«عقدة» تحرير الموصل: اسأَل عن .. تركيا !
«عقدة» تحرير الموصل: اسأَل عن .. تركيا !«عقدة» تحرير الموصل: اسأَل عن .. تركيا !

«عقدة» تحرير الموصل: اسأَل عن .. تركيا !

محمد خروب

فيما تتزايد المؤشرات (اقرأ التصريحات) عن قرب بدء معركة تحرير الموصل، وفيما يبذل الجيش العراقي والقوات الرديفة, جهودا واضحة في سبيل إضعاف داعش, عبر تطهير مراكزها المُتقدِمة في البلدات والقرى القريبة من عاصمة محافظة نينوى، تمهيدا لإحكام الطوق على المدينة التي تشكل المعقل الاخير لداعش في العراق، رغم المخاطر الماثلة بامكانية «هرب» قواته نحو الرقة السورية، كون الحدود العراقية – السورية «سائبة» يصعب اغلاقها, بعد ان اوجد داعش لنفسه خطوط اتصال بريّة نحوها.

نقول: في اطار ذلك يبرز العامل التركي المُعطِّل لتلك الجهود, والذي بدأ يأخذ ابعادا خطيرة وواضحة تكشف، ضمن امور أخرى, حجم المخطط «العثماني» الاستعماري الذي يسعى اردوغان الى تحقيقه, تحت عناوين برّاقة ولكن تقسيمية تفوح منها رائحة المذهبية والطائفية, التي اصبحت السلاح «الاخير» بيد العثمانيين الجدد في أنقرة، وخصوصاً إثر فشلهم في مشروع الهيمنة على سوريا، رغم ما حققه الغزو الاستعماري التركي مؤخرا في الشمال السوري, والذي تسربل تحت عنوان «درع الفرات» واتخذ ذريعة محاربة الارهاب الداعشي والكردي (...) كي «يحاول» فرض نفسه على المشهد السوري.

يقول الرئيس التركي كاشفا في شكل صريح عن نياته الاستعمارية: يجب ان تكون أنقرة «على الطاولة» وان لا تكتفي بالمراقبة .. وستكون – يضيف اردوغان – حاضرة في معركة الموصل. واذا كان «منطق» اردوغان او احبولاته في الشأن السوري، يمكن ان «تمشي» على بعض السذج, كونها ارتبطت بذريعة ان داعش يُهدّد الحدود الجنوبية السورية، وان «الارهاب» الكردي يُعرِّض الامن القومي التركي للخطر، فكيف لمنطق كهذا ان «يمشي» في مسألة الموصل البعيدة «جداً» عن الحدود التركية؟ وان كان «مسمار» بعشيقة, قد تم استغلاله بنجاح حتى الان، مرّة بذريعة تدريب قوات البشمركة الكردية العراقية, والان – ودائما – في إظهار الحرص التركي على سُنَّة العراق, من العرب والكرد وخصوصاً التركمان، الذين «يجب ان يبقوا في الموصل بعد تحريرها من داعش»، كما قال اردوغان, الذي أعلن ذلك بوضوح, مُحدِّداً المُنْتمين للمذهب السُنُّي «سكاناً وحيدين»... للحدباء.

واذا ما ربط المتابع بين تصريحات ارودغان «الاخيرة» حول اتفاقية لوزان التي تم توقيعها في العام 1923، تلك التصريحات التي اثارت غضب المعارضة التركية وفي مقدمتها حزب الشعب الجمهوري, الذي قال زعيمه كمال يلتشدار اوغلو: بأنك يا سيد اردوغان في منصبك، بفضل اتفاقية لوزان التي تتنكر لها الان. فاننا امام محاولة اردوغانية واضحة لاعادة رسم خرائط جديدة في المنطقة، لا تتعلق فقط بجزر «بحر ايجة»اليونانية, التي اعاد الرئيس التركي الحديث عنها، بل هو في حقيقة الأمر يقصد «الجنوب العربي» لبلاده، سوريا و العراق، فهو في سوريا يواصل الحديث عن الخمسة آلاف كيلومتر مربع, التي يريد لجيشه الغازي ان يبقى فيها حتى تحقيق «الاهداف» التي من أجلها اطلق عدوان درع الفرات (في ظل حديث بدأ يعلو عن اقامة كيان «تركماني» في تلك المنطقة، وان كان مغلّف بذريعة المنطقة الآمنة التي يحلم باقامتها هناك، بمساندة جيش «لحدي» قوامه 65 ألف جندي «سوري» تُدرِّبه المخابرات التركية... حالياً).

هو إذاً... مشروع تقسيمي تركي بمشاركة ودعم وتواطؤ بعض العرب، في ظل صمت اميركي هدفه الاستفادة من كل التجاذبات والتراشقات والاتهامات الغاضبة الدائرة الآن والآتية خصوصاً من الجانب العراقي, الذي اتخذ برلمانه قبل يومين قرارا برفض بقاء القوات التركية في بعشيقة وتدعو حكومة العِبادي الى سحب سفيرها من انقرة وطرد السفير التركي في بغداد، ومقاطعة البضائع والسلع التركية،في الوقت الذي هدد فيه العِبادي بالذهاب الى مجلس الامن لوضع حد للتدخل التركي في بلاده. حتى أنه تَحَدّْث»العِبادي» عن احتمال اندلاع حرب «إقليمية».

صحيح ان بعض القوى العراقية التي ترفع راية المذهبية, لا تتردّد في اعلان تأييدها للمشاركة التركية في تحرير الموصل, وخصوصاً الاخوين النجيفي، اسامة واثيل, كذلك طارق الهاشمي نائب الرئيس السابق «اللاجئ» في تركيا، الا انه ايضا ثمة غالبية سُنيّة غير متحمسة للمشروع التركي الذي يُحيي مخاوف قديمة بعد الحديث عن اتفاقية لوزان التي «خسرت» فيها تركيا «ولاية الموصل» بضغط بريطاني,»مقابل النفط» ,وهي الولاية التي ضَمّْت في ذلك الوقت, مدن كركوك واربيل والسليمانية.. والموصل. تتغذي تلك المخاوف على التصريحات التركية «التهويلية»,التي تتحدث عن احتمال اندلاع خلافات مذهبية وعرقية «بعد تحرير الوصل,حتى ان وزير الدفاع التركي حذّر في وضوح «تهويلي»: من نزوح اكثر من مليون ونصف المليون عراقي نحو تركيا, الأمر الذي يعكس «حقيقة» ان تحرير الموصل مرتبط بتركيا بشكل مباشر... كما قال فكري آيشق!.

الشكوك تتصاعد في شأن المشروع التركي المُغطّى إعلامياً على الاقل, برداء مذهبي سُنيّ، والذي يُراد من خلاله احياء المشروع العثماني التقسيمي لبلاد العرب، والذي يسعى (بغير حساب دقيق او في عناد, سيُكلِّف اصحابه كثيرا) الى تجاهل ما افرزته «الميادين» في العراق وخصوصاً سوريا, فضلاً عن محاولته الاستفادة من الارتباك الاميركي لإدارة تستعد للرحيل، لكن المؤشرات تشي, رغم كل ما يُقال, بأن اردوغان سيدفع ثمناً باهظاَ جرّاء أطماعه ومشاريعه الاستعمارية التي لن تنجح... في كل الأحوال.

الرأي

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com