إطلاق نار مكثف من آليات إسرائيلية وطائرات مسيرة في منطقة الصفطاوي شمالي مدينة غزة
الآن بدأت الحرب بالفعل، فلم تكن الأيام الثلاثة والعشرون الماضية سوى مقدمات "عنيفة" لسيناريو أشد وطأة، ستسفر عنه قادم الأيام وستتكشف ملامحه شيئًا فشيئًا.
إسرائيل بدأت بتوسيع عملياتها البرية رويدًا رويدا، فيما تُمطر قطاع غزة بالقنابل والصواريخ جوًّا وبرًّا وبحرًا، وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية عربيًّا ودوليًّا للمطالبة بوقف إطلاق النار مع سقوط أكثر من 8 آلاف قتيل في القطاع أغلبهم من الأطفال والنساء.
ولا يبدو أن الحرب ستضعُ أوزارَها قريبًا، مع تصميم إسرائيلي على اجتياح متدرج للقطاع، يبدو أنه يأخذ منحى متصاعدًا، ولكن ببطء يستهدف امتصاص الضغط العالمي ويجعل من وقْع العملية البرية أقل حدة من تنفيذ اجتياح شامل ومباغت.
الضوء الأخضر الأمريكي ما زال يعطي نتنياهو الدعم اللامحدود لمواصلة عمليته، وأمس كشفت مصادر مطلعة لشبكة "سي إن إن" عن توجه قوات رد سريع أمريكية إلى شرق البحر الأبيض المتوسط؛ ما يزيد احتمالات اشتراك أمريكي مباشر في الهجوم البري على غزة.
إيران ما زالت تنأى بنفسها عن الصراع، وتكتفي بتصريحات مسؤوليها، التي تحذّر من اتساع رقعة الصراع ومن تدخل أمريكي مباشر في حرب غزة.
تصريحات طهران، تأتي بالتزامن مع مناوشات ميليشيا حزب الله مع إسرائيل على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 47 عنصرًا من الميليشيا.
ومع تحوّل الأنباء حول قصف غزة ومقتل مئات المدنيين يوميًّا، إلى مجرد حدث يومي معتاد منذ السابع من أكتوبر، ينصبُّ الحديث حول المفاوضات مع إسرائيل لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع المنكوب.
هي حرب معقدة، يدفع ثمنها الأبرياء العزل، والمؤشرات تتجه صوب كارثة إنسانية لم يسبق لها مثيل في قطاع غزة، لن يكون شكل المنطقة بعدها كما كان، وستفرض سياسات وتحالفات جديدة، وفي كل يوم تتضاءل فرص التهدئة، لا سيما بعد تكشّف حقائق تُظهر اتخاذ إسرائيل قرارًا لن تحيد عنه، ويدعمه الرئيس الأمريكي جو بايدن ومعه بريطانيا وفرنسا.
ما يحدث وسيحدث في قادم الأيام سيكون رهيبًا، ويفتح باب الاحتمالات والتوقعات على مصراعيه، ولكن ما نستطيع أن نراه اليوم، حجم الدعم الشعبي العالمي للفلسطينيين وحقوقهم، فالضربات الإسرائيلية التي محت أكثر من ثلث قطاع غزة، أتت بنتائج عكسية لإسرائيل، التي تلقت في بادئ الأمر التعاطف والدعم بعد هجوم السابع من أكتوبر.
إسرائيل اليوم باتت في مرمى الغضب، ومتهمة بارتكاب جرائم حرب شنيعة؛ ما سلَّط الضوء مجددًا على القضية الفلسطينية، ووضع مسألة حلّها على قمة الأولويات الأممية.
القضاء على حركة حماس هو ما تريده حكومة نتنياهو من وراء الحرب لرد صفعة أكتوبر، ولكن الثمن سيكون باهظًا، وسيدفعه الجميع.