«اللاثقة».. عام من الاتفاق النووي
«اللاثقة».. عام من الاتفاق النووي«اللاثقة».. عام من الاتفاق النووي

«اللاثقة».. عام من الاتفاق النووي

محمد خلفان الصوافي

أحدث دليل على أن النظام السياسي الإيراني لا يمكن الوثوق فيه خاصة في التعاهدات والالتزامات الدولية تقريران صدرا مؤخراً. التقرير الأول: من أعلى سلطة أممية في العالم، الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون»، يؤكد فيه أن اختبارات الصواريخ الباليستية لا تنسجم مع الروح البناءة للاتفاق النووي، الذي وقعته مع القوى الكبرى. التقرير الثاني: كشفت فيه الاستخبارات الألمانية معلومات عن استمرار النظام الإيراني في محاولاته للحصول على تقنيات نووية بطرق متعددة وعبر أشخاص غير إيرانيين، وسجل التقرير (140) محاولة إيرانية خلال عام واحد فقط. التقريران صدرا بمناسبة مرور عام على توقيع الاتفاقية النووية.

يبدو أن الغرب أصبح أمام لحظة الحقيقة، وبالتالي من الطبيعي أن يفقد حماسته تجاه أن تكون إيران دولة طبيعية في المجتمع الدولي، فحينما تحدث كل هذه التجاوزات في مرحلة «بناء الثقة»، فإن أمل الغرب في تغيُّر هذا النظام يكون محل شك، بل الأصل فيه هو القلق على مستقبل التعامل معه، الأمر الذي يعيد إلى الأذهان الصورة النمطية لتاريخ إيران في التعامل مع الآخر أيَّاً كان، على اعتبار أن جواره العربي يعاني من تمادي هذا النظام في سياساته التدخلية. وبما أن الغرب عموماً، والولايات المتحدة بالأخص، رفضا الأخذ بنصيحة حلفائهم الخليجيين حول مصداقية النظام الإيراني في أن يكون عضواً طبيعياً وإيجابياً فإن المأمول أن يكون هذان التقريران بمثابة «جرس إنذار» ينبه إدارة الرئيس أوباما بأن الطبيعي في هذا النظام، أنه يستغل أي مرونة دولية – قاصداً- بشكل خاطئ لأنه أمن العقوبة! وأن ما فعله هو حلقة واحدة في مسلسل طويل من عدم المصداقية في الالتزام بما يتفق عليه.

هناك حالة من التوتر الشديد في العالم من التعامل مع النظام في إيران، فالأغلب يتردد في التعامل معه لكن إدارة أوباما تحاول تشجيع (أو الضغط) على الشركات العالمية والمصارف الدولية من أجل التعامل معه، وهذا التوتر أساسه القلق من سلوكيات سياسيي إيران غير المدروسة في سعيهم نحو تحقيق طموحاتهم في «التمكن السياسي» داخل المنطقة وتصدير الثورة للعالم هو نظام يمتلك مهارة غير طبيعية في صناعة الأعداء، كما أن خبرة التعامل مع هذا النظام أثبتت أنه لا يعطي أهمية للاعتبارات السياسية الكبيرة التي تضمن للجميع الربح، بل لديه إصرار على «المعادلة الصفرية» حتى لو خسر هو كل شيء.

النظام الإيراني يعمل على تغيير الأشخاص دون تغيير في السلوك السياسي، حيث لا يوجد فرق بين عهد أحمدي نجاد المتشدد وحسن روحاني المعتدل سوى أن ملامح وجه الأول لم تكن توزع الابتسامات على عكس الآخر، هذا كل ما تغير في إيران على مدى أكثر من ثلاثة عقود. وبالتالي فإن الذين ساندوا توقيع الاتفاقية النووية باتوا اليوم مقتنعين بأن الحل الوحيد مع هذا النظام يكمن في اقتلاعه وتغييره بالكامل، خاصة أنه بات من شبه المؤكد أن ثمن استمرارهم في محاولة (إعادة تشكيله) ستطول، وسيعمل على استنزاف الكثير من الجهد والوقت وربما سيدر الكثير من الدماء لأن طموحاته تتعدى مسألة العيش الكريم للشعب الإيراني أو الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة والعالم.

في الواقع أنه بمجرد استبعاد العامل العسكري باعتباره الخيار النهائي في حالة عدم توقف إيران عن السعي نحو الحصول على البرنامج النووي، زاد من عنجهيتها وغطرستها وتماديها ضد دول الإقليم خاصة في العراق وسوريا، وبالتالي فالتقرير يمنح الغرب فرصة للحفاظ على ماء الوجه.

دول الخليج اختارت لنفسها طريقاً مختلفاً للتعامل مع النظام الإيراني بعد توقيع الاتفاقية النوية عندما أظهرت جرأة في التعامل معه لأنه الأسلوب الوحيد الذي يفهمه هذا النظام، سواء في اليمن عندما رجحت الجانب العسكري أو من خلال رسالة صريحة لتغير نظامها، حيث أعلن الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي السابق - يوم السبت الماضي من باريس- دعمه للمعارضة الإيرانية في إسقاط ولاية الفقيه.

النهج الخليجي الجديد مع إيران يوحي برغبة دول الخليج في الابتعاد عن أنصاف الحلول، فمحاولات التهدئة معه لا تعني سوى إعطاء المزيد من الفرص للتمادي، كما يفهم من النهج عن وجود رغبة في ضمان فعالية أكبر لاحتواء تمدد إيران في المنطقة.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com