وضعت الاحتجاجات التي تشهدها بريطانيا، حكومة رئيس الوزراء العمالي كير ستارمر، أمام اختبار لقدرتها على كبح جماح اليمين المتطرف.
واندلعت الاحتجاجات بعد مقتل أطفال في مدرسة للرقص في بلدة ساوثبورت، شمال غرب إنجلترا، وانتشار شائعة أن القاتل مهاجر مسلم، رغم تأكيدات الشرطة بأنه بريطاني المولد.
ونشرت الشرطة البريطانية عناصر إضافية، وقالت إنها مستعدة لاعتقال المئات من نشطاء اليمين المتطرف إذا نفذوا خططهم التي نشروها على الإنترنت لمهاجمة مراكز الهجرة مساء اليوم الأربعاء، في وقت لوح فيه رئيس الوزراء، بتوجيه تهم جنائية للمشاركين في الشغب.
وفي تعليقه على ما تشهده البلاد قال باتريك دايموند، المستشار السابق لرئيس الوزراء توني بلير وسلفه جوردون براون لمجلة "لاليبر" إن ستارمر يعتمد على "التجريم" ويريد التأكيد أن الأشخاص الذين ينخرطون في أعمال عنف مستوحاة من اليمين المتطرف يرتكبون جرائم، ولا يشاركون في "احتجاجات مشروعة".
وترى المجلة أن ستارمر يمكن أن يستند إلى إجراء ساعد هو نفسه في تطبيقه عندما كان المدعي العام خلال أعمال الشغب التي شهدتها البلاد عام 2011، بعد أن منح المحاكم قدرة على الانعقاد ليلاً لتسريع العملية القانونية.
ويعتقد مارتن فار، من جامعة نيوكاسل، أن وقوع هذا العنف "في ذروة الصيف ليس من قبيل الصدفة"، موضحًا أن هجوم ساوثبورت كان مجرد "ذريعة" لسلسلة من الأفراد الذين يريدون خوض معركة.
أما بالنسبة للأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن، تيم بيل، فإن أعمال الشغب هذه "أثارها مزيج من النازيين الجدد الصغار، من الجماعات المعادية للإسلام والمناهضة للهجرة، التي انضم إليها أشخاص حريصون على العنف الذي ربما كان مرتبطًا في الماضي بالشغب، وربما لعبت الانتخابات الأخيرة أيضًا دورًا معينًا"
أما المحلل السياسي بصحيفة "الغارديان"، أندرو راونسلي، فيرى "أن وضع حد لعنف اليمين المتطرف هو اختبار مبكر لقوة شخصية كير ستارمر، الذي يواجه مع حزبه اختبارًا خطيرًا للغاية".
ضغوط أجنبية
وفي مقابل التوترات الداخلية، يؤكد الصحفي البريطاني دومينيك أن المملكة المتحدة ستصبح حاليًّا أكثر عُرضة للضغوط الأجنبية من جانب "الدول المعادية" مع قدرتها على "إثارة الخوف وإثارة الانقسام".
كما أنه في هذا الاختبار السياسي، يتعين على ستارمر وحكومته أيضًا مواجهة شبكة التواصل الاجتماعي "إكس" المتهمة بـ"المساهمة في تأجيج أعمال الشغب العنصرية اليمينية المتطرفة"، بحسب الصحفي.
ولكن هذا لن يكون كافيًا، لأن هذه الأحداث تسلط الضوء على المشاكل الأساسية التي تعانيها المملكة المتحدة، وفقًا لكاسيا رولاند، من معهد الأبحاث الحكومية، الذي يرى أن العنف يُذّكر بـ"المهام العاجلة التي تواجه الحكومة فيما يتعلق بالجريمة والعدالة، وضرورة استعادة الثقة بالشرطة، ومساعدتها على تحسين ثقافتها ومعاييرها، وحل مشكلة اكتظاظ السجون".