وسط منافسة صينية.. أمريكا تنهض بصناعة الرقائق الإلكترونية
وسط احتدام المنافسة الأمريكية الصينية على مختلف الجبهات، تسعى الولايات المتحدة لتأمين إمداداتها من الرقائق المتطورة وأشباه الموصلات اللازمة لعمل أنظمتها الحديثة، ما دفعها لطرح حوافز مالية لاجتذاب الشركات لتصنيع هذه المنتجات محليا.
وقالت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو، إن البنتاغون سيتمكن من الوصول الآمن إلى أشباه الموصلات الرائدة المصنعة في المنشآت التي تتلقى تمويلًا من قانون الرقائق البالغ 53 مليار دولار، الأمر الذي من شأنه ضمان قدرة الصناعة على تزويد الجيش بالرقائق المتقدمة التي يحتاجها لأنظمة الأسلحة الحديثة.
تأتي إجراءات المشاركة المتزايدة للجيش ومسؤولي الأمن القومي في الولايات المتحدة بالتزامن مع تزايد التنافس مع الصين والكشف عن نقاط الضعف في سلسلة التوريد خلال الوباء، ما أثار مخاوف صناع السياسات من اعتماد الولايات المتحدة الكبير على الرقائق المستوردة.
ووفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قالت ريموندو في مقابلة إن القانون الذي يشجع التصنيع المحلي للرقائق، هو مبادرة للأمن القومي، حيث تشتري الولايات المتحدة أكثر من 90% من رقاقاتها المتقدمة من تايوان، واصفة ذلك بأنه "ثغرة أمنية قومية جسيمة".
وأضافت الوزيرة أن "كل قطعة من المعدات العسكرية المتطورة، وكل طائرة مسيرة وقمر صناعي، تعتمد على رقائق أشباه الموصلات، وأن مسؤولي التجارة سيعتمدون على إرشادات وزير الدفاع لويد أوستن ومجتمعات الدفاع والاستخبارات عند بدء تنفيذ البرنامج هذا الأسبوع"، مؤكدا أننا "نحتاج إلى المزيد من القوى العاملة، فنحن الآن نفتقر إلى خدمات رعاية الأطفال ذات التكلفة المعقولة وهو أكثر العوامل التي تبعد العمال عن هذا المجال، وخاصة النساء".
وأشارت ريموندو إلى أن "الحكومة تهدف لإنشاء ما لا يقل عن مجموعتين لتصنيع الرقائق المتطورة بحلول 2030، تمثل كل منها نظاما بيئيًا كاملاً يحتوي على مرافق تصنيع الرقائق ويحيط به مختبرات الأبحاث وموردي المواد والمعدات ومرافق التعبئة والتغليف والتجميع النهائي لأشباه الموصلات".
يذكر أن الاعتماد على تايوان على وجه الخصوص يثير قلق المسؤولين الأمريكيين، لأن الصراع العسكري على الجزيرة، التي تسعى الصين إلى ضمها، يمكن أن يعطل إمدادات أشباه الموصلات وعمليات الشركات المصنعة التي تعتمد عليها.
وقال مسؤول في وزارة التجارة إنه لضمان مشاركة دافعي الضرائب الأمريكيين في نجاح البرنامج، ستُلزم الشركات التي تتلقى منح تعادل قيمتها أكثر من 150 مليون دولار، بدفع جزء من أرباحها للحكومة إذا كانت منشآتها أكثر ربحية مما كان متوقعًا، كما ستكون الشركات التي تتلقى الدعم ملزمة بتوفير رعاية الأطفال للعمال، وهو إجراء قالت الإدارة إنه ضروري لضمان قدرة العمال المؤهلين على المشاركة في البرنامج.
ويمنع القانون المستفيدين من منح البرنامج من الانخراط في عمليات إعادة شراء الأسهم، ويشمل البرنامج الذي تم توقيعه من قِبل الرئيس جو بايدن في آب/أغسطس، حوافز تصنيعية يبلغ مجموعها 39 مليار دولار تُمنح للشركات للمساعدة بالاستثمار في التصنيع المحلي لأشباه الموصلات، بينما ستخصص 13 مليار دولار إضافية لتمويل عمليات البحث والتطوير والنهوض بالقوى العاملة.
علاوة على ذلك، يتضمن البرنامج بنداً يمنح مسؤولي الدفاع والأمن القومي الأمريكيين إمكانية الوصول إلى الرقائق المصنوعة في المصانع الجديدة في بيئة التصنيع التجارية.
وحسب وثيقة الاشتراك في البرنامج "يعجز الجيش الأمريكي حاليًا عن الحصول على رقائق متطورة من المنشآت المحلية، ما يجعل الأنظمة العسكرية الحساسة عرضة لاضطرابات الإمداد".
وفي إشارة إلى نية الحكومة للمساعدة في تطوير الأجيال القادمة من أشباه الموصلات المتقدمة، أفادت وزيرة التجارة الأمريكية جينا ريموندو بأن وزارتها ستعطي الأولوية لتخصيص الأموال للشركات الأمريكية والأجنبية التي تلتزم ببناء مرافق البحث والتطوير داخل الولايات المتحدة إلى جانب مصانع أشباه الموصلات.
وتتضمن قائمة أبرز المرشحين للحصول على حوافز قانون الرقائق الجديد شركة TSMC (Taiwan Semiconductor Manufacturing Co.) التي تسيطر على أكثر من 90% من الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات الأكثر تقدمًا، وتقع في تايوان.
يذكر أن هذا القانون الجديد الذي حصل على الموافقة العام الماضي يعتبر نتيجة مباشرة للمخاوف المتزايدة بشأن التنافس مع الصين التي تستثمر بكثافة في صناعة أشباه الموصلات وتوسيع جيشها.
ولتجنب استفادة المنافسين من القانون، ستلتزم الشركات الحاصلة على الحوافز من الولايات المتحدة بعدم توسيع قدراتها التصنيعية في الصين والدول الأخرى لمدة 10 سنوات.
وتشمل المواقع المرشحة لهذه الأنظمة البيئية أريزونا وتكساس وأوهايو، ومن المتوقع أن تغطي منح قانون الرقائق من بين 5 و15% من التكلفة الإجمالية لكل من مشاريع البناء الكبيرة، مع ضمانات القروض المقدمة أيضًا بموجب تمويل قانون الرقائق، يمكن للشركات تغطية ما يصل إلى 35% من نفقاتها.
ومنذ الكشف عن قانون الرقائق كُشف عن أكثر من 40 مشروعا من المصنعين الأمريكيين والأجانب بإجمالي استثمارات تبلغ 200 مليار دولار، بما في ذلك مشاريع من شركات كبرى في مجال إنتاج الرقائق مثل إنتل، سامسونغ وTSMC.
ومن المقرر أن تمتد عملية تقديم طلبات الحصول على منح قانون الرقائق لمدة أشهر، وفي المرحلة الأولية التي تبدأ الثلاثاء، ستقبل التجارة الطلبات الخاصة بمصانع تصنيع الرقائق والتعبئة والتغليف، التي تقوم بتجميع الرقائق لشحنها للمستخدمين، وسيتبع ذلك منشآت المواد والمعدات في الربيع المقبل ومشاريع البحث والتطوير في الخريف.