«آيدكس».. وفخر الصناعة الإماراتية
«آيدكس».. وفخر الصناعة الإماراتية«آيدكس».. وفخر الصناعة الإماراتية

«آيدكس».. وفخر الصناعة الإماراتية

محمد خلفان الصوافي

بعد 25 عاماً تقريباً، هي عمر استضافة العاصمة أبوظبي لمعرض الدفاع الدولي «آيدكس»، المعرض المتخصص في مجال البحوث والصناعات العسكرية، والذي يختتم أعماله للدورة الـ13 يوم غد الخميس، بعد هذه المدة، بات واضحاً أن لدولة الإمارات مشروعها الخاص للصناعة العسكرية، وذلك بعدما كانت هذه الصناعة حكراً على الدول الكبرى.

واللافت في هذا المشروع أن الإمارات نجحت خلال هذه الفترة القصيرة في تأهيل أبنائها لخوض هذه التجربة، ليس فقط في قيادة الشركات المختصة، ولكن أيضاً في المساهمة في إنتاج هذه الأسلحة، ما يعطي دلالة على وجود رؤية استراتيجية لدى القيادة السياسية للدولة حول أهمية هذه الصناعة، ليس من منطلق تنويع مصادر الدخل فقط، ولكن باعتبارها إحدى أدوات السيادة الوطنية للدول، لأن أي دولة تطمح إلى الحفاظ على مكتسباتها التنموية لابد أن تمتلك الأدوات الخاصة بذلك، ومن أهمها الصناعة العسكرية.

دولة الإمارات التي حققت العديد من قصص النجاح، والتي تملك طموحات كبيرة من أحدث تجلياتها التخطيط لبناء قرية في المريخ (الكوكب الأحمر) عام 2117، لا يصعب عليها أن تنافس الآخرين، لذلك تبدو مشاركة 150 شركة وطنية في مجال الصناعة العسكرية، أمراً لافتاً للنظر مع أنه من حيث الواقع وفق ما تفعله الإمارات ينبغي أن يكون عادياً، بل إن الطموح الإماراتي، لا يتوقف على الصناعة، وإنما يتمثل أيضاً في السعي إلى عقد اتفاقيات تصدير أسلحتها للدول الكبرى أو الرائدة في هذه الصناعة.

وإلى وقت قريب، كان الهدف من هذا المعرض هو الاحتكاك بالشركات العالمية وكذلك من أجل التعرف على ما توصلت إليه الصناعة العسكرية العالمية في مجالاتها المختلفة، وبالتالي الاستفادة من تجارب الدول الأخرى وخبراتها، لكن يبدو أن الاستراتيجية الإماراتية في مجال الصناعة العسكرية، والتي وضعت في العام 2011، تؤكد اليوم أن الدولة أصبحت تمتلك الثقة في نفسها في هذا المجال وأنها باتت تتقن هذه الصناعة، وقد أصبحت لديها القدرة على الحديث عن منافسة الدول الكبرى في الصناعة العسكرية، بل والسعي لتصدير صناعتها العسكرية إلى هذه الدول ودخول مضمار المنافسة في السوق العالمي لمنتجات الصناعة الدفاعية.

استضافة الإمارات للشركات العالمية لم تكن فقط من أجل عرض منتجاتها وعقد الصفقات بيع لهذا البلد أو ذاك، ولكنها أيضاً فرصة مواتية للعسكريين الإماراتيين للاطلاع على تجارب الآخرين، باعتبارها أحد العوامل التي تحفز على الإبداع والابتكار والعمل. وقد راهنت أيضاً على رفع المستوى الثقافي للإنسان الإماراتي وتأهيله مهنياً، خاصة العاملين في القطاع العسكري، حيث تم ابتعاث العديد منهم للدراسة في الدول الغربية، وكذلك في كل من الهند وجنوب أفريقيا.

المشهد الاستراتيجي الذي يمر به العالم والمرتبط بالواقعية السياسية في العلاقات الدولية، والصراعات التي تموج بها منطقتنا خاصة، والتي أصبحت تمثل تهديداً للاستقرار الإقليمي، كل ذلك يتطلب «هندسة» أمنية وطنية خالصة، وهذا ما يبدو محل إدراك ووعي كاملين من جانب قيادة دولة الإمارات. وهذه الهندسة تتطلب أدوات القوة اللازمة لصونها، ولعل الصناعة العسكرية تدخل في صميم تحقيق هذا الهدف، خاصة أن هناك دولاً إقليمية لديها طموحاتها التوسعية، وتحاول دعم هذه الطموحات بامتلاك صناعة عسكرية مزعزعة للاستقرار الإقليمي.

ووفقاً لفلسفة قيادة دولة الإمارات، القائمة على منهج التدرج في البناء والتنمية، فإن النقطة المهمة أن هذا المعرض، صقل مهارة التفاوض لدى العسكري الإماراتي، ومن هنا نستطيع أن نقول إن هناك موروثاً تراكمياً كبيراً من الخبرات في «فن التفاوض» والتعامل بندية مع الشركات العالمية، بل إن «خبرة المكان» لنوعية السلاح المناسب لمنطقة الشرق الأوسط، والتي تكاد تصنع كل أسلحة العالم لها ترجح كفة «فخر الصناعة الإماراتية»، وبالتالي فإن النصيحة التي يمكن أن تقدم للشركات العالمية العاملة في هذه الصناعة هي عدم إغفال الصناعة العسكرية الإماراتية لأنها صممت لتناسب البيئة القتالية في المنطقة.

مسألة استجابة الدول الكبرى لما حققته الصناعة الإماراتية ليست مجاملة، فالثقة والخبرة العملية التي اكتسبتها دولة الإمارات في هذا المجال تجعلها قادرة على إقناع الزبون الغربي بما حققته من تقدم وتطور، بل واختراق تجربته في الصناعة العسكرية. وإذا كانت الصناعة العسكرية الإماراتية لها صيتها خارج المنطقة العربية، وخاصة في مجال بناء السفن الحربية وصناعة المسدسات و«البنادق»، وآخرها بندقية «سلطان» التي تنتجها شركة «كركال»، وكذلك تصنيع طائرات من دون طيار، فضلاً عن تطورها في مجال صناعة الذخائر، فإن اختراق السوق العالمية كفيل بأن يخبر الإنسان العربي بما حققته الإمارات من إنجازات تمنحه الفخر.

الإمارات تمتلك خبرات ومهارات وكفاءات، اكتسبتها خلال 25 عاماً الماضية، وهي كفيلة بأن تحدث انطلاقة عربية في مجال تصدير الأسلحة وبأن تكسر الصورة النمطية المرسومة في الذهنية الغربية عن العرب.

الاتحاد

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com