ممنوع لمن هم تحت الـ 15 سنة !
ممنوع لمن هم تحت الـ 15 سنة !ممنوع لمن هم تحت الـ 15 سنة !

ممنوع لمن هم تحت الـ 15 سنة !

محمد الرميحي

ماذا جرى للدراما العربية ، هل تغير المجتمع الى هذه الدرجة ،واصبح المجتمع المصرى او العربى مشوها كما تعرضه معظم المسلسلات العربية فى رمضاننا هذا؟ ، ام ان بعض المبدعين العرب ضحلت قريحتهم و انفصلوا عن المجتمع، كى يقدموا لنا فى هذا الموسم هذا الكم من المسلسلات (المليئة بالفنتازيا) حتى الثمالة ؟ لدى أسئلة كثيرة فى هذا الموضوع، ولكن الاجابات قليلة، فعدا ندرة من الكتاب فى الصحف المصرية والعربية الذين تصدوا للظاهرة السلبية فى مسلسلات هذه العام التى نشاهد، الباقون اما صامتون او مؤيدون. قناعتى قديمة فما يعرض على الشاشة من افلام او مسلسلات ،بانها ليست بالضرورة ممثلة للمجتمع! و وصلت الى تلك القناعة بعد دعوة لبيتها من سنوات الى الهند، الدعوة كانت رسمية و اخذتنى الى اكثر من مدينة هندية مختلفة الثقافة و الديانة و النشاط الاقتصادي،وقتها كنت ابحث فى تلك الزيارة عن الهند التى شاهدتها فى الافلام الهندية التى كانت تملأ شاشات دور عرض دول الخليج ،ولكنى لم اجد تلك الهند، لم اجد اشكال الملابس المزركشة و لا انواع الرقصات الايقاعية الجميلة و المناظر الخلابة التى كانت تظهر فى تلك الافلام، و لا حتى الحسان من النساء او الوسيمين من الرجال ، عندما سألت قيل لى ان كل ذلك فى ( بلاتوه) الافلام، لان الشعب الهندى لديه القليل من وسائل الترفيه، فخلقت له السينما الهندية عالما خاصا يسعد به، يبكى ويتالم ومن ثم يفرح بفوز البطل وهزيمة الشرير فى جو مختلف عما يعانيه فى حياته اليومية . من ذلك الوقت اصبح لدى قناعة ان بعض ما يشاهد ليس بالضرورة طبق الاصل لما هو موجود.! انما ذلك شيء و مسلسلات رمضان هذا العام شيء اخر ، لقد فاقت ( الفانتزيا) على اى (فاتنزيا) هندية اخرى فى تاريخ العمل الفنى . بدا لى ان بلاتوه العمل الفنى فى مصر قد خلت من ملابس الشرطة ، على كثرة ما ظهر من شرطة فى المسلسلات ولا استثنى الا القليل النادر الذى يقول فيه الفقهاء ان ( لاحكم له).

كما ظهر لى ان المسدسات فى مخازن التصوير قد نفدت ايضا من كثرة مشاهد استخدام او التهيديد باستخدام المسدسات، لا يقتصر الامر على المسلسلات المصرية، لقد خرجت هذا العام من التداول المسلسلات السورية بسبب ما تتعرض له سوريا منذ سنين من مآسٍ انسانية وسياسية، ولكن ايضا مسلسلات انتجت فى الخليج لا تنتمى بالقطع للمجتمع الخليجى ، فيها الكثير من التضخيم وفيها الكثير من الصراخ و البكاء و فيها الكثير من ضرب الرجال للنساء ، الى درجة ان البعض يرى ان تلك شريحة اجتماعية غير موجودة. ولان المسلسلات المصرية هى السائدة هذا العام، فإن معظمها ايضا اصابه هذا الانفصام بين الواقع والخيال الجامح ، الموضوعية قليلة فيما بين ما يعرض وهو كثير . كمية العنف فى هذه المسلسلات غير مسبوقة، وهو ليس العنف المقبول الذى اعتدنا عليه، بل عنف القتل و تعليق البشر فى سقف غرفة التحقيق، عدا اختطاف وتعذيب حتى تحت سمع وبصر القانون! ، اما سباق السيارات وانقلابها السريع كما يحدث فى مسلسلات ( شيكاغو) الشهيرة فى السنوات الماضية، فهى الاكثر حضورا، كما بدا لى ان التليفونات النقالة قد عوضت الاتصال الانساني، فتم من خلال تلك الاجهزة معظم المؤامرات وكثير من الدسائس . كثير من مقاطع تلك المسلسلات ساذجة ولا تحترم عقل المشاهد، فالحاجة الى (المط) و ادخال مشاهد ليس لها علاقة بالسياق العام للقصة هى ما شاهدناه فى اكثر من عمل ، الى درجة انقطاع السياق . الخيانة جزء آخر من التشويق .

