الحصاد التقني.. الذكاء الاصطناعي يتوج شراكة الطب والتقنية في 2022

عندما اجتاح فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) العالم في 2020، لم تجد غالبية الصناعات سوى التكنولوجيا للاستعانة بها من أجل مواصلة أعمالها.

وكان في القلب من ذلك صناعة الرعاية الصحية؛ والتي اعتمدت بدورها على التكنولوجيا ولا سيما الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة؛ لتطوير العلاجات المنقذة للحياة بشكل أسرع وتوفير الرعاية الروتينية أثناء عمليات الإغلاق.

ومنذ ذلك الحين، ظهرت العديد من الابتكارات التكنولوجية الطموحة في المجال الطبي التي من شأنها مساعدة الأطباء والجراحين والباحثين على تقديم مستويات أعلى من الرعاية وتطوير علاجات جديدة بشكل أسرع من أي وقت مضى.

ووفق تقارير متخصصة، فإن ما يقرب من 86٪ من المؤسسات ذات الصلة بالرعاية الصحية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي. فيما تعتزم هذه الشركات استثمار نحو 54 مليون دولار في مبادرات الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.

ويرى البعض أن هناك الكثير لم يتحقق بعد من شراكة الطب والتكنولوجيا، إلا أن العديد من الإسهامات التي ظهرت في السنوات الأخيرة تعمل بالفعل على تحسين جودة الرعاية وتغطي جسم المرضي من الرأس إلى أخمص القدم.

ويستعرض التقرير التالي مجموعة من أبرز الحلول والإسهامات التقنية في المجال الطبي التي ظهرت في 2022:

باركنسون والصرع

طور فريق بحثي في جامعة "تورونتو" الكندية، أجهزة إلكترونية عصبية دقيقة، يمكن زراعتها في الدماغ؛ لمعالجة الاضطرابات الدماغية، مثل: مرض "باركنسون"، والصرع.

وتعتمد الأجهزة المطورة على الذكاء الاصطناعي من خلال رصد الأنشطة غير الطبيعية؛ ما يرفع مستوى أمان زراعتها ويوجه عملها بطريقة ذكية.

وعندما يتعرض المريض لنوبة صرع أو رجفة مرضية، تحاول الأجهزة تحفيز الدماغ لإعادة الخلايا العصبية إلى العمل بطريقة طبيعية، وتقوم الأجهزة بإشعال وإطفاء الخلايا العصبية، بما يشبه إعادة تشغيل الحاسوب.

مراقبة ضغط الدم

من كندا إلى الولايات المتحدة حيث طور باحثون من جامعة "ييل"، أداة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، لمراقبة ضغط الدم والتحكم به وفقا لحالة كل مريض وطريقة علاجه.

وتسمح التقنية الجديدة بدعم آلية صنع القرار الطبي، من خلال مشاركة المرضى والأطباء في اتخاذ القرار العلاجي، اعتمادا على البيانات الصحية الخاصة بالمريض.

 التنبؤ بالمضاعفات المصاحبة لمرض السكري

وفي جامعة "هيوستن" الأمريكية طور باحثون، أداة لدعم القرار السريري، تستخدم الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق، وتمكن الأطباء من التنبؤ بمرضى السكري الذين من المرجح أن يواجهوا صعوبات أو مضاعفات.

 تأخذ الأداة في الاعتبار كيف أن الظروف الاجتماعية والبيئية للمريض- الترتيبات المعيشية والوضع الوظيفي والأمن الغذائي ومستوى التعليم - قد تزيد من مخاطر تعرضهم للمضاعفات إضافة إلى التاريخ الصحي للمرضى

وتوفر الأداة للأطباء السريرين معلومات وأفكارًا قابلة للتنفيذ تسمح لهم بالتدخل في وقت مبكر، لتقليل النسبة المئوية لمرضى السكري الذين يعانون من مشاكل، وتقليل عدد المشكلات التي تؤثر على كل مريض.

مساعدة مصابي الحبل الشوكي

في جامعة تكساس في أرلينغتون الأمريكية، طورت فيليا مقدون أستاذة بارزة في قسم علوم وهندسة الحاسبات، أنظمة روبوتية لمساعدة مصابي الحبل الشوكي على أداء المهام اليومية مثل أعداد الطعام والاستعداد للاجتماعات والمقابلات وغيرها.

يمكن لتلك الأنظمة التعرف على مستوى التعب المعرفي لدى الشخص (الذي يعاني من الإصابة بالحبل الشوكي) وتقييمه والاستجابة له في أثناء مهام، مثل الطهي على سبيل المثال.

