لم تكن تصريحات ديمتري ميدفيديف مجرّد انفعال سياسي، فعندما يُلمّح رئيس روسي سابق، وعضو بارز في مجلس الأمن القومي، إلى احتمال تزويد إيران بأسلحة نووية، فالأمر لا يبقى في دائرة التصريحات الدبلوماسية، بل يدخل مباشرة إلى منطقة الرماد النووي، خاصة أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، لمّح بدوره إلى مرحلة أشدّ حساسية، حين قال من قلب موسكو: "الظروف الراهنة في المنطقة تفرض مشاورات أكثر دقة وجدية مع روسيا".
ميدفيديف لم يترك كثيرًا للخيال، قالها بصراحة "بضع دول قد تزوّد إيران برؤوس نووية مباشرة، وروسيا لم تكن يومًا بحاجة إلى مترجم لإيصال رسائلها النووية، هي تقول ما تُريد لكن بلهجة تمنحها هامش المناورة.
الضربات الأمريكية الأخيرة دمرت مواقع نووية إيرانية في فوردو، ونطنز، وأصفهان.. واشنطن وصفت العملية بالوقائية، لكن في موسكو، يرى مراقبون أن ما حدث، كان إعلان حرب غير مباشر على محور نفوذها في الشرق الأوسط.
في الخلفية تلوح باكستان، دولة نووية حليفة تقليدية لإيران، وصاحبة سجل طويل في نقل التكنولوجيا النووية، منذ أيام عبد القدير خان، اليوم تُدين إسلام أباد الضربات الأمريكية بشراسة، وتحمّل واشنطن مسؤولية تفجير الأوضاع، لكن السؤال، هل ستكتفي باكستان بالكلام؟ أو أنها مستعدة لفعل ما هو أكثر إذا فُتحت الأبواب؟
مراقبون يرون أن روسيا إذا قررت كسر التوازن النووي العالمي، فهي لن تفعل ذلك وحدها، إنها بحاجة إلى طرف ثالث، خارج المواجهة المباشرة مع الغرب، طرف قادر على التوريد، والمناورة، دون أن يتحمّل المسؤولية الكاملة، وهنا تبرز باكستان كاحتمال واقعي، وإن ظلّ صامتًا.
تحوّل لهجة موسكو وفق المراقبين ليس ارتجالًا، بل يبدو أقرب إلى تحذير معلق، إن استُكمل الهجوم على إيران، فسيكون الرد برفع سقف التهديد، من دعم سياسي إلى دعم نووي.