ليس ما شاهدناه هو ما يشبه الشعب المصرى، لا فى واقعه ولا فى آماله ، حتى ان كانت هناك فهى شريحة نزلت بالبراشوت على الشعب، لا تشبهه من قريب او بعيد، لا فى الديكورات ولا فى الملابس و لا حتى فى استخدام الكلمات الجارحة ذات المستوى المنخفض من التعبيرات فى الشتم الصريح الواضح . لست ضد الخيال فى العمل الدرامى ولكن ضد التضخيم فى الخيال الى درجة الوصول الى اللامعقول الذى يصرف المشاهد ولا يقدم له معنى حتى مبطنا لكل تلك الاحداث ، الدماء و السجون و الكلام المرسل ، كان من الافضل ان يكتب على هامش المسلسل (لا يجوز مشاهدته تحت سن الخامسة عشرة) !

حتى اشكال الناس اختلفت، اما ذقون كثة او شعر مربوط من الخلف او حلاقة شعر رأس على الصفر، نادرا ما تجد احدهم او احداهن تلبس ملابس ( خلق الله العاديين) الذين يمرون بك فى الشوراع او الاسواق ! اين الموضوعات الهادفة، موضوعات الكفاح التى يقوم بها البسطاء لصعود السلم الاجتماعى ، اى قيم التضحية و الصبر والمثابرة التى يمكن ان تقدم للجمهور زادا حضاريا و معرفيا فى شكل شهى ومقبول توفره التقنية الحديثة، ليس هناك مثل هذا !

الدراما صناعة يشارك فيها الاف البشر وتفتح بيوت كثيرة، الا ان المضى فى هذا العنف و هذه السذاجة فى العرض يعرض الدراما العربية للانقراض ، من منا اليوم يتذكر ( فوازير رمضان) قليلون، كانت فوازير رمضان بمثل مسلسلات اليوم امر لازم فى رمضان لا غنى عنه،ومع الايام انتهت فورة الفوازير ، خوفى ان تنتهى فورة المسلسلات بعد ان ينصرف عنها الناس بسبب هذا العنف و هذا (المط) فى الاحداث و تلك الاشكال العجيبة من البشر التى لا تشبه احدا فى الجوار.

ربما (طباخ ) المسلسل او كاتب الورق (النص) لم يعد معنيا به كما كان ، لقد رشح من خلال بعض المقابلات ان بعض الكتاب يكتب كما يتناول سحوره، اى يوما بيوم ،ويتدخل فى كتابة النص، المخرج والمساعد وربما الممثل الاول و الممثل الثانى وهكذا ،حتى يصل النص الى الشاشة فى الاخر مسخا لا لون ولا رائحة.

لقد ساعد فى هذا الانتشار غياب حقيقى للنقد، بل اصبحت برامج ( التوك شو) بسبب ايضا قلة فى الخيال، مجبرة على تعظيم تلك الاعمال الساذجة واستضافة الابطال للحديث عن تلك الاعمال ، مما يعزز الشكل السلبى فى نظر الجمهور .هل يستمر الناس على مشاهدة هذه الاعمال ؟ اشك فى ذلك ، خاصة لمن اوتى شيء من الذوق العام ، لانه ما ان يبدأ الناس فى اللقاءات المسائية حتى يتكرر السؤال هل تشاهد أيا من المسلسلات ،وياتى الجواب سريعا من اكثر من شخص ( لا يوجد فى مسلسلات هذا العام ما يشد حتى متوسط الثقافة) الكتابة على ( التساهيل) و الفهم الخاطئ لما يريده المشاهد المشبع بوسائل التواصل الاجتماعى ومتوافر لديه خيارات ترفيهية اخرى كثيرة من المفروض ان تجعل المنافسة افضل ، الا ان الامر لا يبدو كذلك.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com