أكمام روبوتية للأطفال المصابين بالشلل

في جامعة كاليفورنيا في ريفرسايد، طور باحثون أكماما روبوتية للتحكم في أذرع الأطفال المصابين بالشلل الدماغي، ومشاكل الحركة المرتبطة.

وبدلًا من الهياكل الخارجية التي توضع في الذراع، تستخدم التقنية الجديدة مستشعرات الجهد؛ لاكتشاف انقباضات العضلات والتنبؤ بما يريد مرتديها القيام به، مثل ثني الكوع، ثم تدفع الأكمام الآلية الذراع نحو الوجهة المقصودة.

من المقرر أن تلعب هذه الأكمام الروبوتية دورا هاما في حياة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي؛ للحصول على بعض الاستقلالية.

دعم أطباء الأنف والأذن والحنجرة في الجراحات الدقيقة

طورت شركة "جالين روبوتيكس" روبوتا يمكنه دعم الجراحين في عمليات جراحة الأنسجة الرخوة، أطلقت عليه اسم "جالين إس".

يدعم الروبوت "جالين إس"، الجراحين الذين يجرون جراحات الأذن والأنف والحنجرة، لاسيما عمليات سرطان الحنجرة.

تشريح العضلات

طور فريق بحثي من جامعة "ميزوري" الأمريكية، تقنية ذكاء اصطناعي لتشريح أعضاء الجسم بدقة تصل إلى ليف عضلي واحد، دون إجراء أي عملية جراحية أو استخدام مقص جراحي.

وتسمح التقنية بدراسة كائنات موجودة حاليا في عالمنا، وأيضا تزويد العلماء ببيانات تشريحية عن كائنات منقرضة اعتمادا على السجل الأحفوري.

ويمكن توظيف التقنية الجديدة في دراسة البنى التشريحية للديناصورات، للتعرف على طريقة عمل أجسامها وممارستها لوظائفها الحيوية؛ مثل الحركة والتغذية.

تشخيص الزهايمر من التسجيلات الصوتية

في جامعة بوسطن الأمريكية طور باحثون نظام ذكاء اصطناعي يميز التراجع العقلي المرتبط بالزهايمر بدقة، من خلال تسجيلات صوت المريض.

ويستطيع برنامج الذكاء الاصطناعي من خلال تعلم الآلة، أن يرصد التراجع العقلي في تسجيلات صوت المريض لدى إجرائه للفحوصات دون حضوره شخصيا.

وتساعد التقنية الجديدة على التدخل العلاجي السريع عبر التشخيص المبكر والسريع للزهايمر ما يسمح بتركيز العلاج على المراحل الأولى من المرض، وإجراء اختبارات طبية بهدف إبطاء التراجع العقلي.

معالجة فقدان الذاكرة

طور باحثون من جامعة تورونتو الكندية، خوارزمية ذكاء اصطناعي لتخزين واسترجاع المعلومات بطريقة تشبه آلية عمل الدماغ البشري إلى جانب أداة مخبرية تسمح للخوارزمية الجديدة بمساعدة البشر المصابين بفقدان الذاكرة.

وتتيح الذاكرة الاصطناعية الحيوية للخوارزميات تمييز البيانات المهمة فقط، وبذلك تستطيع الوصول إلى نتائج جيدة بسرعة أكبر بكثير.

وتقدم الطريقة الجديدة أيضًا أدوات معالجة للغة الطبيعية، لمساعدة الأشخاص المصابين بفقدان الذاكرة على تتبع المعلومات الأساسية.

تصميم روابط بروتينات

ابتكر باحثون في مختبر ديفيد بيكر الأمريكي، طريقة جديدة لتصنيع أدوية مرتبطة بالبروتين بقوة بجزيئات مستهدفة، قد تحدث نقلة في عالم تصنيع العقاقير.

وقد تصبح التقنية مدخلا إلى تطوير أدوية جديدة لعلاج أمراض كالسرطان والسكري وأنواع الالتهابات وغيرها من الأمراض.

واستخدم الباحثون تقنية البرمجة الجديدة في مسح الجزيء المستهدف، وتحديد مواقع الربط المحتملة، وتوليد بروتينات تستهدف تلك المواقع، ثم فحصوا ملايين البروتينات المرشحة وانتقوا المرجح منها للعمل.

تشخيص التهاب الرئة من صوت السعال

طور باحثون من جامعة "هانيانغ" الكورية الجنوبية، تقنية لتشخيص الالتهاب الرئوي من خلال إجراء جلسات استماع لصوت سعال المريض وتسجيل الصوت وتحليل تردده في الغرفة بواسطة خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي.

