لماذا صعّدت إيران اعتقالاتها بحق مواطنيها من حمَلة الجنسيات الغربية؟
لماذا صعّدت إيران اعتقالاتها بحق مواطنيها من حمَلة الجنسيات الغربية؟لماذا صعّدت إيران اعتقالاتها بحق مواطنيها من حمَلة الجنسيات الغربية؟

لماذا صعّدت إيران اعتقالاتها بحق مواطنيها من حمَلة الجنسيات الغربية؟

كشفت تقارير صحفية إيرانية واسعة، خلال الأيام الماضية، أن سلطات الأمن الإيرانية صعّدت حملة اعتقالاتها ضد مواطنيها من حملة الجنسيات الغربية، خاصة بعد الحكم على 3 أمريكيين من أصول إيرانية بالسجن لمدد طويلة.

وأشارت التقارير إلى أن هناك على الأقل 6 أمريكيين واثنين من الإيرانيين حاملي البطاقة الخضراء الأمريكية، تم زجهم في السجون، أو اختفوا في إيران.

رضا شاهيني، المقيم في ولاية كاليفورنيا كان يزور أفراد عائلته، تم الحكم عليه بالسجن لمدة 18 عامًا، ورجل الأعمال سياماك نامازي ووالده باقر، الموظف السابق في "اليونيسيف"، صدرت ضدهما أحكام بالسجن لمدة 10 سنوات.

وأفادت التقارير أن الاعتقالات، التي جرت خلال السنوات الأخيرة، تمت عبر قوات تنفيذ القانون المتشددة في البلاد، لافتة إلى أنه وعلى الرغم من أن الاتهامات التي يواجهها المعتقلون "غامضة"، إلا أن الأجانب المعتقلين عادة ما توجه إليهم تهمة المشاركة في مؤامرات للإطاحة بالحكومة الإيرانية.

ويؤكد مراقبون أنه لا توجد إجابات قاطعة حول أسباب تلك الاعتقالات، فغموض وتناقضات النظام، برأيهم، تتجلى في مثل هذه القضايا، إذ تنغمس إيران في ممارسة قمعية داخل البلاد، بينما يلتقي دبلوماسيوها في الخارج بالمغتربين الإيرانيين ويدعونهم للعودة إلى إيران للاستفادة من المواهب في الشتات، ومن أجل تحقيق التنمية الاقتصادية.

ويؤكد حقوقيون أن بعض هؤلاء المغتربين تم زجهم في "سجن إيفين"، ما أثار التساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هذه الأفعال.

وذكر تقرير نشره موقع cfr أن "لدى النظام الإيراني العديد من الدوافع المحتملة بشأن تلك الاعتقالات، معظمها بسبب الخلافات الداخلية".

واستشهد التقرير بتصريحات محمد علي الجعفري، قائد الحرس الثوري الإيراني، والتي قال فيها إن "القيادة الإيرانية شهدت في عام 2005 العديد من التمردات الداخلية التي كانت في رأس هرم اهتماماتها الأمنية".

ونوه التقرير إلى أنه "تم التأكيد على هذه الفكرة في عام 2009، عندما ثارت الاحتجاجات على مدى واسع في البلاد بسبب احتمالية التلاعب في عملية إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وكانت المظاهرات التي اجتاحت البلاد في ذلك الصيف أكبر من تلك التي سببها الربيع العربي في عام 2011، وقام النظام حينها باتخاذ تدابير مشددة وغير عادية لقمع هذه الاحتجاجات.

وعلى الرغم من نسيان احتجاجات عام 2009 في الغرب، إلا أنها ظلت مصدر قلق مستمر في دوائر المتشددين الإيرانيين.

وفي كل يوم تقريبًا تأتي صحف مثل "كيهان" تحمل قصصًا حول كيفية قيام بعض الأطراف الخارجية وشركائهم المحليين بالتآمر لتنظيم المظاهرات، وتتباين هذه الأطراف الخارجية بين وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والفكر الغربي لهيئة الإذاعة البريطانية، وتمت إضافة الإيرانيين الأمريكيين إلى هذه القائمة المتنامية.

