رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: لا يجب منح حزب الله "فترة للتنفس"
كان المخطط المعتاد لشركة برمجة تأسست، العام 1982، أن تتطور وتبلغ قيمتها السوقية مئات الملايين من الدولارات، وتتسابق الشركات العالمية للاستحواذ عليها، لكن كان لجشع شركة مايكروسوفت، تأثير مغاير على محمد الشارخ وشركته الكويتية (صخر).
وبرحيل رجل الأعمال الكويتي الطموح والجريء، اليوم الأربعاء، يكون مشروع الشارخ البرمجي السبّاق، قد تلقى ضربة ثانية، لتبقى ذكريات شركة "صخر" وبرامجها باللغة العربية وأجهزتها شاهدةً على حقبة مهمة في تاريخ البرمجة العربية.
وكان محمد الشارخ ابن أسرة معروفة في الكويت، وقد قاده طموحه للعمل في مجال الألعاب الإلكترونية في ثمانينيات القرن الماضي، حيث كان وكيلاً لأجهزة "الأتاري"، لأن يقرر، في العام 1982، خوض تجربة برمجية فريدة.
بدأ الأكاديمي الكويتي مشروعه برأسمال قيمته 3 آلاف دينار استدانها من صديق له، وكان ينوي إدخال محتوى عربي لأجهزة الحواسيب آنذاك، لتنجح جهود قيادته لفريق من الموظفين الخبراء في البرمجة، بتصميم أول برنامج عربي يحمل اسم الشركة أيضًا وهو "صخر".
عرض الشارخ برنامجه ذلك على مفتي السعودي الراحل، الشيخ عبدالعزيز بن باز، ليجيزه له بعد إعجابه به، حيث يتيح البرنامج المخزن على قرص ذاكرة صلب، عند تشغيله على أي كمبيوتر، قراءة القرآن الكريم والأحاديث النبوية وكم كبير من العلوم باللغة العربية، بجانب ميزة البحث عنها، ليكون بذلك أول برنامج عربي على الحواسيب.
وبدأت الشركة الكويتية بعدها ببيع برنامجها في جميع الدول العربية، وتحقيق أرباح كبيرة، بدأت تتأثر مع تزايد القرصنة في العالم العربي، وعدم وجود قوانين رادعة في كثير من الأسواق العربية لتلك القرصنة آنذاك.
دفعت تلك التجربة مع القرصنة، محمد الشارخ للبحث عن حل، فاستطاعت شركته تصميم جهاز حاسوب محدود المهام، ويضم برنامج تشغيله الذي صممته له شركة مايكروسوفت، برنامج "صخر" العربي بشكل مدمج.
وبدأت "صخر" حينها ببيع الملايين من منتجيّها من الأجهزة والبرنامج المخزن على قرص الذاكر الصلب، حتى العام 1990، عندما غادر الشارخ، بلاده، وبدأ بتأسيس شركة جديدة في مصر.
اصطدم الشارخ يومها بقلة وجود مبرمجين في تلك الفترة بالعالم العربي، كما تلقى طعنة في الظهر كما يقول، من "بيل غيتس" صاحب شركة مايكروسوفت، حيث نجحت الشركة الأمريكية في إقناع اثنين من كبار المبرمجين في شركة "صخر" بالانضمام إليها.
واستطاعت مايكروسوفت من خلال الموظفين سرقة أسرار برنامج "صخر" وخطط التطوير البرمجية التي كان الشارخ قد توصل إليها، بينما كان يواجه الكثير من الصعوبات في الانطلاق بالنجاح ذاته من مصر.
لجأ الشارخ إلى رفع دعوى قضائية ضد مايكروسوفت يتهمها فيها بسرقة أسرار تقنية رغم وجود اتفاق بينه وبين الشركة بالحفاظ على السرية، لكن النزاع القضائي بين الطرفين انتهى بتسوية غير مرضية لرجل الأعمال الكويتي.
ويقول الشارخ عن تلك المعركة القضائية، إن القوانين والثقافة الأمريكية، لا ترى في الجشع بعالم التجارة والأعمال، نقيصةً، وتعتبر ما قامت به مايكروسوفت من سرقة لأسرار تقنية في مشروعه، نجاحًا.
وهكذا يرحل الشارخ في الكويت، رجل الأعمال الطموح الذي لا يحب المال، وتمسك حتى آخر أيامه بمشروع "رقمنة" اللغة العربية في الحواسيب وأنظمتها، بينما نال التكريم عدة مرات وحصلت شركته على براءات الاختراع وقيُمت ذات يوم بنحو ربع مليار دولار، وقابل مالكها الوحيد الكثير من القادة والزعماء.