خبز أحمد زويل!
خبز أحمد زويل!خبز أحمد زويل!

خبز أحمد زويل!

سليمان جودة

عرفت الدكتور زويل لسنوات، كنت خلالها أراه كلما جاء القاهرة، وكان ذلك يحدث عاماً بعد عام فى فندق سميراميس، حيث كان يحب أن يقيم، أو فى الحسين حيث كان يحب أن يذهب، أو فى بيته الجميل فى الهرم.

وفى كل المرات، كان التقدير له حاضراً، وكان الإقرار بقيمته العلمية الرفيعة واجباً.

ثم جاءت سنوات أخيرة قليلة، انقطعت فيها الصلة تماماً، وكنت حزيناً على انقطاعها، لولا أنه هو الذى قطعها، لمجرد خلاف معه فى الرأى، حول الطريقة التى راح يتعامل بها مع ملف جامعة النيل!

كانت الجامعة قائمة ولاتزال، وكان هو يريد أن يقيم مدينة علمية كبرى تحمل اسمه، وكنت مع غيرى ندعم فكرته لأبعد مدى، وكنت أدعو الدولة إلى أن تدعم فكرة مدينته بكل ما عندها من إمكانات، إلى أن تتجسد أمامه، وكنت أدعو كل مصرى قادر إلى أن يدعمها بكل قوة ممكنة، وكان الخلاف فقط حول مكانها.. هل تقوم فى مكان الجامعة ذاته، فتختفى جامعة لتظهر مدينة، أم تقوم فى مكان آخر، فنكسب الجامعة والمدينة معاً؟!.. وكنت أرى أن البلد يمكن جداً أن يتسع للكيانين باعتبارهما كيانين علميين كبيرين، وأن الدولة التى تمتد مساحتها لمليون كيلو متر مربع، لن تضيق فى وجه رجل فى قامة أحمد زويل، يريد أن يؤسس لمدينة يتصورها فى بلده، وأنه لا مبرر أبداً لأن تقوم المدينة فوق أنقاض الجامعة.. بل يمكن أن تقوم المدينة إلى جوار الجامعة.. هذا كل ما فى الموضوع!

وكان هو لا يتقبل ذلك، وكان يدهشنى أن يكون الرجل الذى حاز نوبل، أرفع جوائز الدنيا، غير قادر على أن يستوعب رأياً يختلف مع رأيه.. ولكن هذا بالضبط ما حدث!

وكنت فى كل مرة أتعرض فيها للموضوع، أحرص على شيئين اثنين، أولهما ألا أتجاوز فى حقه بكلمة، لأنى أعرف قدره تماماً، وثانيهما أن أفرق بين قيمته العالية، وبين الاختلاف معه فى شأن يحتمل بطبيعته الاختلاف.

الآن.. وقد مضى إلى لقاء ربه، يبقى شيئان، أولهما أن عطاءه لا يجوز أن يتوقف عندنا بعد رحيله، لأنه عطاء من النوع الإنسانى، الذى لا يتوقف عند حدود، ولن يكون ذلك إلا بأن تكتمل مدينته كما أرادها، فهى مشروع وطن نحو نهضة يستحقها، قبل أن تكون مدينة تحمل اسم الرجل.

وثانيهما أن كتابه «عصر العلم» الذى صدر عام 2005، بتقديم لنجيب محفوظ، لابد أن يصدر عبر وزارة الثقافة، فى طبعة شعبية، معقولة الثمن، ليكون خبزاً فى أيدى الناس!

نقلا عن "المصري اليوم"

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

Related Stories

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com