ما أخشاه!
ما أخشاه!ما أخشاه!

ما أخشاه!

سليمان جودة

أبلغني الدكتور أشرف حاتم، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، أن سفره ضمن وفد تعليمي إلى لندن سيكون على نفقة المجلس الثقافي البريطاني، لأنه الجهة الداعية، وأن وزير التعليم العالي كان مدعواً، لكنه اعتذر، وأن كل الأسماء الأخرى الواردة في قائمة المسافرين فى الوفد، سيسافر كل واحد منهم على حسابه، ومن جيبه!

وأبلغني الدكتور على شمس الدين، رئيس جامعة بنها السابق، عضو الوفد المسافر، أن الدولة لن تتحمل شيئاً في تكلفة سفره، وأن السفر يجيء في إطار اتفاقية تعليمية، جرى توقيعها في نوفمبر الماضي، بين مصر وبريطانيا، تقدم الحكومة الإنجليزية من خلالها دعماً فنياً لتعليمنا، لمدة 15 عاماً، وأنه يتولى في الاتفاقية، ملف إعداد القيادات الجامعية!

وكنت قد استهولت أن يطير وفد من 17 شخصاً إلى العاصمة البريطانية، في وقت تدعو فيه الحكومة مواطنيها إلى أن يتحملوا معها ظروفنا الاقتصادية الصعبة، وكان تقديري أن المواطن لن يصبر على المعاناة التي تزداد يوماً بعد يوم في حياته، إلا إذا أحس، ثم رأى بعينيه أن المعاناة موزعة على الجميع، وأن المال العام في البلد يصادف مسؤولين يحافظون عليه فعلاً، ويحفظون له قدسيته، ولا ينفقون جنيهاً واحداً منه، إلا في مكانه الصحيح!

وقد تبين، بعد أن تناولت الموضوع لثلاث مرات، أن الوفد المسافر موزع بين ثلاث جهات: وزارة التربية والتعليم، والأعلى للجامعات، ومجلس النواب، وأنه لا أحد فى الوفود الثلاثة سوف يسافر على نفقة الدولة.

وإذا كان من المهم أن يشعر كل مسؤول بأن تبديد المال العام لا يمكن إخفاؤه من الإعلام، فالأهم أن يجد أي مسؤول يرتكب هذه الجريمة جهازاً مختصاً في الدولة يكشفه، ويحاسبه، ويقدمه للقانون على الفور!

وفي غمرة خطة ضغط الإنفاق العام التي أعلنها المهندس شريف إسماعيل، وأعلن إلزام وزارات الحكومة بها، فإنني أخشى ضغط الإنفاق المهم، وغير المهم، معاً، دون تفرقة بينهما، كما يحدث في هيئة الاستعلامات مثلاً هذه الأيام.. وهو ما سأعود إليه بإذن الله.

أخشى ذلك، وأتذكر وزيراً أسبق للثقافة، كان يلغى إقامة معارض الفنون المصرية في الخارج، ويحذف من أنشطة وزارته كل ما عدا النشاط الخاص بالكتاب، وكان يفعل ذلك، عن اعتقاد لديه، بأن الثقافة كتاب، وفقط، وكان يقول لمساعديه إن ما سوف يوفره تستطيع الدولة أن تشترى به جناحاً في طائرة، أو مدفعاً لدبابة، بدلاً من المعارض والكلام الفارغ!

أخشى هذا، لأن تبديد المال العام ليس فقط في إنفاقه في المكان الخطأ، ولكنه أيضاً في عدم إنفاقه في المكان الصحيح!.

المصري اليوم

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com