«بن سلمان» وراء الرئيس!
«بن سلمان» وراء الرئيس!«بن سلمان» وراء الرئيس!

«بن سلمان» وراء الرئيس!

سليمان جودة

كنت أزور الدكتور عبدالقادر حاتم كثيراً فى بيته بالزمالك، وفي كل مرة، كان - رحمه الله - يطلعنى على ما كتبه عنه رجال المخابرات الإسرائيلية، دون أن يعرفوه!

ففى أثناء حرب 1973، والفترة السابقة عليها، كان حاتم هو الشخصية رقم 2 تقريباً فى الدولة، بعد الرئيس.. وخلال الأسابيع القليلة السابقة على الحرب، عهد إليه السادات بإعداد البلاد للمعركة، فأعد الرجل خطة متكاملة من التمويه، جعلت المسؤول عن مخابرات إسرائيل يكتب فيما بعد، أنهم فى تل أبيب كانوا يشعرون بأن رجلاً لا يعرفونه، ولا يرونه، كان يقف وراء السادات، وكان يجهز البلاد لما هى مقبلة عليه بامتياز، وكان بارعاً فيما يفعله، إلى حد أثار إعجابهم الذى لم يخفوه!

أتذكر ما كان الدكتور حاتم يرويه لي مراراً، كلما تابعت ما يجري في السعودية هذه الأيام، على يد الأمير محمد بن سلمان، مع فارق مهم، هو أن الأمير لا يمارس دوره إلى جوار الملك في الخفاء، ولا من وراء ستار، ولكنه يمارسه علناً، لأنه يتولى منصب ولي ولي العهد، الذي يجعله الرجل الثالث في المملكة، ثم إنه وزير الدفاع، إلى جانب مواقع أخرى لا تقل أهمية يتولاها، ومنها مثلاً أنه يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية الذى أنشأه الملك سلمان بمجرد أن تولى الحكم، فى يناير قبل الماضى.

فالأمير هو الذى أعلن يوم 25 إبريل الماضى رؤية بلاده لما سوف تكون عليه فى العام 2030، وهو الذى قال، صراحة، إن بلاده تستطيع أن تعيش دون نفط فى 2020!

وهى لن تعيش دون نفط، فى هذا التاريخ، إلا إذا كان عندها البديل الذى يتكلم عنه ولى ولى العهد منذ ما قبل 25 إبريل بكثير، ويقول إن هذا البديل سوف يتمثل سريعاً فى عائد غير نفطى يصل إلى 100 مليار دولار سنوياً!

وعندما تتأمل التعديل الوزارى الذى جرى فى السعودية، أمس الأول، تكتشف أنه لم يكن تعديلاً لمجرد التعديل، كما يحدث عندنا أحياناً، ولا لمجرد أن يأتى أشخاص جدد، فى مكان أشخاص ذهبوا!

لا.. لم يكن كذلك.. لأن وراءه فلسفة.. والدليل أن وزارة البترول مع وزيرها الجديد قد صارت وزارة للطاقة والصناعة والثروة المعدنية.. أما وزارة الحج فأصبحت وزارة للحج والعمرة.. وأما وزارة الزراعة فتحول اسمها إلى وزارة البيئة والمياه والزراعة.. وهكذا.. وهكذا!

والمعنى أن الإعلان عن 2030 لم يكن كلاماً، وأن الوصول إلى 2030 ببلد لا يعتمد على النفط، كدخل أساسى، يحتاج إلى أدوات تنفذ استراتيجية محددة وصولاً إلى الهدف، ولن يكون هذا ممكناً إلا إذا أدركت الوزارات القائمة أن دورها فى الاقتصاد الوطنى، وفى تعظيم الدخل له، يختلف فيما بعد 25 إبريل عنه قبل هذا اليوم تماماً.. وهذا بالضبط ما يقوله التعديل الجديد!

نبحث عن رجال من نوعية ولي ولي العهد السعودي حول الرئيس، فلا نكاد نقع على أحد.. ونبحث عن رجال وراء الرئيس يتحركون ويفكرون بالطريقة التى يتحرك ويفكر بها رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية فى الرياض، فلا نكاد نعثر على اسم، مع أن السيسي هو أحوج الناس إلى أن يكون وراءه عشرة من نوع «بن سلمان»!

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com