وتستطيع خوارزمية تعلم الآلة أن تحلل صوت السعال مباشرة وفي أي مكان، إذ تختلف تجهيزات الأماكن وأجهزة التسجيل؛ ما دفع الباحثين للاعتماد على استجابة مساحة الغرفة لترددات الصوت المختلفة، وسمح لهم بتجاوز الفروقات بين الأماكن.

ذكاء اصطناعي يختار البرنامج العلاجي الأفضل

 طور باحثون من مختبر "كولد سبرينغ هاربور" الأمريكي، خوارزمية تُدعى "غوفر" للمقارنة بين برامج الذكاء الاصطناعي؛ لاختيار البرنامج الأفضل لعلاج المرضى، وتقييم كفاءته ودقته وأدائه وفق حالة المريض.

واستخدم الباحثون سابقا أدوات الذكاء الاصطناعي لدراسة الجينات البشرية، ولكن تطور تقنياته وابتكار الخوارزميات الجديدة أدى إلى تنوع خيارات العلاج وكثرتها؛ ما جعل اختيار نظام الذكاء الاصطناعي المناسب لعلاج المرضى صعبا.

عدسات لاصقة تشخص أمراض العين

ابتكر باحثون من جامعة "شيفيلد" البريطانية، عدسات لاصقة ذكية، يسمح ارتداؤها بتشخيص العدوى التي تتعرض لها العين في المنزل وبسرعة.

ويسعى الباحثون نحو تعزيز الوقاية من العمى ومكافحته، فضلا عن الحد من حالات الوفاة الناجمة عن عدوى العين الفطرية في الدول النامية.

وتعاون الفريق مع جامعة "برادفورد" البريطانية لتطوير قدرة العدسات على رصد نوع الجراثيم أو الفطريات الموجودة في العين، دون الحاجة إلى أخذ مسحة من عين المصاب تحت تأثير المخدر، ومعالجة العينة ليومين قبل دراستها مجهريا.

قبضة روبوتية لذوي الاحتياجات الخاصة

طور باحثو جامعة بنسلفانيا الأمريكية قبضة روبوتية تجمع بين القوة والمرونة، وتمكن المستخدم من الإحساس بقوة حقيقية في الواقع الافتراضي، فضلا عن تحسين ورفع كفاءة الروبوتات المرنة المستخدمة في مجالات مختلفة.

وتمنح القبضة يد الروبوت المرن القدرة على الإمساك بقوة 1.8 كيلوغرام، ما يماثل حمل كيس من التفاح، وتزيد القبضة من قوة اليد الروبوتية المرنة بمقدار 40 ضعفا، فضلا عن استهلاك 125 فولتا من الكهرباء فقط، أي ثلث ما تتطلبه القبضات الحالية من الكهرباء.

إصلاح وتجديد أنسجة الحبل الشوكي

طور علماء في إيرلندا، مادة حيوية هجينة على شكل جسيمات نانوية، لتعزيز إصلاح وتجديد الأنسجة بعد إصابات الحبل الشوكي.

واستخدم الفريق من جامعة "ليمريك" نوعًا جديدًا من الدعامات، ومركبًا بوليمريًا جديدًا موصلًا بالكهرباء، لتعزيز نمو وتجديد أنسجة الحبل الشوكي المصابة.

 تقنية صناعة الأنسجة البشرية

طور باحثون من جامعة "فيرجينيا" الأمريكية، تقنية طباعة حيوية جديدة للأنسجة البشرية، تعتمد على تجميع رقمي لجسيمات حيوية مسطحة ثلاثية الأبعاد فوق بعضها بما يشبه لعبة "الليغو".

وتستطيع التقنية تشكيل هياكل معقدة من الأنسجة الحيوية القابلة للدمج مع أنسجة الجسم البشري وأعضائه.

حذاء للمكفوفين

ابتكرت شركة نمساوية حذاء ذكي مصمم لمساعدة المكفوفين وضعاف البصر على تجنب العوائق في الطريق والسير بسلاسة أكبر

 تتكون تلك التقنية من مستشعرات فوق صوتية مقاومة للماء متصلة بكل طرف، تهتز وتصدر أصواتا بالقرب من العوائق.

وكلما اقترب مرتديها من العائق، زادت سرعة الاهتزاز، مثل جهاز استشعار وقوف السيارة في الجزء الخلفي من السيارة.

تعمل الشركة النمساوية المنتجة حالياً على تضمين كاميرا تعمل بالذكاء الاصطناعي كجزء من التكرار الجديد للمنتج.