العراق.. معارك تكريت تأخذ منحى طائفيا
العراق.. معارك تكريت تأخذ منحى طائفياالعراق.. معارك تكريت تأخذ منحى طائفيا

العراق.. معارك تكريت تأخذ منحى طائفيا

بغداد ـ في الطريق الى المناطق التي تم طرد عناصر داعش من محافظة صلاح الدين باتجاه تكريت (170 كلم شمال بغداد) توجب علينا ان نسلك طًرقا جبلية وعرة وغير معبدة للوصول الى تلك المناطق التي بدت شبة خالية من سكانها المدنيين وحتى من الحيوانات.

كانت مظاهر الحرائق بادية على جميع المناطق والطرقات التي مررنا بها وتعج بالعجلات المدمرة والمحترقة وبالحفر التي خلفتها انفجارات العبوات الناسفة والقنابل وكذلك بمخلفات السيارات المدمرة.

انتشرت على طول الطريق نقاط حراسة لا يفصل بين احداها والاخرى اكثر من كيلومترين تساندها عجلات عسكرية ومدنية مع عناصر مختلفة الملابس والرايات والتوجهات ولا يجمع بينهم سوى حمل السلاح ومقاتلة الطرف الاخر.

كانت القوات المتواجدة على طول الطرق التي مررنا بها تحمل رايات متعددة الاشكال والالوان وترفع شعارات مختلفة تدل على اسماء المنظمات والمجاميع العسكرية التي تنتمي اليها، فيما غاب العلم العراقي ولم يرفع الا على استحياء في عدد من سيارات الجيش والشرطة العراقية وكذلك بعض الاماكن.

في منطقتي تل كصيبة والناعمة شرقي تكريت ظهرت اول علامات للحياة في هذه المنطقة التي تضم بيوتا من قبائل شمر البدوية رفعت رايات بيضاء على المنازل والسيارات والجرارات الزراعية فضلا عن راية الكتيبة الذي يسيطر على القاطع الذي تقع فيه تلك المنازل.

عند احدى نقاط التفتيش أوقفتنا مجموعة من المسلحين وحضر الى السيارة شاب لم يكمل عامه الـ 18 على ما يبدو يرتدي عمامة بيضاء عرفه العسكريون الحاضرون لنا بـ"السيد" وكان يلبس بزة عسكرية مرقطة ووضع على كتفه سيفين متقابلين يمثلان سيف الامام علي ذي النهاية المشروخة ، فيما كتب بينهما اسم الفصيل الذي ينتمي الية مع دعاء لاحد ائمة اهل البيت وهو يعيد الى الاذهان السعفتان اللتان كان يحملها وزراء صدام حسين قبل احتلال العراق في عام 2003 .

وبعد ان دقق "السيد"هويات الرجال أمر السيارة بالمغادرة قائلا" نحن لا ندقق هويات النساء فهن امهاتنا واخواتنا ويجب ان يبقين معززات مكرمات".

في مناطق قبائل شمر لاحت اولى علامات الحياة حيث بدت المنازل عامرة بأهلها ولم تصب باذى فيما راحت قطعان الماشية ترعى في الحقول الخضراء دون خوف او وجل فيما انخرط ابناء القبيلة في الحشد الشعبي وشكلوا نقاطا للحراسة على جميع الطرقات التي تمر في مضارب القبيلة .

في نقطة الدخول الى ناحية العلم (15 كلم شمال شرقي تكريت )والتي قاومت سيطرة داعش لأسبوعين كاملين كانت الصورة مختلفة نوعاً ما حيث يشارك ابناء قبائل الجبور والعبيد والعزة والجميلة في عمليات مسك الارض والسيطرة عليها و تنظيم حركة العائدين الى ديارهم.

في مبنى مديرية الناحية ، قال رئيس المجلس البلدي جاسم العفري" انهم يعملون ليل نهار في سبيل تهيئة ظروف عودة النازحين من ابناء الناحية في المحافظات الاخرى وكذلك لإعادة التيار الكهربائي والمياه والخدمات الصحيحة الى السكان العائدين".

