ليالي الأنس في فيينا، أغنية أسمهان الشهيرة تذكرنا دوما بشيء خاص تتمتع به العاصمة النمساوية من هدوء وأجواء ساحرة تجاوزت حدود شوارعها أو متنزهاتها وحاناتها، حيث تجمع عدد من السكان للاحتفال بمرور 150 عاماً على إنشاء المقبرة المركزية الشهيرة، ولكن ليس بالطريقة التي قد تتوقعونها..
فقد اختار سكان فيينا تحويل هذا الموقع إلى مكان للاحتفال بالحياة، رغم كونه مقبرة..
هنا، في المقبرة المركزية، اجتمع مئات الأشخاص لحضور حفل موسيقي لفنان البوب الشهير نينو ماندل، وسط أجواء احتفالية فريدة.
هذه المقبرة ليست مجرد مكان للدفن، بل هي أيضًا وجهة لآلاف الزوار شهرياً لممارسة الجري، ركوب الدراجات، أو حتى التأمل. بحسب المسؤولة عن المقابر البلدية، ريناته نيكلاس.
وقالت نيكلاس "يعزينا أن موتانا لا يستريحون في مكان حزين وبارد، بل في مكان نابض بالحياة".
المقبرة التي تأسست عام 1874، تمتد على مساحة ضخمة تبلغ 2.5 كيلومتر مربع، وتضم مدافن لمختلف الطوائف والديانات، من اليهود والبروتستانت إلى المسلمين والكاثوليك. واليوم، أصبحت تضم حتى مدافن للبوذيين.
كما شهدت الذكرى المئوية إقامة حفلات موسيقية، وجلسات يوغا، بل وحتى زراعة الطماطم في أرجاء المقبرة..
في فيينا، الموت ليس نهاية القصة، بل جزء من حكاية متواصلة عن الحياة والاحتفال بها.. وكأن سكان فيينا يريدون توجيه رسالة من المقبرة.. "الحياة تستمر، حتى في أحضان الموت".