ذاكرة العضلات
ذاكرة العضلاتذاكرة العضلات

ذاكرة العضلات

سمير عطا الله


طلب أولا الأشعة. ثم التخطيط. ثم دخول نفق المغناطيس. وبعدها قال لي إن في الإمكان التوصل إلى بعض «التحصيل» ولكن.. وهذه «اللاكن» دائما مرعبة عندما يكون المتحدث طبيبا، فسألته ملهوفا: «وما بها لكن هذه». قال: «لا شيء، لكن أحب أن ألفت نظرك أن للعضلات ذاكرة»! ماذا؟ كرر «للعضلات ذاكرة. لقد اعتادت عليك سنين طويلة وأنت ترغمها على وضع معين. والآن عليك أن تملأ ذاكرتها وضعا جديدا. وهذا ليس سهلا».


قلت «هل تقرّعني أم تمازحني، كيف للعضل ذاكرة»؟ قال «للإنسان والجماد والأنهر ذاكرة. والذاكرة ليست دائما خلايا. إنها أحيانا حصى أو تراب أو عضل. لذلك، عندما تحوِّلها عن مسارها أو تملؤها فوق سعتها تتفجر. التواء عنقك مجرد عمل ذاكرة. ولن يكون في إمكانك أن تضحك عليها في يوم واحد. يجب أن تدرِّبها من جديد، على أنه يحلو لك أيضا أن «تحصِّل» وأنه لم يكن في خطَّتك أبدا أن تحدودب، وأن كل ما حدث إنما وضع بطريق الخطأ والإهمال وتفضيل القراءة مع الألم على الاستراحة وتأمل الأشياء عن بعد». وقال الطبيب (أمثولة أخرى) عندما تشعر أنك قد تغيب عن الوعي انظر فورا إلى البعيد وليس أمامك. أي أن الرؤية وعي. سواء كان جسمانيا أو ثقافيا أو روحيا.


عندما لا تنظر إلاَّ إلى تحت أمامك، تفقد الوعي، وإذا لم تصغ لن تتعلم شيئا. وإذا اعتبرت أن تصحيح كل خطأ هو إهانة شخصية لك فسوف تمضي العمر متنقلا بين الأخطاء. حتى الثور يتعلم أن يحيد عن الالتواء. أو بالأحرى حتى العضلات لها ذاكرة. حاول أن تدربها على الوضع الصحيح للعنق وسوف تتعلم. حتى الجماد يتدرّب على أن يتعلم. حتى الفيلة تتدرب على الرقص. حتى الببغاء يأفف من ترداد الكلام التافه. كل ما يقتضي الأمر منك هو أن تتواضع قليلا وأن تحاول الإصغاء. ولو لم تسمع.

الأكثر قراءة

No stories found.


logo
إرم نيوز
www.eremnews.com