الأهلي والمصري.. ما في القلب لا يزال في القلب
الأهلي والمصري.. ما في القلب لا يزال في القلبالأهلي والمصري.. ما في القلب لا يزال في القلب

الأهلي والمصري.. ما في القلب لا يزال في القلب

التقط المشجع الشاب أنفاسه في هدوء ليجيب بنفي حاسم: "لا.. لا ينبغي أن يلعب الأهلي هذه المباراة."

بدا الحسم في عيني عمر أسامة ابن الحادية والعشرين في رفضه لمباراة في الدوري المصري الممتاز لكرة القدم قويا تماما مثلما كان أمام مقر النادي الأهلي بوسط القاهرة حين تجمع عشرات من أسر ضحايا أسوأ كارثة رياضية في تاريخ مصر مطالبين - وللمرة الأولى - النادي البالغ عمره أكثر من مئة عام بالانسحاب.

يريدون للأهلي أكثر أندية مصر نجاحا في كرة القدم وصاحب الرقم القياسي في دوري أبطال افريقيا بثمانية ألقاب ألا يواجه المصري البورسعيدي بعد ثلاث سنوات إلا أيام قلائل من الذكرى الثالثة لمقتل أكثر من 70 من مشجعي الأهلي في المدرج الغربي باستاد بورسعيد.

قال عمر لرويترز في ساعة متأخرة من ليل الأربعاء بينما يثور الجدل حول المباراة التي ستكون الأولى بين الناديين منذ كارثة أول فبراير شباط 2012 "وأين سيذهب دم الشهداء؟ كيف يمكن للأهلي أن يقرر الموافقة على خوض مثل هذه المباراة؟

"والله لم أكن لأتخيل أن يحدث هذا. هل حقا سيخوض لاعبو الأهلي المباراة مع المصري؟"

نعم. سيخوضها الأهلي في الجونة - المنتجع السياحي المطل على البحر الأحمر - غدا السبت وبدون جمهور. ويقول رئيسه محمود طاهر إنه لا يليق بالأهلي الانسحاب من مباراة رسمية.

ونقل عنه موقع الأهلي على الانترنت "أداء مباراة المصري لا يعني بأي حال التفريط في حقوق الشهداء والأهلي يخوض المباراة لأسباب: أولها الالتزام باللوائح والقوانين كعادة الأهلي علي مدار تاريخه. وثانيا لا يليق بالأهلي البطل ونادي القرن صاحب التاريخ الكبير أن ينسحب من مباراة رسمية ويتعرض لعقوبات."

وخلال الموسمين الماضيين جنب اتحاد كرة القدم الأهلي والمصري والبلاد بأكملها عناء المواجهة فأقيمت مسابقة الدوري بنظام المجموعتين ليصبح الأهلي في واحدة والمصري في أخرى.

ولم يستكمل الدوري في المرة الأولى بينما توج الأهلي بطلا في الموسم الماضي في حين فشل المصري في بلوغ المربع الذهبي في الموسمين.

ويقول وائل جمعة مدير كرة القدم بالأهلي إن المباراة صعبة بالفعل على الجميع.

وأضاف لرويترز "هذا هو أول لقاء يجمع الفريقين منذ مذبحة استاد بورسعيد التي ترتبط بذكريات أليمة في نفوس اللاعبين وفي نفوس جماهير الأهلي.

"لذا فإننا نأمل من الله أن تمر بسلام."

وتحكم السلطات الأمنية قبضتها بشكل أفضل في مصر الآن مما كان عليه في 2012. وقتها لم يكن قد مر إلا عام وأيام على ثورة شعبية أطاحت بالنظام السياسي لحسني مبارك الذي استمر في السلطة 30 عاما.

ومنذ رحل الفتيان السبعون إلى ربهم والمشجعون ممنوعون من حضور المنافسات الرياضية في مصر إلا في حالات نادرة. وتغير هذا جزئيا بصدور قرار بالسماح لعشرة آلاف كحد أقصى بالحضور في مباريات بعينها في القاهرة والإسكندرية لكنه لن يسري على مباراة الجونة.

يخشى البعض أن يقتحم مشجعو الأهلي الشبان الاستاد مثلما فعلوا في 2013 خلال مباراة لفريقهم لكن عمر يقول إن توقع ما قد يحدث يظل صعبا.

قال الشاب ذو القامة الطويلة والملامح القوية التي تمنحه عمرا أكبر من سنواته القليلة التي بدا وكأن الذكرى قد أضافت إليها "لا يمكن تحديد ما قد يفعله الألتراس. المهم أنه من الصعب أن نرى الأهلي يخوض مثل هذه المباراة. الأهلي نادي مباديء ويجب ألا يخشى الإيقاف أو العقوبة."

وتابع "لو أن لهم صديق قتل وعاد في تابوت لاختلف الأمر."

ويومها أخذ العدد يرتفع مع كل دقيقة بعدما اجتاح آلاف من مشجعي المصري الفريق المضيف أرض استاد بورسعيد في اللحظات الأخيرة من المباراة التي انتهت بفوز المصري 3-1 بينها ثنائية للاعب الوسط مؤمن زكريا الذي ضمه الأهلي - وللمفارقة - قبل أيام قليلة في صفقة تثير الجدل وقد تعرضه لعقوبة.

ذهبوا مباشرة وهم الذين أمطروا أرض الملعب بمقذوفات نارية طيلة المباراة إلى المدرج الذي يؤوي بضعة آلاف من مشجعي الأهلي. ويقول عمر إنه كان شاهدا على عمليات قتل بالخنق والقذف من أعلى المدرج ناهيك عن استخدام آلات حادة.

وأضاف "شاهدت هذا كله بعيني.. كان معي شقيقي التوأم الذي كان عضوا مثلي في ألتراس أهلاوي. خشيت على حياتي وحياته لكن الله كتب لنا الحياة.

"حين أضيئت الأنوار خرجت أنا وشقيقي من الاستاد بصحبة عدد من أصدقائنا أبناء بورسعيد. ظللنا في منزل نحتمي حتى الفجر ثم عدنا للقاهرة.

قبلهم بساعات قليلة كان الجيش المصري قد أعاد فريق الأهلي والضحايا في طائرة عسكرية في مشهد لم تعرفه مصر من قبل.

ولم تتوقف احتجاجات الشبان بعدها للمطالبة بالقصاص فاعتصموا تارة وتظاهروا تارة أخرى حتى صدرت أحكام بالاعدام على 21 من المتهمين في القضية بينهم مسؤولون أمنيون وموظفون بالنادي المصري. وهؤلاء تعاد محاكمتهم حاليا أمام دائرة أخرى بعد قبول استئناف.

لكن بالنسبة لعمر ولآخرين من مشجعي الأهلي فإن الأمر لا يتعلق فقط بأحكام القضاء بل بحاجز نفسي لا يجعله يتصور إقامة مباراة بين الفريقين.

قال عمر "إنه أمر يصعب تصوره من الأساس. لاعبو الأهلي يذكرون ما حدث فهل سيكون بوسعهم اللعب بعد مقتل من كانوا يدفعون الغالي والرخيص للوقوف وراءهم؟

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com