كنيسة في لبنان

في الشهر المقبل سوف يكون عام كامل قد مضى على لبنان، دون أن ينجح فىي اختيار رئيس جديد خلفًا للرئيس السابق ميشيل عون.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يغلق فيها القصر الرئاسي أبوابه في انتظار الساكن الجديد.. فمن قبل كان قصر بعبدا في بيروت قد بقي بغير رئيس لفترة أطول من السنة، وكان هذا مما يؤلم آحاد اللبنانيين في المرتين، ولكنهم كانوا يجدون عزاءهم فى أن الاختيار ليس بأيديهم، وإنما هو في يد أعضاء البرلمان، وفي يد الساسة قبل أن يكون في يد الأعضاء، ولو توافق الساسة فسوف يختار البرلمان رئيسًا جديدًا في ساعة أو ساعتين.

وفي وقت قريب كانت الساحة السياسية قد عرفت مرشحين اثنين هما سليمان فرنجية وجهاد أزعور، ولكن لأن الطبقة السياسية اللبنانية لم تتوافق على أي منهما، فلقد بقي الاثنان خارج القصر وبقي بعبدا شاهدًا على عجز هذه الطبقة، وعلى انشغالها بما يحقق مصالحها الضيقة، وليس بما يحقق الصالح الأوسع لهذا البلد الجميل.

وكان نبيه بري، رئيس البرلمان، قد دعا إلى حوار بين ساسة البلد ينتهي بالتوافق على اختيار ساكن القصر، ولكنه لاحظ أن دعوته لم تجد ما كان يتوقعه من اهتمام واستجابة، ثم إنه لاحظ أيضًا أن البطريرك الماروني بشارة الراعي قال ما يشبه رفض الحوار، فأطلق بري تصريحًا يقول: "يبدو أن الكنيسة القريبة ما بتشفي".

ومن الواضح أن هذه العبارة من بين الأمثال الشعبية في لبنان، ولا شيء أقرب إلى معناها بين الأمثال الشعبية المصرية إلا المثل الذي يقول: الشيخ البعيد سره باتع.

والمعنى دائمًا أن الحل الذي نبحث عنه لأي أزمة تملأ علينا دنيانا يمكن أن يكون تحت أقدامنا، ومن الوارد أن يكون في متناول أيدينا، ولكن لسبب ليس مفهومًا بالضبط، نظل نتحري الحل في مكان آخر بعيد، ونظل عاجزين عن رؤية حقيقة بديهية تقول إن الحل من الجائز أن يكون أمامنا هنا، وليس في مكان ينأى عنا هناك.

عاش لبنان على مدى تاريخه عنوانًا للحياة في المنطقة، ولكنه أصبح على أيدي الساسة أرضًا للعجز وسوء الحال، وهو وضع لم يعد ينفع معه كنيسة قريبة ولا شيخ بعيد!.. ولكن حب اللبنانيين للحياة سوف يغلب، وسوف يعود لبنان كما كان وأحسن، لا لشيء إلا لأن إرادة الشعوب تظل غالبة.

المصري اليوم

المقالات المختارة المنشورة في "إرم نيوز" تعبر عن آراء كتّابها ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الموقع.