محاربة "داعش" في كلّ مكان وليس في سوريا
محاربة "داعش" في كلّ مكان وليس في سوريامحاربة "داعش" في كلّ مكان وليس في سوريا

محاربة "داعش" في كلّ مكان وليس في سوريا

مارلين خليفة

لا يبدو بأنّ الإتفاق النووي الذي وقعته إيران ودول مجموعة الستّة سينعكس إيجابيا على ملفات منطقة الشرق الأوسط سواء في اليمن أو سوريا أو ليبيا والعراق أو لناحية اتخاذ إيران شريكا في مكافحة الإرهاب. هذا ما يتبدّى من خلال المناخات الدّبلوماسيّة التي تظهّرها أكثر من دولة غربية.

من الواضح أن مفاعيل هذا الإتفاق ستتظهّر تباعا وبدأت تباشيرها من خلال حركة رجال الأعمال والمستثمرين الأوروبيين والأميركيين الذين يتوافدون الى طهران لعقد صفقات وللإستثمار في أكثر من قطاع، لكنّ الشرق الأوسط سيبقى مكانا للصراع الإقليمي وللامبالاة الدولية التي تقودها الولايات المتّحدة الأميركية على حساب شعوب المنطقة.

فعوض أن تشرع الولايات المتحدة الأميركية بتشجيع حلفائها في المنطقة العربية وخصوصا في الخليج على بدء حوار بنّاء مع طهران فإنها تمعن في إثارة شكوكهم من الإتفاق وأبعاده. هذا الأمر سيؤدي الى تشدد أكبر في سوريا من قبل دول الإقليم الفاعلة، وسط لامبالاة غربية واضحة. وأبرز دليل على ذلك توقف برنامج تدريب المعارضة السورية من قبل بلدان الجوار السوري أي تركيا والأردن بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، وترك المجال لبعض الدول الإقليمية لتمويل "جبهة النصرة" المنبثقة فكريا من منظمة "القاعدة" وبعض المجموعات المسلّحة بغية الوصول في يوم ما الى إطاحة نظام بشار الأسد في قلب دمشق، وذلك من دون أن ترسم هذه الدول خريطة اليوم التالي لزوال الأسد.

تتصلّب الدول الغربية على موقف إزالة نظام بشار الأسد والبدء بالعملية الإنتقالية السياسية لكنّها لم تقدّم لغاية اليوم وصفة مقنعة لهذا الإنتقال. يبدو بأنّ تفكير الرئيس الأميركي باراك أوباما بجعل المنطقة الشرق أوسطية ترسم خريطتها الذاتية بالدماء والنار قد أقنعت العديد من الدول أو أنها جعلت دولا غير مقتنعة تعتكف عن تقديم اية مبادرة. جلّ ما تفعله الدول الغربية هو التهديد بأنّ بقاء نظام بشار الأسد سيقوّي تنظيم "داعش"، وهي لا تفعل سوى تقليم أظافر هذا التنظيم الإرهابي جزئيا ومنعه من إحراق أطراف ثوب حلفائها كما تفعل مع تركيّا ومع الأردن الذي حظي بعد يومين على الزيارة التي قام بها وزير الدّفاع الأميركي آشتون كارتر الى القدس المحتلّة وعمّان بطوافات قتالية زوّدته بها إسرائيل وهي من نوع "كوبرا".

ويحظى لبنان بدوره بمظلّة أمنية دولية تحافظ على استقرار هش لا يسهم في التقدّم بالبلد ولا يوقعه في جهنّم الحروب الدائرة من حوله.

أما في سوريا والعراق فضربات التحالف الدولي تبقى إنتقائية، وهي لا تبدّل في موازين القوى، تاركة هامشا واسعا لمن يريد اللعب بالنيران السورية بحجّة تهديدات "داعش" والرغبة بإزالة النظام. لعبة جهنمية بدأها الغرب سيكون "داعش" بطلها لأعوام طويلة والحرب عليه ستكون في دول الجوار وليس في سوريا حيث انتظار معركة دمشق الكبرى.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com