هل هذا الدوّي هو لخدمة كلينتون في معركتها الرئاسية؟!
هل هذا الدوّي هو لخدمة كلينتون في معركتها الرئاسية؟!هل هذا الدوّي هو لخدمة كلينتون في معركتها الرئاسية؟!

هل هذا الدوّي هو لخدمة كلينتون في معركتها الرئاسية؟!

راجح الخوري

حتى الآن لا شيء يوازي التهديدات الأميركية التي وصلت بداية الأسبوع إلى التلويح بتوجيه ضربات عسكرية محدودة إلى النظام، إلا تكثيف الحشد العسكري والصاروخي الروسي، في قواعد حميميم ومطار كويرس في ريف حلب ومطار خلخلة في السويداء، حيث تحدثت التقارير عن تركيز بطاريات صواريخ من طرازي «إس 400« و«300 «وعن حشد ترسانة من 196 صاروًخا يصل مداها إلى 300 كيلومتر، لكن مع وصول بطاريات «إس 300 ­ 4 «إلى قاعدة طرطوس قبل أيام، وهي الأحدث في المنظومة الروسية لمواجهة صواريخ «كروز» و«توماهوك»، بدا أن بوتين لن يتراجع عن المضي في الحل العسكري، وعن تحميل واشنطن مسؤولية سقوط الهدنة في حلب!

التقارير المتلاحقة عن اجتماعات محمومة تُعقد في واشنطن، كان قد بدأها مجلس الأمن القومي وسط امتعاض في أوساط البنتاغون ووكالة الاستخبارات من سياسة التراخي الأميركي، ومن تمادي النظام السوري في تدمير حلب، بقيت في حدود ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» يوم الثلاثاء الماضي، عن أن إدارة أوباما تدرس إمكانية التدخل المباشر إلى جانب المعارضة، وأن مسؤولين من وزارة الخارجية ووكالة الاستخبارات وهيئة الأركان المشتركة، ناقشوا تنفيذ ضربات عسكرية محدودة ضد نظام الأسد بهدف إجباره على تغيير نهجه لجهة الالتزام بوقف النار في حلب، ولجهة الالتزام بجدوى مفاوضات سلام جادة طويلة الأمد.

هذه الخيارات لا تزال سّرية لكن «واشنطن بوست» نسبت إلى أحد الضباط المشاركين في النقاش قوله: «لقد جرت مناقشة مجموعة من الخيارات، وبينها تنفيذ غارات على مدارج القوات الجوية السورية من خلال استخدام صواريخ (كروز) وغيرها من الأسلحة بعيدة المدى، تُطلق من طائرات وسفن التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة»، ويأتي هذا في حين لا تبدي الدول الأوروبية في التحالف المذكور أي حماسة للانخراط في عمل عسكري قد يؤدي إلى نزاع كبير!

التحفظ الأوروبي ليس نتيجة التحذير الروسي قبل أيام، من أن أي عمل عسكري ضد النظام السوري سيؤدي إلى تطورات مزلزلة في الشرق الأوسط، بل لأن المسار الطويل لتعامي الإدارة الأميركية عن الأزمة السورية، وإصرار أوباما دائًما على رفض الانخراط مباشرة في النزاع وإرسال جنود أميركيين إلى الميدان، وتصميمه الواضح على أن ينهي ولايته دون الاضطرار إلى السير ولو نسبيًا على خط سلفه جورج بوش الابن في الحروب الخارجية، ثم حذره من الانغماس في النزاع عشية الانتخابات الأميركية، كلها عوامل تدخل في الحسابات البريطانية والفرنسية والألمانية والإيطالية، ولا بد من أن يكون الأميركيون قد لمسوا جيدًا هواجس حلفائهم الأطلسيين في الاجتماع الذيُعقد في ألمانيا يوم الأربعاء، حيث تقدم الحديث عن فرض عقوبات اقتصادية على روسيا والنظام السوري كل ما قيل في واشنطن عن عمل عسكري.

