الجيش الإسرائيلي يحذر سكان جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم "حتى إشعار آخر"
ليست المرّة الأولى التي يواجه فيها سكّان الجنوب في لبنان التهجير واللجوء، وذلك عقب اتّساع رقعة الحرب بين إسرائيل وحزب الله، الذي دخل في المواجهة بحجة ما سمّاه بإسناد جبهة غزّة وحركة حماس.
على الصعيد الإنساني، وصف المتحدّث الإقليمي لمنظمة اليونيسف الأممية عمّار عمّار، في حديث خاص مع "إرم نيوز"، الوضع في لبنان بالكارثي، مشدّداً على أنّه "من المرجح أن تتأزم الأمور أكثر في حال استمر القصف على المناطق اللبنانية". وقال إنّ العدد الهائل للنازحين يفاقم الأوضاع أكثر مع ازدياد الاحتياجات الإنسانية التي يتوجب تلبيتها سريعاً فيما لبنان على أبواب موسم الشتاء".
"إرم نيوز" جال في أحد مراكز الإيواء حيث تحدّث إلى النازحين عن تجربة مريرة، وتفاصيل لن تمحى من أذهانهم، وحتماً ستشكل محطة مهمّة بالنسبة لأطفالهم في المستقبل.
إسماعيل يقطن اليوم مع عائلته في إحدى المدارس الرسمية في بيروت، وهو يقول لـ "إرم نيوز" إنّ "رحلة الهروب من الجنوب على وقع القصف كانت مليئة بالعذاب؛ إذ قضينا يومين حتّى تمكّنا من الوصول إلى بيروت".
شهادات النازحين تكشف عن واقع مؤلم ومعاناة يومية جراء موجة نزوح غير مسبوقة، وتُعتبر الأكبر من نوعها لسكان جنوب لبنان، وقد شملت مناطق بعيدة عن خطوط المواجهة الأمامية على طول الشريط الحدودي، فيما كان سكان المناطق الحدودية قد نزحوا منذ السابع من أكتوبر 2023، حين أعلن حسن نصر الله فتح جبهة جنوب لبنان كجبهة إسناد.
سيّدة نازحة من منطقة على الشريط الحدودي في الجنوب، تقول كذلك لـ "إرم نيوز" نزحتُ على وجه السرعة مع عائلتي ومعنا جدتي المسنّة؛ إذ تركنا المنزل بسرعة من دون إحضار حتّى بعض الحاجيات الأساسية، حتّى أنّنا لم نتمكن من الوقوف لشراء المياه بسبب القصف، وبقينا على الطريق نحو 4 أيّام بسبب الازدحام والقصف".
أعداد النازحين تتزايد بما يفوق تقديرات الحكومة اللبنانية، وفيما تمكّن الكثيرون من إيجاد مكان لهم في مراكز الإيواء، إلّا أنّ الكثيرين ما زالوا يفترشون الأرصفة والحدائق العامة.
أحدث الأرقام التي أصدرتها لجنة الطوارئ الحكومية تفيد بأنّ عدد النازحين المسجّلين وصل إلى أكثر من 157 ألفاً موجودين في 856 مركز استقبال وإيواء، لكن التقديرات تشير إلى أنّ أكثر من مليون لبناني تهجّروا وتركوا منازلهم، أيّ تقريباً ربع اللبنانيين المقيمين، وتقدر الحاجات الملحة بـ 400 مليون دولار.
وفي السياق نفسه يقول عمّار إنّ "ما يقارب المليون شخص تركوا منازلهم بحثاً عن أماكن آمنة في مختلف المناطق اللبنانية"، مشيراً إلى أنّ "اليونيسف تتعاون مع السلطات اللبنانية في العمل، استجابةً للاحتياجات الإنسانية الطارئة".
وفي المقابل، فإنّ عدد الأشخاص الذين عبروا من لبنان إلى سوريا، وصل إلى 100 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة، التي أكّدت أنّ التصعيد الكارثي ترك لبنان بمواجهة فترة هي الأكثر دموية منذ سنوات، فيما أكّدت منظمة اليونيسف أنّ الغارات على لبنان تتسبب بمقتل أطفال بمعدل مخيف، وقد قال عمّار أنّه خلال الأيّام الـ 7 الأخيرة فقط، قتل 82 طفلاً؛ ما يدلّ على ضراوة العمليات العسكرية وتأثيرها الكبير على الأطفال.
من جانبه، برنامج الغذاء العالمي كان أعلن أنّه بدأ عملية للمساعدات الغذائية الطارئة لما يصل إلى مليون شخص تضرروا من الصراع في لبنان، وقال إنّ لبنان على حافة الانهيار، ولا يمكنه تحمل حرب أخرى. كما أنّ الاقتصاد منهك في لبنان، وكذلك القطاع الصحي متهالك، وزيادة الضغط عليه سيفاقم المشكلة.
ودعت اليونيسيف عبر "إرم نيوز" إلى خفض التصعيد فوراً بشكل عاجل، مطالبة جميع الأطراف أن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي لضمان حماية البنية التحتية المدنية والمدنيين، بما في ذلك الأطفال والعاملون في المجال الإنساني والعاملون في المجال الطبي.