أغلقوا هذا الباب!
أغلقوا هذا الباب!أغلقوا هذا الباب!

أغلقوا هذا الباب!

سليمان جودة

حين دعت نقابة الصحفيين إلى اجتماع لأعضائها يوم الثلاثاء الماضى، قالت إنها تدعوهم لعقد جمعية عمومية لتناقش الأزمة بينها وبين وزارة الداخلية.. ثم تبين فيما بعد أن الدعوة كانت لاجتماع وليس لجمعية عمومية، مع ما بين الاثنين من فارق كبير للغاية يعرفه تماماً أهل الشأن، وهو ما كان على النقابة، ابتداءً، أن توضحه أمام كل عين، وألا تسمح لأى لبس أن يتداخل معه، حتى لا يقع عضو النقابة المدعو للاجتماع، أى عضو، ضحية لأى خداع من أى نوع!.

وفى نهاية ذلك اليوم صدرت قرارات عن الاجتماع، قيل للإعلام فى عمومه عنها إنها قرارات صادرة عن جمعية عمومية، وهو أيضاً ما لم يكن صحيحاً، لأن الفارق بين أن تصدر القرارات من اجتماع للصحفيين، وبين أن تصدر عن جمعية عمومية لهم، كالفارق بين السماء والأرض.. وقد كان واجباً على النقيب، وعلى الزملاء فى مجلس النقابة، أن يقولوا يومها، دون أى حرج، إن هذه قرارات صادرة عن اجتماع لا عن جمعية عمومية، ولكن شيئاً من هذا لم يحدث، لسبب غير مفهوم حتى الآن!.

ولأنه لم يحدث، فإن أغلب الجدل الذى دار حول القرارات لم يتناول القرارات نفسها، ولم يتوقف عند مضمونها، بقدر ما توقف عند طبيعة الجهة التى صدرت عنها القرارات.. هل هو اجتماع أم جمعية عمومية؟ فأصبح جدلاً عقيماً فى النهاية، وكان الوقت الذى أنفقه فيه أصحابه وقتاً ضائعاً فى كل الأحوال!.

الجدل الذى دار حول الموضوع، فى هذه الحدود، كان بالتالى حول الشكل.. لا المضمون!.

أما المضمون، فأهم ما استوقفنى فيه أن الذين حضروا الاجتماع، ثم صدرت القرارات عنهم، أعلنوا أنهم يرفضون أى تدخل رسمى من خارج البلد فى الأزمة.. وكان معنى هذا أنهم يرحبون بالتدخل غير الرسمى، ويدعون أصحابه إلى المجىء ولا يجدون فيه شيئاً!

وتقديرى أن الرفض لابد أن يشمل التدخل بكل أنواعه، رسمياً كان أو غير رسمى، لأنه قد ثبت لنا من وقائع كثيرة أن التدخل بكل أنواعه لا يكون بريئاً فى كل أحواله، ولا لوجه الله فى كل أوضاعه!.

لقد سارع جون كيرى، وزير الخارجية الأمريكى، بإطلاق تصريح مساند للنقابة فى أزمتها مع الداخلية، وإذا ظن أى شخص، فى أى موقع بيننا، أن خروج التصريح من الوزير الأمريكى كان من أجل صالح النقابة، أو كان دعماً لحرية الصحافة عندنا عموماً، فسوف يكون فى غاية السذاجة.. فالتصريح فى حقيقته هو نوع من الكيد للنظام الحاكم عموماً، وللرئيس خصوصاً، لا أكثر!.

التدخل غير الرسمى يأتى فى غالبية أحواله، إذا لم يكن فيها كلها، ليمثل ذراعاً للتدخل الرسمى بكل أشكاله، ولا يكون بريئاً أبداً، ويظل يلعب لحسابه، أو لحساب غيره، مهما كان شكله جميلاً أمامنا، ويظل مكشوفاً، مهما كان عدد الأقنعة فوق وجهه، فلا تفتحوا هذا الباب مطلقاً، لأن إغلاقه كاملاً، رسمياً وغير رسمى، أفضل تماماً، ولأن مؤسسات التدخل غير الرسمية ليست جمعيات خيرية.. ولن تكون!.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com