كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، عن طريقة تبنّي الحزب الديمقراطي بقيادة نائبة الرئيس كامالا هاريس استراتيجية جديدة في الحملة الانتخابية، وذلك للنيل من الرئيس الأسبق دونالد ترامب والحزب الجمهوري.
وبدلاً من التركيز فقط على التهديد الذي تواجهه الديمقراطية أو غيرها من القضايا الخطيرة، يصور الديمقراطيون، ترامب وحلفاءه بشكل متزايد على أنهم "غريبون" ومنفصلون عن القيم الأمريكية السائدة، وفقاً لتقرير الصحيفة.
وبحسب التقرير، كانت هاريس في طليعة هذا النهج الجديد، فخلال فعاليات جمع التبرعات والتجمعات الانتخابية، وصفت مرارا ترامب وزميله في الترشح، السيناتور عن ولاية أوهايو جيه دي فانس، بأنهما "غريبا الأطوار"، في خطوة تهدف إلى تقويض المرشحين الجمهوريين وجذب الناخبين إليها.
ويركز الديمقراطيون الآن على الآراء المتطرفة والتصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها زميل ترامب في الترشح جيه دي فانس، وخاصة تعليقاته المسيئة للنساء وموقفه المتشدد من الإجهاض، لتعزيز استراتيجيتهم الهجومية ضد ترامب.
واكتسبت هذه التعليقات، مثل القول إن أمريكا تديرها "سيدات القطط بلا أطفال" اهتماما كبيرا عبر الإنترنت، وهذا مصطلح مهين يستخدم للتقليل من شأن النساء اللاتي ليس لديهن أطفال، ويرتبطن بشكل مفرط بحيواناتهن الأليفة.
ومنذ هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021، سعى الديمقراطيون إلى تصوير ترامب وأنصاره كأعضاء في فصيل يميني متطرف في السياسة الأمريكية، وإن كانت هذه الاستراتيجية قد حققت درجات متفاوتة من النجاح.
ويشير التقرير إلى أن الرواية "غريبو الأطوار" هذه تلقى صدى لدى الناخبين الأصغر سنا.. ويبدو أنها تثير حفيظة ترامب وأنصاره، الذين واجهوا صعوبة في إيجاد حجة مضادة فعالة لها.
ويعتقد الديمقراطيون أنه في حين قد يقبل ترامب وحلفاؤه أن يُنظر إليهم باعتبارهم تهديدا للديمقراطية، ولكن وصفهم بأنهم "غريبو الأطوار" هو أكثر إزعاجا وإضرارا بصورتهم.
ويعكس التحول في الاستراتيجية تغييرًا في نهج إدارة بايدن، التي كانت أكثر تركيزًا على التهديدات الكبيرة التي يمثلها ترامب للديمقراطية، ولكن مع وجود هاريس كمرشحة، يبدو أن هذا الخط من الهجوم يجد صدى لدى الجمهور، لأنه يتجاوز الخطاب السياسي التقليدي، ويقدم لهجة أخف وأكثر مرحاً وقابلية للتواصل.
من جانبه، أكد تيم والز، حاكم ولاية مينيسوتا الديمقراطي والمرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس، على هذه الرواية، وعبّر عن ذلك على قناة "إم إس إن بي سي"، مشيراً إلى موقف الجمهوريين "الغريب" من قضايا مثل حظر الكتب والحريات الشخصية.
ولتعزيز هذه الاستراتيجية الجديدة، استعانت هاريس بمستشارين سياسيين محنكين مثل ديفيد بلوف وستيفاني كاتر، اللذين عملا في السابق مع باراك أوباما.
وتستخدم الحملة أيضاً مجموعات مؤيدة مستقلة مثل "Won’t Pac Down" التي أطلقت إعلانا بعنوان: "هؤلاء الرجال غريبون للغاية"، والذي يصور الجمهوريين من تيار ماجا على أنهم مخيفون ومتطفلون بشكل مفرط في الأمور الشخصية، وخاصة الحياة الجنسية للناس.
في المقابل، يواجه ترامب وحلفاؤه صعوبة في الرد بشكل فعال على رواية "غريبو الأطوار" هذه، فخلال ظهوره في مؤتمر للصحافيين السود في شيكاغو هذا الأسبوع، شكك الرئيس الجمهوري السابق في هوية هاريس السوداء، قائلاً إنها مفتعلة، ما أثار رد فعل عنيفًا من مختلف الأطياف السياسية.
يأتي ذلك، بينما انتقد الجمهوريون نهج الديمقراطيين هذا، ووصفوه بأنه تافه وطفولي، حيث رفضه "فيفيك راماسوامي"، المرشح الجمهوري السابق، ووصفه بأنه "غبي وطفولي".
ورغم هذه الانتقادات، عزز الديمقراطيون البارزون، ومن بينهم هيلاري كلينتون، من وصفهم ترامب وحلفاءه بـ"الغريبين"، واقترحت كلينتون أنه إذا كان الجمهوريون لا يحبون أن يطلق عليهم وصف "غريبو الأطوار"، فيتعين عليهم أن يتوقفوا عن إظهار السلوك الغريب والمخيف والمتحكم، حسب تعبيرها.
ومع ذلك، تقول المحللة السياسية المستقلة إيمي والتر، إن هاريس تدرك أنه، في حين أن الهجمات على "غرابة" الجمهوريين قد تكون جذابة في الوقت الحالي، فإن نتيجة الانتخابات من المرجح أن تحسمها تصورات الناخبين للاقتصاد.
ويركز إعلان حملة هاريس الأول على القضايا الاقتصادية، وينتقد سياسات ترامب التي تفضل المليارديرات والشركات الكبرى، وعلى الرغم من هذا، من المتوقع أن يستمر وصف "غريبو الأطوار" كعنصر أساسي في خطاب الحملة الانتخابية.
ومن الواضح أن ترامب أكبر سنا وأكثر غرابة مما كان عليه عندما تعرفت عليه أمريكا لأول مرة، وفقا لأقوال "بيت بوتيجيج"، وزير النقل والمرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس مع هاريس.