هل اللاجئ المسلم همجي؟
هل اللاجئ المسلم همجي؟هل اللاجئ المسلم همجي؟

هل اللاجئ المسلم همجي؟

مشاري الزايدي

أثارت جريمة التحرش بنساء في مدينة كولون الألمانية ليلة رأس السنة الفائتة، جدلا كبيرا في ألمانيا، بل الغرب كله، بخصوص النظرة التقليدية لشخصية المسلم، تحديدا المسلم العربي.

اتهم الإعلام الألماني، وردد ذلك اليمين الألماني، شبانا من «اللاجئين» المسلمين بارتكاب تلك الجريمة، وقالت صحيفة «بيلد» تعليقا على ذلك، إن هناك فرقا كبيرا في «الروح» بين الحضارة الغربية والمسلمين، يتمثل بشكل خاص في احترام المرأة.

سال كلام كثير من أفواه كثيرة، حول جريمة رأس السنة بكولون، وصل الكلام عليها لأفق الخلاف الحضاري والنزاع على قيادة الإنسانية، عوض حصر الجريمة في إطارها الطبيعي، دون التورط في كلام عنصري خطير، يعقد المشكلة أكثر مما قد يحلها.

الشرطة الألمانية في بياناتها الأولى بادرت لنفي هذه الأحكام المسبقة، مؤكدة أنَّ الجناة لم يكونوا من اللاجئين، بل هم مجرمون معروفون للشرطة، ولديهم الكثير من السوابق.

حتى لو كان الجناة من اللاجئين السوريين أو غيرهم، وهذا وارد، بل وأقرب للواقع، فهل يعني هذا التشبث بجزء من الصورة، وإشاحة النظر عن كامل الصورة.

كامل الصورة يقول إن عشرات الآلاف من الأسر الهاربة من جحيم الحرب السورية، هي عينة من بقية المجتمع، الذي فيه المحترم، وفيه السافل، وفيه المنفلت، وفيه المتحضر، فلا يدان المجموع بذنب الجزء.

أوروبا تعيش خوفا على هويتها، جراء تدفق اللاجئين ليس من سوريا فقط، بل من أكثر من بلد مسلم، وغير مسلم حتى، لأنهم يجدون في أوروبا الأمان والضمان، لكن ذعر الأوروبيين ومن خلفهم الغرب كله ليس بسبب الضغط الاقتصادي، فتركيا والسعودية والأردن تستضيف من السوريين أضعاف ما لدى الأوروبيين. خوف الأوروبيين خوف يغرف من مياه التاريخ الوسيط، تاريخ الحروب بين المسلمين وأمم أوروبا، وما قرون الحرب الصليبية والحروب العثمانية عنا ببعيد.

بابا الفاتيكان أفصح، بفلتة لسان نادرة عن هذه «الروح» حين أبدى قلقه من «الغزو العربي» لأوروبا، بسبب قضية اللاجئين السوريين، ثم حاول لاحقا تخفيف الكلام.

في جذور هذا الوجل الأوروبي يشير جمهرة مؤرخين، من المسلمين والأوروبيين، لعصر الحروب الصليبية كمكون للذاكرة الأوروبية المتوترة تجاه المسلمين. والعكس صحيح.

ليس الغرض من هذا الاستعراض كله نفي أن يقدم بعض الجانحين من شباب اللاجئين على جرائم ما في أوروبا، هذا يحصل فعلا دوما، لكن الغرض هو أنه من الحمق، عمليا، والانحدار أخلاقيا، حشر كل الناس بصورة واحدة، هذا يزيد المشكلة، ويرضي غلاة المسلمين والمسيحيين.

مأساة سوريا كشفت المستور.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة إرم نيوز

الأكثر قراءة

No stories found.
logo
إرم نيوز
www.eremnews.com