حدة ذكاء... وزير خارجية!
حدة ذكاء... وزير خارجية!حدة ذكاء... وزير خارجية!

حدة ذكاء... وزير خارجية!

نجم عبدالكريم

لو عاش في زمن شكسبير لكتب عنه أروع مسرحياته، واكتفى هنري كيسنجر بأن كتب عنه رسالته للدكتوراه كواحدٍ من أذكى السياسيين في عصره بل وكل العصور.

لكنني اليوم لن أقف أمام عصره، حيث كان يسود الظلم المروع لإرادة الإنسان في الحرية والكرامة، عصر الأوتوقراطية المتزمتة في الحكم الإلهي للأباطرة... بل سأتناول بعض مغامرات "ماترنيخ" العاطفية... فمع أنه كان أشهر وزير خارجية في العالم في فترة تغير خريطة أوروبا بعد غزوات نابليون بونابرت، فإنه كان يهندس لقلبه قبل هندسته للسياسة.

• كتب مؤرخ حياته – الكونت جونوالد: عندما كان فتى في العشرين هامت به النساء لأنه كان طويلاً سامق العود، أنيقاً كأنه في ليلة زفافه دائماً، وسيماً كأنه أبولو، ورغم عشقه للجميلة الحمقاء لورا برانتيس، فقد خفق قلبه بحبٍّ استلب حياته لماري كونستانس... وكانت زوجة شابة لمدرس اللغة الفرنسية في القصر الإمبراطوري النمساوي!... ومن شدة حماقته بحبها ذهب لزوجها وقال له: سيدي إنك متزوج من أجمل شابة في العالم... ولا أخفيك أنني متيم بها لدرجة الجنون!... وأتمنى أن تسمح لي بالتردد على بيتك، وأعدك أن يظل شرفك مصوناً، وهذه كلمة صادقة من نبيل من نبلاء النمسا.

• ولما غضب المدرس الفرنسي صارحته زوجته:

- ليس أمامك سوى خيارين... إما أن تطلقني، أو أن تسمح لماترنيخ بالتردد علينا في الدار.

- وإذا لم أفعل؟

- أنا سأتردد عليه حيثما يكون!

* * *

• كتب ماترنيخ في يومياته: "أحببت ماري كونستانس حباً صادقاً بكل ما يمتلكه الإنسان من رومانسية... أحببت قلبها الطاهر، وكانت تقول لي ويدي في يدها: إنني أعيش من أجلك يا حبيبي وليس لي من أمنية في الحياة إلا أن أفك قيودي من هذا الزوج الذي لا أشعر نحوه بأي عاطفة أو احترام، لأنه يعرف بحبي العنيف لك ويقبل البقاء معي، ويوهم نفسه بعدم خدش شرفه!... ومهما طال بي الزمن فلن يكف قلبي عن الخفقان بحبك".

• أثناء هذه السعادة الغامرة في حياة الفتى ماترنيخ احتلت قوات نابليون النمسا، بل كانت المدينة التي ولد فيها، وهي تحفل بثروات عائلته الإقطاعية الطائلة، من أول المدن التي سقطت... فأقسم: لأرغمن هذا القصير المغرور والقميء أن يدفع الثمن غالياً.

• وأبلغ نابليون أن الإمبراطور النمساوي أصدر قراراً بتعيين الأمير الشاب ماترنيخ سفيراً لبلاده في فرنسا... فقال:

- ماترنيخ؟!... أليس هو الفتى الوسيم، وعاشق زوجة مدرس اللغة الفرنسية في البلاط؟!

- نعم يا صاحب الجلالة.

- يقولون إنه وسيم جداً، ومولع بالجميلات... حسناً... سيجد في باريس ما يشغله عن السياسة.

* * *

• لكن ما حدث أن ماترنيخ قام بتزويج نابليون بابنة الإمبراطور، وحرر بهذا الزواج معظم الأراضي النمساوية... وعاش حتى الثمانين من عمره يعمل في السياسة، والحب... ودخل التاريخ من هذين الحقلين المتناقضين!

الجريدة

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com