مطلوب تحرك عربي قوي!
مطلوب تحرك عربي قوي!مطلوب تحرك عربي قوي!

مطلوب تحرك عربي قوي!

محمد خلفان الصوافي

تدهور الوضع السياسي والأمني العربي في مقابل محاولة القوى الإقليمية والعالمية على فرض رؤيتها على القضايا العربية، أصبح يشغل بال الكثير من الباحثين والمراقبين العرب، الذين باتوا يتفقون على أن هناك ملامح ضبابية في الأفق العربي تشي بأن هناك تحولاً استراتيجياً قادماً.

لا مبالغة في أن الوضع العربي الحالي لا يختلف كثيراً عن وضع الدولة العثمانية في مطلع القرن العشرين عندما وصفت وقتها «برجل أوروبا المريض» ونتجت على إثرها اتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت الدول التي تقع تحت نفوذ الدولة العثمانية إلى مناطق نفوذ بين فرنسا وبريطانيا القوتين العظميين في ذلك الوقت.

إذا كان موت النظام الإقليمي العربي لم يعلن بعد، فإن الشواهد التي تملأ الأفق السياسي العربي تدل على أن هناك تحضيراً لذلك من خلال المواقف السياسية العربية التي اتسمت مؤخراً بالاختلاف والتفرقة حول القضايا التي يواجهونها.

لم يعد خافياً أن هناك خريطة جديدة للشرق الأوسط سوف تظهر في نهاية الحروب الأهلية الدائرة في كل من العراق وسوريا وليبيا واليمن، وأن هذه الخرائط ستكون مختلفة عن الوضع الحالي، التخوف فقط يكمن في أن يكون التقسيم على حساب «الانتماءات الجزئية» مثل القومية العرقية أو الطائفية على حساب الهوية الوطنية. والمؤلم في الأمر أنه لم يعد هناك شك بأن الغرب في مراكز صنع القرار يفكرون نيابة عن أهل المنطقة في تفاصيل الخريطة المنتظرة.

العرب ينتظرون ما سيقرره الغرب الساعون إلى استثمار حالة الفراغ الاستراتيجي العربي في شأن منطقتهم في الوقت الذي هم يسجلون اختلافات في الموقف المناسب لمواجهة التحديات. أما القاسم المشترك بين القوى الدولية والإقليمية أن العرب لم يعد لديهم رأي في ما يحصل في منطقتهم، والرأي الوحيد يتمثل في تسجيل مواقف اختلاف بينهم.. والسبب كما يبدو للجميع يكمن في غياب التفاعل السياسي العربي.

ما يثير انتباه المراقبين العرب واستغرابهم حالياً موقفان لهما دلالة واضحة على أن جامعة الدول العربية (ممثل النظام العربي بأكمله أو ما يطلق عليه أحياناً «البيت العربي») أن دورها لم يعد موجوداً في المنطقة ولم يعد يعتد به، الموقف الأول: عدم دعوتها للمشاركة في الاجتماع الوزاري الذي دعت إليه الحكومة الفرنسية حول الأزمة الليبية، والذي عقد في العاصمة الفرنسية باريس مؤخراً. الموقف الثاني: الجدل الإعلامي العربي الحالي حول حماية الشعب السوري حول التصويت على القرار الروسي في الأمم المتحدة. تفسير الموقفين أن هناك حالة من التجاهل الدولي للدور العربي حتى في قضاياه، والتفسير الآخر أن هناك اختلافات حول الطريقة المناسبة لسد الفراغ السياسي أمام الأطماع الإقليمية والعربية.

اللافت في الأمر أن حالة القلق الذي تبديه الدول الكبرى، وكذلك الدول الفاعلة في الإقليم مثل تركيا وإيران حول ما يحدث في المنطقة العربية، منصبة على حجم المساحة أو «الكعكة» العربية، وليس حول ما يحصل فيها من أحداث سياسية وأمنية مؤلمة، وبالتالي فإن التهديدات التي يطلقها «الكل على الكل» ليس لحماية العرب، وإنما من أجل عدم تغيير الوضع القائم على الأرض لصالحه والحفاظ على نفوذ سياسي وافر في المنطقة.

مظاهر التراجع العربي التي أدت إلى حالة التنمر الدولي وجعلتهم يعانون أمام الأطماع السياسية تتمثل في: تربص تركيا للدخول إلى الموصل في حالة مشاركة «الحشد الشعبي» الشيعي في الحرب ضد «داعش»، وكذلك في التغلغل الإيراني في الداخل العربي خاصة في العراق وسوريا، وفي التدخل الروسي في سوريا وفي تشريع الولايات المتحدة لقانون ما يعرف بقانون «جاستا» هذا في مقابل حالة «الاحتراب العربي» الداخلي وحالة «اللاتفاهم» العربي بالمخاطر المحدقة عليهم.

في الحقيقة، إذا لم يثق العرب في قدراتهم الجماعية ويتفقوا على أن يقوموا بدور قوي يحمي منطقتهم من حالة «التنمر» الذي تظهره إيران وتركيا وكذلك روسيا والولايات المتحدة، فإن تلك الدول سوف تعمل على تقزيمهم وتحجيم دورهم في مواجهة التحديات المحدقة بهم، فالوقت قد حان أن يقوم العرب بدور قوي من أجل الدفاع عن سيادتهم ومصالحهم. لم يعد أحد في العالم يرى في المنطقة العربية سوى أنها ساحة لتقاسم الأدوار والنفوذ، وبات الأمر وكأن هناك اتفاقاً بين الجميع على «التمكن» من العرب.

الاتحاد

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com