لم يغاِل تشارلز كراوثامر، وهو واحد من أبرز المحللين السياسيين في واشنطن، عندما كتب قبل أيام أن النظام السوري وحلفاءه ينفذون الآن استراتيجية واحدة في سوريا وخصوصا في حلب، من القضاء على المستشفيات ومحطات المياه، وهم يعلمون جيدًا أن أوباما لن يحرك ساكنا، يكفي في هذا السياق أن يراقب المرء شريط المواقف الأميركية المتناقضة، وقد عكستها تصريحات البيت الأبيض والخارجية في الأيام العشرة الماضية.

قبل ظهر الثلاثاء الماضي قال كون كيربي المتحدث باسم الخارجية إن الولايات المتحدة قررت تعليق اتصالاتها مع موسكو، حول التوصل إلى اتفاق لوقف النار بسبب تصعيد الروس والنظام السوري الهجمات على المناطق المدنية في حلب. وبعد ساعات، جاء تصريح جوش إرنست المتحدث باسم البيت الأبيض ليقول: «إن الوضع في حلب بات مأسويًا.. إن صبر الجميع على سوريا قد نفد، ولم يعد هناك ما يمكن أن نتحادث به مع روسيا»، لكن سرعان ما تراجع كيري 180 درجة، وأعلن في مؤتمر صحافي في بروكسل أن أميركا ستعمل مع روسيا على إحياء وقف النار في سوريا التي تتعرض لأسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، مذكًرا بأن النظام لا يتردد في استخدام السلاح الكيميائي ضد مواطنيه.

ويشّكل الاجتماع الذي عقده كيري مع وفد ضم عشرين شخصية من المعارضة السورية على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، دليلاً على حقيقة سياسة البيت الأبيض الذي لا يمانع على ما يبدو في دعوة المعارضة إلى ما يشبه الاستسلام!

صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي تسجيلاً صوتيًا لكيري بُّث على موقعها على الإنترنت، ويكشف كواليس القرار الأميركي حول سوريا، وعلقت مجلة «تايمز» على التسجيل ومدته 40 دقيقة بالقول إن كيري عبّر عن مرارته مما يجري ومن عجز الإدارة الأميركية في التعامل مع الأزمة.

عقد الاجتماع يوم 22 سبتمبر، داخل مقر البعثة الهولندية في الأمم المتحدة، حيث أكد كيري أنه فقد الحجة داخل إدارة الرئيس أوباما بالتلويح بالعمل العسكري لدعم الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها لوقف إراقة الدماء، كما جزم أن الكونغرس لن يوافق على استخدام القوة، نظًرا لمعارضة كثير من الأميركيين «إرسال شبابنا إلى سوريا ليقتلوا».. و«إذا تدخلت واشنطن عسكريًا بشكل أكبر في سوريا سوف يتأجج النزاع، مما سيدفع روسيا وإيران إلى التورط أكثر... وسيتم القضاء على المعارضة جميعها أيًا تكن».

هل هذا على سبيل التيئيس ودفع المعارضة إلى الإحباط تمهيدًا لتقديم نصيحة غريبة إلى وفد المعارضة الذي مثّل أربع مجموعات كبيرة، فقد أعرب عن اعتقاده بأن «على المعارضة القبول بخوض انتخابات يشارك فيها الأسد، فهذا أفضل أمل للسوريين بالحل السياسي، تمهيدًا لمشاركة المعارضة في حكومة انتقالية تليها انتخابات تترك للشعب السوري أن يقرر مصيره»!

هكذا بالحرف وفقًا للتسجيل بصوت كيري، فماذا «عدا مما بدا» لكي تتوالى في واشنطن تصريحات تلوح ببدائل من الدبلوماسية تبدأ بالعمل العسكري ضد النظام، وتنتهي بالحديث عن عقوبات ضد دمشق وموسكو مع مؤشرات غامضة عن اتجاه لتسليح المعارضة، أم أن كل هذا الدوّي هو لخدمة هيلاري كلينتون في معركتها الرئاسية؟!

الشرق الأوسط

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com