فيما انتقد ليث حميد مدير الناحية تباطؤ أجهزة الدولة العراقية بتوفير الخدمات واحتياجات السكان المدنيين من المواد الغذائية بالرغم من الاوامر التي اصدرها رئيس الوزراء حيدر العبادي ، مشدداً على أن" المنطقة تحتاج لجهد استثنائي لرفع مخلفات الحرب والنفايات واعادة الحياة الى دوائر الدولة والمرافق الصحية والخدمية والمدارس".

وبالرغم من اننا لم نتمكن من لقاء مدير شرطة العلم الا إن ضابطا برتبة عقيد يدعى نعيم محمود قال إن" الوضع جيد حالياً ولكن هناك مخاوف من عودة عناصر تنظيم داعش بسبب الانقسامات والمشاكل التي تعصف بمنتسبي الحشد الشعبي والشرطة العراقية" ، معربا عن مخاوفه من قلة التسليح والتجهيز الذي تحصل عليه شرطة العلم وابناء الحشد فيها.

ومضى قائلا :"لا ندري كيف نحمي منطقتنا ببنادق قديمة من نوع كلاشنكوف فيما يمتلك الطرف الاخر مختلف انواع الاسلحة الحديثة والمؤثرة ملقياً باللوم على قادة الحشد والشرطة وحكومة بغداد التي لا تريد تسليح ابناء الطائفة السنية بالرغم من وقوفهم مع الدولة" .

على جدران المباني التي مررنا بها وعلى طول الطريق كانت شعارات متطرفة لتنظيم الدولة الاسلامية داعش تم تمزيقها ومحو جزء منها واستبدلت بشعارات اسلامية شيعية لا تقل تطرفاً عن سابقتها مما يزيد من مخاوف السكان المحليين الذين وان استقبلوا تلك الحشود بترحاب الا انهم يخشون ان يعمل عناصر الحشد على ايذائهم او اجبارهم على عقيدة جديدة.

ويقول ابو محمد/ 55 عاما/ موظف حكومي"أخشى من المستقبل القريب فرايات داعش السوداء تغيرت الى ملونة والشعارات نفسها أعيدت كتابتها بلهجة اخرى تحمل المضمون ذاته ".

ويضيف"أخشى ان نكون مقبلين على مواجهات اخرى بين تيارات اسلامية شيعية تجري على ارض محافظة صلاح الدين يدفع المواطنون البسطاء ثمنها".

من خلال اسئلتنا لبعض عناصر الحشد الشعبي تبين لنا انهم يعملون بموجب اوامر تصدرها قياداتهم دون الرجوع لقادة الجيش والشرطة مع ملاحظة أن عناصر منظمة بدر التي يقودها النائب الحالي ووزير النقل السابق هادي العامري هم الاكثر تواجداً وتنظيماً وتسليحاً من بين عناصر ومجاميع الحشد الشعبي.

مشاهد البيوت المدمرة والمحترقة من قبل تنظيم داعش لا تغيب عن العين وشاهدنا اثناء تجولنا في مناطق العلم والدور و تل كصيبة والناعمة عمليات احراق ونسف لعدد من البيوت التي قال عنها اعضاء الحشد إنها بيوت لعناصر تنظيم داعش فيما يؤكد مواطنون كثيرون على انها منازل لمواطنين عاديين ليس لهم علاقة بداعش.

وفي الدور/ 22 كم شرقي تكريت/ مسقط رأس نائب الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كانت عمليات نسف وحرق المنازل مستمرة بشهادة عدد من الجنود الذين طلبنا منهم وبإلحاح السماح لنا بسلوك الشارع العام وسط المدينة لكنهم رفضوا وقالوا وبصريح العبارة ان" الحشد مشغول بنسف البيوت وانه لا يمكننا المرور حفاظاً على حياتنا".

وفي اعلى خزان المياه الذي يغذي مدينة الدور ظهرت للعيان الشعارات التي تؤكد أن الحرب تنحو منحىً طائفياً حيث قام عناصر الحشد بتغيير شعار كتبه تنظيم داعش يقول"خلافة على منهاج النبوة"الى"خلافة (علي) منهاج النبوة".

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com