يهود مصر: العصر الذهبي
يهود مصر: العصر الذهبييهود مصر: العصر الذهبي

يهود مصر: العصر الذهبي

محمد بركة

كان النصف من القرن العشرين العصر الذهبي ليهود مصر التي هاجروا إليها بالآلاف و كونها في واديها شبكة من المصالح التجارية و الثروات . أما عن حارة اليهود التي كانت تقع ضمن شارع الموسكي الشهير بقلب العاصمة ، فكان سكانها مرتبطين بأمرين، أولهما الدخل المحدود والثاني القرب من مصادر الرزق بالنسبة للحرفيين في الصاغة وغيرها، أما من تحسنت أحواله المادية من اليهود فكان يهجر الحارة إلى أحياء أرقى مثل عابدين أو باب اللوق ، ومن يغتن أكثر، ينتقل إلى العباسية أو مصر الجديدة .

على المستوى الثقافي والتعليمي، أدخل اليهود المقيمون في مصر، أبناءهم إلى المدارس الأجنبية، وبشكل خاص إلى المدارس الفرنسية . وظل أكثر من 50% من اليهود في مصر يدرسون، حتى الحرب العالمية الثانية، في مدارس أجنبية، غير عبرية، ولم تظهر المدارس العبرية في مصر، إلا مع بداية النشاط الصهيوني فيها. وكانت اللغة الفرنسية هي اللغة التي استُخدِمت في أوساط اليهود في مصر، في حين وصلت نسبة اليهود الذين يجيدون لغة أجنبية، في عام 1947، إلى حوالي 80%.

وعلى المستوى الطبقي، برزت في مصر عائلات كبار الرأسماليين اليهود، من أصحاب البنوك، والأعمال التجارية الكبرى، ومُلاك الأراضي، والتي احتلت خلال فترة الاحتلال البريطاني مكانة اقتصادية بارزة.

عملت بعض العائلات اليهودية على تمثيل المصالح الأوربية المختلفة داخل مصر، وقامت تلك العائلات بدور الوسيط لرأس المال الأوروبي، الباحث عن فرص الاستثمار في مصر. وعملت باقي شرائح البرجوازية اليهودية، في مصر، في مجالات التصدير، والاستيراد، وتجارة القطن، والصيرفة، والبورصة، وفي الأعمال الإدارية في المؤسسات الحكومية والخاصة. وإذا كان كبار أثرياء اليهود قد اشتغلوا في مجال الاستثمار الزراعي والعقاري من القرن التاسع عشر، وأنشئت في هذا السياق بنوك سوارس والتجاري المصري والأهلي المصري.

في المقابل كان فقراء اليهود، من باعة جوالين، وصنَّاع حرفيين، وعمال في محال تجارية، في الأغلب، من "اليهود المصريين"، بالمولد والجنسية، وكانوا الأكثر ارتباطـًا بالمجتمع المصري، سكنوا الأحياء الشعبية، وتحدثوا العربية، وسموا أبناءهم بأسماء عربية، وأقاموا علاقات طبيعية مع جيرانهم.

وبين هؤلاء وهؤلاء، حظى نجوم الفن و السينما من اليهود المصريين بشهرة واسعة مثل المخرج توجو مزراحي، و"ليليان ليفي كوهين"، الشهيرة باسم كاميليا، والموسيقار داود حسني، و"راشيل إبراهام ليفي"، الشهيرة باسم راقية إبراهيم، ونجمة إبراهيم، و"نظيرة موسى شحاتة"، الشهيرة باسم نجوى سالم، والتي حصلت على درع "الجهاد المقدس" لدورها أثناء حرب الاستنزاف من الرئيس السادات ، بالإضافة إلى المحامي اليهودي الشهير مراد فرج.

وفي التسجيلات الأصلية للنشيد الوطني "قوم يا مصري" الذي كان أيقونة ثورة 1919، كرس مؤلفه بديع خيري مع ملحنه سيد درويش -وكانا يمثلان حينها ضمير الأمة- هذا المفهوم، فجاءت كلمات النشيد واضحة وحاسمة:

"حبّ جارك قبل ما تحب الوجود

إيه نصارى ومسلمين.. قال إيه ويهود

دي العبارة نسل واحد في الجدود"

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com