كم بيروت في بيروت؟؟
كم بيروت في بيروت؟؟كم بيروت في بيروت؟؟

كم بيروت في بيروت؟؟

خيري منصور


لم يتبق على قيد بيروت من بيروت غير معالم عصية على الحذف، مكتبات عمر بعضها أكثر من سبعة عقود ودور نشر منها ما قضى ومنها ما ينتظر، وقبل أكثر من عشر سنوات كنا نشارك في ندوة لليونسكو ببيروت ودعانا الراحل الحريري إلى منزله في قريطم وأذكر أنه سألنا عما وجدناه جديداً في بيروت، وكان معي الصديق الراحل أبو عزمي (محمود الكايد) وهمس بأذني عبارة دفعتني إلى التردد في الإجابة.. ثم إلى الامتناع عنها. ذلك لأن الرجل الذي دعانا إلى منزله لا يتوقع على الإطلاق إجابة كالتي فكرت بها.


أما تذكري لكتاب غادة فسببه أنني أحسست بأن لا بيروت في بيروت. وهو الإحساس ذاته إزاء دمشق وبغداد وغيرهما من عواصمنا التاريخية وحواضر حضارتنا. فأنا لا أعرف كم تبقى من بغداد في بغداد ومن دمشق في دمشق؟


وقد يقول البعض أن لكل منا بيروته أو دمشقه وبغداده.. وجيلنا الذي عرف هذه العواصم في ربيعها الأخضر لا الأصفر يبحث فيها عن أناس لم يعودوا في هذا العالم وعن روائح انقرضت وتلاشت لتحل مكانها روائح جديدة تزكم الأنوف.


كانت بيروت ذات يوم نداهة العرب، وقبلتهم السياسية والسياحية والثقافية، لكنها بمرور الزمن أصبحت ضحية العرب جميعاً الذين تحاربوا فيها وليس من أجلها فأعادوا انتاجها بطبعة صحراوية.


وبيروت واحدة من أندر المدن التي تشم رائحة من يحبها فتعطيه مفتاحها، لكنها تبخل بهذا المفتاح حتى على من ينفق الملايين في ملاهيها وصالوناتها فما أشبه المدن الذكية بالنساء!

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com