في قلب الضاحية الجنوبية بلبنان، وخلف هذه الأعمدة من الدخان، غموض يكتنف أعنف ضربة إسرائيلية طالت الضاحية منذ أحداث عام 2006، وبعيدا عن إصابة الأمين العام لحزب الله من عدمه، لكن السؤال الذي يتصدر قائمة الاستفسارات، يتمحور حول من أوصل المعلومة الذهبية لإسرائيل عن مكان تواجده؟ خاصة وأن الصحف الإسرائيلية تحدثت عن تخطيط استغرق أياما مع متابعة لتحركات نصر الله، قبل أن يحدث خلال اجتماع قادة للحزب، كانت استخبارات إسرائيل على يقين بأن نصر الله حاضر فيه.
منذ تفجير أجهزة البيجر، بدا واضحا بأن إسرائيل أرادتها حربا استخباراتية قبل أن تكون عسكرية، وبدا واضحا أيضا بأن خللا كبيرا يشوب العمل الأمني في حزب الله، حيث تحدث تقرير وول ستريت جورنال الأمريكية قبل أيام عن صعوبة كبيرة يعانيها عناصر حزب الله في التواصل فيما بينهم عبر الهاتف بعد تفجير البيجر، وفي وقت تكثر فيه الشكوك، فإن أصابع الاتهام تتجه نحو جواسيس داخلية في الحزب، يقول محللون بإن خيوطها بدأت بالتكشف منذ شراء صفقة أجهزة البيجر التي ربما قادها جاسوس كان على علم بالخطة، واستمرت طيلة موجة الاغتيالات في الأيام الماضية، بل إن مفهوم الجواسيس كان حاضرا منذ أول اغتيال لقائد كبير بحزب الله وفق محللين.
ويرجح خبراء أيضا بأن دقة إسرائيل في استهداف قادة الحزب طيلة الشهور الماضية، تعكس حالة من المعرفة ربما تحصل عليها عبر معلومات تصلها من الضاحية الجنوبية، كما أن حادثة محاولة اغتيال القيادي علي كركي مؤخرا تلمح لأمر ما وفق خبراء، حيث قيلَ إنه استُهدف، لكن الحزب أصدر بيانه بسرعة عن كركي وفي غضون دقائق، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها حزب الله وبسرعة عن مصير قيادي، حيث انتقل كركي إلى مبنى مجاور بعد علمه بالضربة، ما يعني بأن حزب الله وجد جاسوسا ينقل معلومة ما وتصرف بسرعة، وهو ما يعززه إلقاء القبض على عميل لصالح الموساد الإسرائيلي في خبر كانت قد أعلنت عنه وحدة الاستخبارات المركزية التابعة لحزب الله مؤخرا.
صدقت التكهنات حول استهداف أو إصابة الأمين العام لحزب الله، أم لم تفعل، وبعيدا عن ناقل المعلومة الذهبية لإسرائيل، فإن شرخا أمنيا واسعا يعانيه حزب الله، ويسعى لرأبه قبل فوات الأوان، في إحدى أشرس معاركه ضد إسرائيل تاريخيا