أكراد تركيا العقبة الأكبر لطموح أردوغان
أكراد تركيا العقبة الأكبر لطموح أردوغانأكراد تركيا العقبة الأكبر لطموح أردوغان

أكراد تركيا العقبة الأكبر لطموح أردوغان

من المفارقات في السياسة في الداخل التركي أن تكون العقبة التي تقف في وجه طموح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للاستحواذ على السلطات ليس حزب "الشعب الجمهوري" أكبر الأحزاب المعارِضة بل حزب قومي كردي صغير نسبياً.

ويرجح محللون أن يكون حزب "الشعوب الديمقراطي" أكبر العوائق التي من الممكن أن تحد من طموحات أردوغان السُّلطوية، في حال تجاوز الحزب الكردي لحاجز الـ 10% الانتخابي.

واستطاع أردوغان، خلال معارك انتخابية سابقة، الانتصار على القوميين؛ الممثلين بحزب "الشعب الجمهوري" وحزب "الحركة القومية" اليميني المعارض، وتشتيت أصوات قِوى اليسار، وإضعاف شوكة الليبراليين.

واستعان أردوغان خلال ذلك بأصوات الناخبين الأكراد، على خلفية الاستقرار الأمني النسبي في مناطقهم، بالتزامن مع مفاوضات عملية السلام، مع حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) خلال الأعوام الماضية، والتنمية الاقتصادية الملموسة، إذ شهدت المناطق الريفية ذات الغالبية الكردية شرق وجنوب شرق البلاد انتعاشاً نسبياً، منذ استلام حزب "العدالة والتنمية" الحكم عام 2002، بعد عقود من الفقر والإهمال في ظل الحكومات القومية والعسكرية، بالإضافة إلى تلقي أردوغان لدعم الأكراد المتدينين.

ويرى محللون أن الانتخابات البرلمانية، المقرر إجراؤها يوم 7 حزيران/يونيو القادم، تختلف عن الجولات الانتخابية التي سبقتها؛ ويقولون إنها من الممكن أن تشهد تحولاً في المزاج الشعبي الكردي، عن أردوغان، الطامح إلى تغيير الدستور، وتحويل البلاد، إلى نظام رئاسي ليكون بذلك رئيساً تنفيذياً يجمع بيده مزيداً من السُّلطات.

وقد تُعزز خيبة أمل شريحة واسعة من الناخبين الأكراد، من عدم إقدام الحكومة على خطوات عملية جدية في عملية السلام، والإفراج عن الزعيم التاريخي للأكراد، عبد الله أوجلان، المحكوم بالمؤبد في سجنه الانفرادي، في بحر مرمرة، منذ 15 عاماً، في ابتعاد الأكراد عن أردوغان، والتفافهم بشكل أكبر حول زعيم حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي الشاب، صلاح الدين ديمرطاش (42 عاماً).

وعلى الرغم من أن مسار عملية السلام، شهد انفراجة على خلفية دعوة أوجلان الأخيرة لأنصاره في العيد القومي للأكراد (النيروز) يوم 21 آذار/مارس الماضي، بإلقاء السلاح والتحول إلى الكفاح السياسي، ووقف العمليات المعادية لأنقرة، إلا أن تصريحات أردوغان الأخيرة بشأن عملية السلام أثارت غضب الأكراد الذين اتهموه بعرقلة مسار المفاوضات.

وسبق أن رفض أردوغان في أكثر من مناسبة الاعتراف بوجود "مشكلة كردية في تركيا"؛ وقال "لم تكن هناك طاولة مفاوضات جلس عليها الطرفان للتفاوض خلال عملية السلام، لأن هذا يعني انهيار الدولة، فليس هناك طرف تتخذه الدولة مخاطباً للتفاوض، بل هناك دولة فقط وهي صاحبة القرار النهائي في هذه العملية".

وأضاف "الدولة لا يمكن أن تلقي السلاح، بل تتدخل وتفعل اللازم في حال حمل الإرهابي للسلاح، وهذا هو السبب في كون موضوع الأمن الداخلي حساساً وحرجاً إلى هذه الدرجة، إن حزب الشعوب الديمقراطية هو من تسبب في حدوث مشاكل بطرق غير قانونية".

