مبادرتا نافعة والائتلاف ... خطوتان للأمام
مبادرتا نافعة والائتلاف ... خطوتان للأماممبادرتا نافعة والائتلاف ... خطوتان للأمام

مبادرتا نافعة والائتلاف ... خطوتان للأمام

عريب الرنتاوي

مبادرتان للمصالحة، كُشف النقاب عنهما في مصر في توقيت متزامن ... الأولى، انطلقت من داخل “الائتلاف الداعم للشرعية” وهو الاسم الحركي للإخوان المسلمين وحلفائهم ... والثانية، حملت اسم الأكاديمي والسياسي المصري المعروف الدكتور حسن نافعة، والتي حملت اسماً “كودياً” مختصراً “مبادرة لجنة الحكماء” ... إن هذه الصدفة في تزامن المبادرتين، إنما تتكشف عن “ضرورة”، والضرورة هنا تقتضي وصول الأطراف المتناحرة إلى قناعة مفادها، أن أحداً لن يكون بمقدوره أن يقصي أحداً أو يستأصله، وأن المصالحة، وما توجبه من مصارحة، هي المخرج الأمثل من الاستعصاء المصري.

المبادرة الأولى، مبادرة الائتلاف، تنم عن يأس الفريق الذي تحدث بها، من إمكانية إعادة عقارب الساعة إلى الوراء ... ثمة “مناخات” داخل الجماعة وحلفائها، ترى أن المعركة التي يخوضها الائتلاف، باتت أقرب ما تكون إلى “المعركة العبثية”، فقطار خريطة المستقبل ينتقل من محطة إلى أخرى، والمواجهات التي تلحق الضرر بمصر، تزيد في خسائر الإخوان المسلمين من دون طائل، ولقد استمعنا وقرأنا لأصوات خافتة من داخل الجماعة، تدعو للمراجعة، وفي ظني أن هذه الأصوات سترتفع مع الأيام، سيما إن وجدت على الضفة الأخرى، يداً ممدودة وأذنا صاغية، وبرغم السجال الذي دار حول المبادرة، وما إذا كانت صحيحة أم لا، فإن ثمة ما يوحي بأن “شيئاً ما” يحصل داخل الائتلاف والجماعة، يستحق الدعم والتشجيع.

أما المبادرة الثانية، مبادرة نافعة، فهي صادرة عن شخصية أكاديمية وسياسية محترمة، لا غرض فيها أو من ورائها، سوى المصلحة العامة، وهي إذ تستند إلى المصاعب الجمّة التي تواجه الفريقين المشتبكين، تنطلق من فرضية استحالة الاستئصال والإلغاء، وتغلب مقاربة “لا غالب ولا مغلوب”، وتهدف لبناء رؤية توافقية للانتقال إلى الديمقراطية، والدكتور نافعة كان معنا في عمان قبل عدة أسابيع في مؤتمر “الإسلاميون والعلمانيون ... نحو رؤية توافقية للانتقال إلى الديمقراطية”، وجوهر مداخلاته في المؤتمر، ومبادرته لاحقاً، لا يخرج عن العنوان المذكور، وهو عنوان “توافقي بامتياز”، يرضي الجميع من غير المتطرفين على جبهتي الصراع، وأصحاب الأغراض والأجندات الخاصة.

البعض من فريق السلطة الحاكمة، وأنصاره “الملكيون أكثر من الملك”، رأى في مبادرة الائتلاف تعبيراً عن الاستسلام أو مناورة التفافية، وفضل الحط من شأنها وشأن القائمين عليها، مع أنها تفتح أفقاً ومخرجاً من حالة الانسداد السياسي، هذا الفريق يقترح إدارة الظهر للمبادرة والمضي في حرب الإلغاء حتى خواتيمها، وهي أفكار لا تصدر إلا عن متطرفين من المدارس العلمانية أو بقايا النظام القديم أو أصحاب مصلحة في “اجتثاث الإخوان” على طريقة “اجتثاث البعث” في العراق.

هؤلاء أنفسهم، هم الذين تصدوا لمبادرة الدكتور حسن نافعة، تارة باتهامه بالدفاع عن الإخوان المسلمين ومد أطواق النجاة لهم، وأخرى بالسخرية منها: “مش نافعة يا حسن”، وثالثة بالقول بعدم جديتها وجدية من تقدم بها، مع أن المبادرة، ببنودها المنشورة، تقترح إجراءات بناء ثقة ووقف القصف الإعلامي المتبادل وتهدئة الشوارع وإطلاق سراح المعتقلين غير المدانين بجرائم محددة، وإشاعة الحريات، وفتح باب المشاركة للجميع من أجل الانتقال بالبلاد على مسار سلس نحو ضفاف الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

في الآليات، تقترح المبادرة لجنة حكماء من شخصيات وازنة، وقيام وسطاء متفق عليهم، فالتحرك بين ضفتي الانقسام، وصولاً لبناء رؤية توافقية تفتح باب المشاركة للجميع.

لو كنت في مقام الناصح للعهد المصري الجديد، لعرضت تشجيع المبادرة والمراجعات في صفوف المعسكر المصري الآخر، واقترحت الترحيب بأية بادرة من هذا النوع، ولأوعزت لوسائل إعلام النظام بتغطية هذه المراجعات والدعوات، ولكنت من بين أول من يتصل بالدكتور حسن نافعة لتشجيعه على السير بمبادرته الإنقاذية، وتوسيع مظلة الداعمين لها، فهذا طريق مصر للخروج من أزمتها، وهذا هو طريقها لاستكمال نصاب البناء الشرعي للجمهورية المصرية الجديدة.

(الدستور الأردنية)

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com