثيابها لتحضر بين يديك. ومنهن من تبقى في بيتها بغير حذاء، ثم إذا خرجت في يوم الأحد لبست جوارب من حرير وكفوفًا منه، وتبهرجت غاية ما يمكن. فإن المالطيين يتفخلون في الأعياد كل التفخل بخلاف الإنجليز هنا، فإنهم يبقون على حالة واحدة. وفي الجملة، فإن هَمّ هؤلاء الناس كلَّه مصروف في التفاخر بالرياش، وهو شأن حديث النعمة. ومتى كانت إحدى نساء مالطة حاملاً مشت الخيلاء، ورفعت بطنها ليراها كل من مرّ بها، ومتى أبصرت ذا شوهة رسمت شكل الصليب على بطنها تعوّذًا من سريان الشوهة إلى الجنين. وإذا شمت في الطريق رائحة طبيخ وتوحمت عليه، بعثت تستهدي منه. أما حلي النساء فالذهب غالبًا للأغنياء والفضة للفقراء. إلا أنه قلّ أن ترى امرأة من دون حلي من ذهب، وأصناف الحي الشنوف، ويقولون لها مسالت، وفي لغة أهل الغرب مصالت، والأسورة يلبسنها فوق الأكمام والإبر والخواتم والسلاسل والساعات. ويندر جدًا تحليهن بالجواهر النفيسة، وإما تتحلى بها الخواتين في الرقص والولائم. وكما أن لباس رجال الإفرنج لا يخلو من إخلال بالحياء، كذلك كان لباس نسائهم أدعى إلى الحشمة والتصاون من لباس نسائنا.
إلى اللقاء..

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com