ويُعدّ ديمرطاش من أبرز منتقدي أردوغان، ويحمل طموحاً غير مسبوق، لتجاوز حاجز الـ 10% في الانتخابات البرلمانية، الذي يُعدّ الأعلى عالمياً، وطالما كان عقبة في وجه الأحزاب الكردية للدخول إلى البرلمان، والذي ابتدعته حكومة الانقلاب العسكري عام 1980، ليكون عائقاً أمام المرشحين الأكراد، ما دفعهم خلال انتخابات سابقة، إلى الالتفاف عليه، بالترشح بشكل مستقل.

ويحاول ديمرطاش، التصدي لـ "الأحلام السلطوية لأردوغان" وسبق أن اتهمه بمحاولة "ترسيخ دكتاتورية دستورية، من خلال الاستئثار بجميع الصلاحيات".

وإذا أخذنا بالاعتبار، نجاح ديمرطاش في استقطاب نسبة أكبر من الداعمين الأكراد لحزبه، وتمكنه خلال الانتخابات الرئاسية، التي جرت في آب/أغسطس الماضي، من الاستحواذ على نسبة مرتفعة، وغير مسبوقة، وصلت إلى 9.8% (حصل أردوغان آنذاك على 51%) فإن تجاوز حاجز الـ 10% بات سهل المنال، في ظل تحالفات ديمرطاش الجديدة مع العلويين وغيرهم من الأقليات، بالإضافة إلى تقربه من الليبراليين، والجمعيات النسائية التي تنشط في الأوساط الكردية، ما يعطيه زحماً ودعماً، قد يمكنه من دخول البرلمان والاستحواذ على حوالي 50 إلى 70 مقعداً من مقاعد البرلمان التي يبلغ عددها 550 مقعداً.

ويشكل دخول حزب الشعوب الديمقراطي إلى البرلمان، مشكلة حقيقية لأردوغان، الساعي إلى الاستحواذ على ثلثي أصوات البرلمان، ليستطيع تغيير الدستور، والتحول إلى النظام الرئاسي.

وتُرجح استطلاعات الرأي في الداخل التركي؛ فوز حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية الحاكم، بالانتخابات المقبلة، وذلك لا يعني بالضرورة تمكن أردوغان من الشروع في استفتاء شعبي لتغيير الدستور، والتحول إلى النظام الرئاسي، فإذا تمكن حزب "ديمقراطية الشعوب" من تخطي حاجز الـ 10%، فإن ذلك سيكلف حزب العدالة والتنمية حوالي 40 مقعداً، ويبقى له حوالي 270 إلى 310 مقاعد فقط، ما قد "يهز هيمنة أردوغان على السياسة التركية، التي دامت أكثر من عشرة أعوام.

ويحتاج الحزب الحاكم، إلى الحصول على 330 مقعداً في البرلمان، على الأقل، لتغيير الدستور، و 367 مقعداً للقيام بذلك دون الحاجة لإجراء استفتاء.

ووفقاً لمعهد واشنطن للأبحاث؛ فإن حزب "الشعوب الديمقراطي" إذا تمكن من الفوز بنسبة 12% من الأصوات، فإن الحزب الحاكم قد يضطر إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع أحد الأحزاب المعارضة.

ومهد انتخاب أردوغان رئيساً للبلاد، يوم 10 آب/أغسطس 2014، بشكل مباشر عن طريق الاقتراع الشعبي، لمنحه صلاحيات لم تُمنَح لسابقيه، بعد أن كان اختيار الرئيس التركي يتم عن طريق البرلمان منذ تأسيس الدولة الحديثة، في عشرينيات القرن الماضي.

ويتخوف معارضون من استئثار أردوغان بالسُّلطة، ما ينعكس على الحريات العامة في البلاد، ومبدأ فصل السلطات، كما يتخوف البعض من عدم فك الرئيس الجديد لارتباطه السابق مع حزب "العدالة والتنمية" الذي كان يتزعمه، ما يؤثر على كون أردوغان رئيساً جامعاً للأتراك على مختلف تياراتهم وتوجهاتهم.

ومنذ تأسيس تركيا الحديثة، على يد مصطفى كمال (أتاتورك) كان منصب الرئيس يحمل صفة فخرية، واقتصر دوره على تقريب وجهات النظر، ولعب دور توافقي، بين الحكومة والمعارضة، كونه رئيساً جامعاً للأتراك على مختلف تياراتهم وتوجهاتهم.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com