الشيخ حكمت الهجري: الاتفاق يمنع دخول أي جهة إلى القرى الحدودية للسويداء لمدة 48 ساعة من وقت تنفيذه
كان علينا اللحاق برشا حسن من مكان لآخر، حتى تمكنَّا من إجراء هذا اللقاء، فأمّ دياب، لا تأخذ استراحة إلا نادراً، ومنذ ساعات الصباح الأولى حتى المساء، تقود "التوك توك"، حاملة الركاب والبضائع بين أحياء دمشق. ذهبت "إرم نيوز" إلى منزل رشا في حي التضامن. المنطقة هنا، كانت خط تماس خلال الحرب، فالشبابيك المحترقة والجدران المهدمة، تؤكد أن معارك شرسة دارت بالمكان. لم نتعب كثيراً في الوصول، فالجميع هنا يعرف رشا حسن، ويسمونها المرأة البطلة، أو الحديدية، التي لم تقدر كل أهوال الحرب على كسرها.
استأجرت رشا سيارة تكسي، وراحت تتناوب في عملها بين السيارة والتوك توك، حسب توفر مادة البنزين والكهرباء. وبالقرب من منزلها، صممت قفصاً من الحديد مخصصاً لمبيت التوك توك. تؤكد رشا، أنها لم تتعرض لموقف محرج مع الركاب، بل على العكس، نالت الكثير من التعاطف والتشجيع، لأنها تربي أبناءها الأيتام، بعرق جبينها، وأصبحت مثالاً يحتذى في التضحية لأجل العائلة. أبو محمد، جار رشا في الحارة، أكد أن رشا تعتبر ظاهرة فريدة. وأن الجميع يهرع لمساعدتها في أي شيء تطلبه، مضيفاً:
لا يساند رشا في حياتها القاسية أحد، فأسرتها قضت في الحرب أيضاً، ولم يمض وقت طويل حتى مات زوجها. منذ ساعات الصباح الأولى، تخرج رشا من المنزل، وتنطلق من حيها الذي تدمر نصفه في الحرب، باتجاه الشارع العام كي تنقل من فاتهم الوقت للوصول إلى أعمالهم. ابنتا رشا، سيدرا ودارين، بطلتان صغيرتان، تقفان إلى جانب أمهما، وتلبي رشا طلبات المساعدة وخاصة الطبية، في أي وقت، ولا تتقاضى أجراً عن الحالات الإنسانية، وتبتسم وهي تقول: "الحياة دين ووفا". "ربما ما أنقذَنا في هذه الحرب، أن البسطاء جميعهم، عملوا بمبدأ: الناس لبعضها".
وتطمح لتطوير عملها البسيط إلى شركة نقل كبرى، لكن المهم بالنسبة لها في الوقت الحالي هو تربية أطفالها وتأمين متطلباتهم أصرت رشا على فريق "إرم نيوز"، إيصاله للشارع العام، فركبنا في صندوق التوك توك، وجلسنا على كراسي البلاستيك الصغيرة، بينما قادت رشا، العربة ذات العجلات الثلاث، متفادية الحفر وكتل الإسمنت، وهي تدندن أغنية ملؤها الأمل.