وكانت القطاعات المتشددة في الحكومة الإيرانية، بما فيها المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني ومجلس الوصاية، قد قاموا وعلى مدى فترة طويلة بالمساواة بين الأبحاث الأكاديمية والعمليات التجسسية والمشاريع التجارية وبين الأعمال التخريبية ورؤية الأعداء الكامنين في كل مكان.

تلويث التأثيرات؟

ويخشى خامنئي وحلفاؤه من "النموذج الصيني"، فقد تبنت الصين الشيوعية رأسمالية الدولة في الثمانينيات، ما أدى إلى نمو اقتصادي مذهل، إلى جانب اندماجها في الاقتصاد العالمي، ومع ذلك فقد جاءت الثقافة الغربية، بما حملته من سينما وموسيقى، وأثرت بشكل كبير في تحويل المراكز الحضرية في الصين، ولم يعد يوجد شيء شيوعي في الصين اليوم يتعلق بـ "الحزب الشيوعي".

ويشعر المتشددون الإيرانيون بالقلق الشديد من الانفتاح على الغرب، لاعتقادهم بأنه يتسبب في تشرب شبابهم – حوالي 60% من الإيرانيين هم دون سن الثلاثين - تأثير الثقافات و"الانحطاط الغربي" كما يصرون على تسميته، مما يجردها من هويتها الأيديولوجية.

ويرى التقرير أن تلك المعركة "خاسرة"، لأنه مع ظهور شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تحوّل الشباب الإيراني إلى الأعمال الدرامية الغربية والفنون الموسيقية، وهي معركة لا يزال المتشددون وشرطة الفكر عازمين على شنها.

ومن وجهة نظر العديد من المتشددين، يجب على إيران أن تعتمد على مواردها الأصلية، وليس على الاستثمارات الغربية لتطوير اقتصادها، حتى تبقى إيران، الدولة المعزولة عن الغرب، قادرة على المحافظة على قيمها الثورية، وهي لا تستطيع السير في الطريق الذي سارت فيه الصين.

وهكذا، أصبح الإيرانيون الأمريكيون هدفًا مقنعًا لأولئك المتشددين، ومن خلال زجهم في السجون، يصدر النظام إشارة إلى أنه ليس مستعدًا بعد للانفتاح، وسيقوم بالتصرف بتعسف وانتقام ضد هؤلاء الذين يصفهم بعملاء التخريب، وفقًا للتقرير.

تجارة الرهائن

ويؤكد التقرير أن اعتقال مزدوجي الجنسية يخدم غرضًا مزدوجًا، بالإضافة إلى توجيه ضربة لمن يعتقد النظام الإيراني أنهم "مخربون"، فالنظام يستخدم المغتربين المسجونين كقوى للمساومة، فقد تم الإفراج عن جاسون ريزيان مراسل صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بعد أن قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال 400 مليون دولار لإيران.

ونفت إدارة الرئيس أوباما أن يكون ذلك المبلغ "فدية، وقالت بدلًا من ذلك إنه "تسديد" لأموال تم حجزها في عام 1979. ومع ذلك، فإن الإفراج عن السجناء يعتبر بالتأكيد، لبعض الدوائر في طهران، وسيلة فعالة لسحب الأموال من الأعداء الذين ترأسوا العقوبات الجزائية المفروضة على إيران على مدى عقود.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم فيها الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بتبادل المال مقابل الرهائن، فقد قامت إدارة الرئيس ريغان في عامي 1985 و1986 ببيع أسحلة لإيران مقابل إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين الذين تم حجزهم من قبل "حزب الله".

واعتبر التقرير أن محنة الأمريكيين "الأبرياء" القابعين في السجون لها نصيب كبير في عاطفة الرؤساء ومستشاريهم، فقد كان رونالد ريغان مهووسًا بشبح مواطنيه المأسورين في السجون، والزيارات التي قام بها إلى أسرهم سببت له ألمًا كبيرًا، ما دفع به إلى إجراء صفقة قذرة مع إيران تسببت في فضيحة لإدارته وتشويه فترة رئاسته.

وشدد تقرير الموقع على أن معضلة كيفية التعامل مع الرهائن الأمريكيين في إيران تقع الآن على كاهل إدارة ترامب. وفي النهاية، أدى جنون العظمة السياسي لدى قادة إيران إلى انتهاج هذه الاعتقالات بحق الإيرانيين الأمريكيين.

logo
إرم نيوز
www.eremnews.com