علاج الفتنة الطائفية على طريقة النعامة!
علاج الفتنة الطائفية على طريقة النعامة!علاج الفتنة الطائفية على طريقة النعامة!

علاج الفتنة الطائفية على طريقة النعامة!

غادة خليل

اذا رأت النعامة خطر الموت محدقا بها، فإنها تلجأ إلى أغرب وسيلة لمواجهة الأزمة و هى أن تحفر سريعا في الرمال ثم تدفن رأسها فيها ظنا منها أن الحيوان المفترس أو الصياد سوف يصرف النظر و يتركها لحال سبيلها لمجرد أن رأسها أصبح مخبأ! وأخشى أن تكون أجهزة الدولة المصرية قد عادت إلى انتهاج تلك الطريقة في معالجة بعض مؤشرات الفتنة الطائفية بين عنصري الامة من مسلمين ومسيحيين. ورغم أن تلك المؤشرات لم تبلغ حد الخطر بعد، بفضل حالة الاصطفاف الوطنى التى تعيشها البلاد منذ ثورة الثلاثين من يونيو، إلا أنه من الواجب أخذ الحيطة والحذر والتعلم من أخطاء الماضي القريب.

قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، اعتادت الدولة، ممثلة بأجهزة الأمن، أن تنكر أصلا وجود مشاكل طائفية بأن تعزي كل حادثة إلى "مختل عقليا". حدث هذا بحادث الاعتداء على كنائس الإسكندرية في إبريل 2006. والطريف أن المتهم الذي لم يكن يطعن غير المسيحيين في طريقه إلى ثلاث كنائس تفصل بينها كيلومترات عدة يبدو بهذه الانتقائية الدقيقة لضحاياه أبعد ما يكون عن الاضطراب النفسي. نفس السيناريو تكرر مع المتهم الآخر الذي أطلق النار على ركاب قطار سمالوط الشهير في يناير 2011، فقتل مواطنـًا وأصاب خمسة آخرين. وسرعان ما قالت أجهزة الأمن إن المتهم - الذي كان مندوبا للشرطة بأحد مراكز المنيا- سبق منعه من حمل السلاح لمدة عام قبل سنوات من الهجوم، بقرار من المجلس الطبي؛ لأنه كان يعاني اضطرابات نفسية بسبب ظروف معينة !

اللافت أن الدولة - ممثلة بوزارة الداخلية - نفت آنذاك وجود طائفية في حادث قطار سمالوط، مؤكدة أن الحادث جنائي، وأن المتهم ليست له علاقة بتنظيم أو طائفة بعينها، بل وأكدت أنه ليست هناك مصلحة في إخفاء أي شيء يتعلق بالحادث وأن التحقيقات لم تثبت ترديد أي عبارات دينية اثناء تنفيذ الحادث.

وبحسب الباحث التاريخي د. ياسر ثابت في كتابه "مصر قبل المونتاج"، فإن السؤال البديهي الذي يتبادر إلى ذهن الجميع هو: لماذا تركته الوزارة في الخدمة، وإذا كان قلبها رحيمـًا ولا تحب "قطع الأرزاق"، فلماذا لم تحوله إلى عمل إداري وتسحب منه سلاحه؟ وإذا كانت قد أوصت بذلك، فمن الذي يتحمل مسؤولية التقصير؟ ألم تكن تدري أن السلاح مع مريض نفسي طليق يعني أنها تعطيه رخصة بالقتل؟

الطريف أن أجهزة الأمن المصرية سارعت عقب أحداث الإسكندرية 2006 إلى دعم روايتها بالإعلان عن إلقاء القبض على 150 مختلاً عقليـًا في شوارع القاهرة والإسكندرية ومختلف المحافظات، وذلك في إطار ما قالت إنه الحملة التي تشنها وزارة الداخلية المصرية لضبط المرضى النفسيين والمختلين عقليا بالشوارع وإيداعهم مستشفى الأمراض النفسية !

و الأكثر طرافة أنه في مطلع 2006، ألقت أجهزة الأمن في القاهرة القبض على شاب يبلغ من العمر 25 عامـًا أثناء سيره أمام كنيسة العذراء بالقاهرة للاشتباه بأنه مختل عقليـًا وبتفتيشه عُثِرَ معه على سلاح أبيض وتم إيداعه مستشفى الأمراض العقلية لتوقيع الكشف الطبي عليه..

و من هنا لا نريد أن نعود لسياسة: كله تمام سيادتك ...دول مجموعة مختلين عقليا ..لكن الوحدة الوطنية زى الفل !

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com