البحرين صامدة أمام عملاء الخارج
البحرين صامدة أمام عملاء الخارجالبحرين صامدة أمام عملاء الخارج

البحرين صامدة أمام عملاء الخارج

جهاد الخازن

 أكتب اليوم عن البحرين حيث بدأت وأنا أودّع المراهقة عملي في الصحافة، فهي بلدي مثل لبنان ومصر وسورية والأردن وفلسطين. أكتب من منطلق معرفة وثيقة لم تنقطع يوماً، وأعرف عن البحرين أكثر كثيراً من صحافيين عرب وأجانب، أو مراكز بحث بعيدة من موقع الحدث.

عندما بدأت المشكلات في البحرين العام 2011 ذهبت فوراً إلى المنامة، وقابلت وليّ العهد ووزراء وأصدقاء وجمعت معلومات لا تعرفها منظمة العفو الدولية أو جماعة حقوق الإنسان، أو أحزاب سياسية ومنظمات كل منها ينطلق من توجهه السياسي، وليس بحثاً عن الحقيقة.

كتبت العام 2011 وأكرر اليوم، أنني ذهبت إلى ميدان اللؤلؤ في ليلتين متتاليتين (سائق سيارتي كان اسمه زعل) وسمعت خطيباً في كل ليلة يهاجم النظام، والمستمعون يرددون وراءه: يسقط النظام.

المعارضة سقطت أولاً في البرلمان بعد أن أتتها الأوامر بالانسحاب، وثانياً في الشارع حيث السيطرة للحكومة لا لأصحاب الولاء الخارجي، بوقاحة تصل إلى حد إعلان خيانة الوطن.

أكتب اليوم بعد أن قرأت خبراً في «واشنطن بوست» كتبه صحافي اسمه عربي وعنوانه «بعد تطمينات ترامب، البحرين تشن أكبر غارة مميتة منذ سنوات على المعارضة».

لن أقول أن ما سبق كذب، بل أسجل أنه يتجاوز الحقيقة، فقد كنت سمعت من مسؤولين في البحرين أن بعض الإرهابيين، والذين قتلوا رجال شرطة وعملاء يمولون من الخارج، يقيمون داخل بيت الشيخ عيسى قاسم، مرشد جماعة الوفاق، أو يعتصمون حوله، ويعتقدون أنهم بمأمن من يد العدالة. المسؤولون البحرينيون قالوا لي إن سلطات الأمن تفكر في اجتياح الدراز الشيعية لاعتقال المطلوبين للعدالة.

حديثي مع الإخوان في البحرين كان على امتداد الأسبوعين الماضيين، وقوات الأمن دخلت القرية وقبضت على 268 مطلوباً للعدالة بتهم شتى من الإرهاب إلى التخريب، وهؤلاء تصدوا لرجال الأمن بالقنابل اليدوية وأسياخ الحديد. وقبيل المواجهة، كان القضاء في البحرين قد حكم بالسجن مع وقف التنفيذ على آية الله عيسى قاسم مع غرامة مالية، وقرأت أن ستة مطلوبين اعتقلوا داخل منزل قاسم، إلا أنه لم يُعتقَل بل تُرك حراً، وأخشى إذا استمر التحريض أن يُجرّد عيسى قاسم من جنسيته البحرينية ويُطرد من البلد.

لا أؤيد الإرهاب، كما أنني لا أؤيد حكم الإعدام، وإنما أتمنى أن يعيش شعب البحرين كله في بلد مزدهر من دون مصادر طبيعية تذكر، ونفط البحرين هو من حقل تتقاسمه مع المملكة العربية السعودية، والخريطة تقول إنه كله في أرض تابعة للسعودية إلا أنه يوفّر للبحرين 200 ألف برميل في اليوم من إنتاج لا يتجاوز 250 ألف برميل في اليوم.

الخبر في «واشنطن بوست» كان سخيفاً في الربط بين كلام الرئيس دونالد ترامب عن البحرين في الرياض والحملة على معارضين، بينهم إرهابيون. والحملة -كما ذكرت- تمّ الإعداد لها منذ أسبوعين كما سمعت وربما قبل ذلك، وليس يوم قال ترامب بعد اجتماعه مع الملك حمد بن عيسى: إن بلدينا لهما علاقة رائعة معاً، ولكن كان هناك بعض التوتر، إلا أنه لن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة. ترامب قال هذا الكلام قبل يومين من الهجوم على قرية الدراز، ومن المستحيل أن تكون قوى الأمن البحرينية محتشدة بانتظار كلمة السر من الرئيس الأميركي للهجوم. ثم إن الأسطول الأميركي الخامس له قاعدة في البحرين منذ عقود، وقبل وصول حمد بن عيسى إلى الحكم بسنوات كثيرة.

المهم الآن أن يعود إلى البحرين ذلك السلم الأهلي الذي جعل منها بلداً مزدهراً لكل أبنائه. وبعض قيادات الشيعة في البحرين حتماً وطني وليس عميلاً لأحد، وأتمنى أن أرى عودة إلى تلك الأيام القديمة عندما كنت أزور البحرين فلا أعرف الفرق بين قرية شيعية وأخرى سنيّة. والمشكلة ليست مع النظام أو غيره بل مع قيادات معارضة عميلة، أذكـّرها أنه عندما بدأت المشكلات أرسلت السعودية والإمارات العربية المتحدة قوات إلى البحرين، وهما سترسلان قواتهما مرة أخرى إذا احتاجت البحرين. وأقول للمعارضة أن تطلب ما يمكن تحقيقه، أو كما يقول مَثل معروف: إذا شئت أن تُطاع فَسَلْ المستطاع.

الحياة

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com